تونس ــ نبيل درغوث

«محاكمة كلب» قريبة من عالم محمد شكري
بدأ الناقد التونسي محاضرته بوقفة نظرية حول جنس أدبي حديث هو التخييل الذاتي، وعاد بنا إلى مؤلفات سيرج دوبروفسكي وقصّة ظهور مصطلح «التخييل الذاتي» ومشاكله. إذ اعتبره مصطلحاً جديداً يسعى النقّاد إلى الاعتراف به كعلامة دالة على جنس أدبي جديد يقع بين الكتابة الروائية التخييلية والكتابة السير ـــــ ذاتية. وقال كمال الرياحي إنّ هذه المنطقة من الكتابة ما زالت بكراً في المشهد السردي التونسي، وقد افتتحها عبد الجبّار العشّ في نصّه الجديد. السرد في «محاكمة كلب» يأخذ طابعاً التفافياً حول صاحبه. بمعنى أنّ الكاتب في سرده للأحداث ينطلق من تجربته الحياتية الخاصة ويعود إليها. وكشف الرياحي أنّ هناك تطابقاً بين شخصية الراوي وشخصية الكاتب. هكذا، انعطف عبد الجبّار العشّ على سيرته المؤلمة يكشفها في جرأة عجيبة ليكشف للقارئ أنّه ابن بالتبني وقد توسّل ذلك عبر تقنية «التخييل الذاتي» واختار السرد الالتفافي أسلوب كتابة ليقدّم نصّاً أدبياً جريئاً وصادماً لم تعتده الساحة الإبداعية التونسية. وشبّه الرياحي جرأته بجرأة محمد شكري وجان جينيه وهنري ميللر وتينسي وليامز.
ورأى أنّ اختيار المحكمة فضاءً تجري فيه أحداث الرواية كان اختياراً محكماً بصفته الفضاء النموذجي للاعتراف.
وعن أسباب اختياره روايةً تونسيةً لبحثه، أكّد كمال الرياحي أنّه ليس من دعاة تَونسة النقد لكنّ دوافعه كانت فنية بحت. إذ يلاحق النصوص الروائية الجيدة إن كانت تونسية أو غير تونسية وهو ما تكشفه بحوثه الأخرى التي تناولت أعمالاً روائية مغاربية وعربية.