كما كان متوقعاً منذ اشتباكات المية ومية في شهر تشرين الأول الماضي، بدأ المخيم منذ مساء أمس بالتحول إلى حي مدني من دون مظاهر مسلحة. بعد انتشار الجيش عند مدخله وخروج الأمين العام لحركة أنصار الله جمال سليمان إلى سوريا، اكتمل المشهد الذي كان حتى أيام قليلة، حلماً ينادي به أهالي بلدة المية ومية، ومخططاً يؤرق سكان المخيم الذي يعتبره بعضهم جزءاً من مؤامرة التوطين وتطويق حق العودة. لكن توالي الاشتباكات العنيفة بين أنصار الله وفتح وتطاير قذائفها نحو المحيط، سهل تنفيذ قرار الجيش ومنحه غطاءً سياسياً من مختلف الأفرقاء، حتى تلك الداعمة لبعض الفصائل.وفق مصادر فلسطينية أمنية، بدأ كل من أنصار الله وفتح وحماس بإزالة الدشم والحواجز العسكرية والمظاهر المسلحة من المقار وجمع السلاح من عناصرها وتوضيبها في المستودعات التابعة لكل منها والطلب من تلك العناصر نزع البزات المرقطة وتسليم أسلحتهم. وينص الاتفاق على تحويل المقار إلى نواد مدنية، ثقافية أو رياضية أو سياسية. أول منفذي الاتفاق كان قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب الذي أشرف على الانضواء الفتحاوي الجديد في كنف الدولة. تبعه حماس وأنصار الله اللتان اتفقتا على تكليف حارس للمستودعات لضمان الالتزام بالاتفاق. ماذا عن الجيش؟ وفق المصادر، لن يتمدد الجيش قريباً داخل أحياء المخيم كما فعل عند مدخله إثر الاشتباكات الأخيرة عندما تسلم حاجز الكفاح المسلح وانتشر في مقره. «سوف يكتفي في المدى المنظور بالانتشار الثابت حول المخيم، على أن يسير دوريات مؤللة بشكل دائم».
من المنتظر أن تتم الفصائل يوم غد إجراءات التحول إلى المدنية. وعليه، يكون رئيس الجمهورية ميشال عون قد صدق بوعده لأهالي المية ومية بجعل المخيم منطقة آمنة لجواره. ماذا عن الوعود الأخرى باسترداد الأملاك التي يشغلها اللاجئون الفلسطينيون؟ تشير المصادر إلى أن ما حصل أمس «سوف تتبعه خطوات أخرى ليس بعيداً عنها نزع السلاح كلياً». بالنسبة إلى ملف أراضي سكان المية ومية التي ضمت على نحو تدريجي للنطاق الأمني للمخيم، فإنه يدرس على أكثر من صعيد، من اللجان النيابية إلى قيادة الجيش والكنائس.