الفرق بين «الجناح العسكري» والجناح السياسي لحزب الله تبرّره إرادة الحفاظ على الدولة بحد ذاتها، فالحزب جزء من التمثيل الوطني ومن الحكومات في معظم الأحيان. لكنّ إغفال صيغة لبنانية كلية الوجود تتضمن على وجه التحديد «الجناح العسكري» لحزب الله: هذا ما يُسمى عادة «معادلة الجيش والشعب والمقاومة». يتعلق الأمر بتوزيع الأدوار الذي يربط بالتالي، وبشكلٍ مباشر، الجيش بالجناح العسكري لحزب الله. بحسب الفترات الزمنية، إنها عقيدة شبه رسمية. بالإضافة إلى ذلك، تنتقد أحزاب المقاومة بشدة الرئيس الحالي ميشال سليمان لأنّه طعن بهذه العقيدة عام 2012. يندّد، المشتبه بهم العاديون، اللبنانيون بهذه العقيدة باعتبارها مجرد هراء لا داعي حتى لمناقشته، لكنها تبقى عنصراً رئيسياً في التوازنات اللبنانية.ــ على الرغم من أنّ الرئيس الحالي ينأى بنفسه نسبياً عن هذه العقيدة، لن يكون أمام الرئيس المقبل خيار إلا تبنيها إن أراد أن يكون موضع توافق كافٍ ليتم اختياره؛ أقله من أجل انتخابه.
ــ لا شك في أنّ هذه العقيدة تسبب انقساماً كبيراً في لبنان، لكن ينبغي ألا نشك في أنّ شريحة كبيرة جداً من الشعب تتبناها. والواقع أنّ قلة قليلة من الناس تنتقد على نحو جاد حزب الله كمقاومة. بالمقابل، ينتقد مؤيدو الحزب بشدة نشاطه السياسي، ويصبح عرضة للمهاجمة عندما يتحوّل عن دوره الجليّ المتمثل في المقاومة (أحداث عام 2008، التورط في سوريا).
ــ تشرّب الجيش اللبناني هذه النظرية جيداً، وهو «صامد» بفضل المعنويات الجيدة للجنود والدعم الشعبي الواسع، على الرغم من افتقاره التام إلى الوسائل وعجزه عن الدفاع عن أرض الوطن، وذلك بالتحديد لأنّ أحداً لا يتوقع منه (وهو لا يعطي نفسه هذه المهمة) أن يفعل ذلك. في إطار هذه المعادلة، «الجيش والشعب والمقاومة»، لا يتمثل دور الجيش في الدفاع عن الدولة في مواجهة الاعتداءات الخارجية، بل في الحفاظ على التركيبة الداخلية للمجتمع اللبناني في مواجهة الأعمال الهادفة إلى إشعال الفتنة.
ولكن لأنّ الجيش «صامد» بفضل تمسكه بهذه المعادلة، تُهاجمه قوى 14 آذار بانتظام (بسبب «تحيّزه لحزب الله»). باختصار: من خلال مهاجمة «الجناح العسكري لحزب الله»، تدّعي أوروبا إنقاذ الدولة اللبنانية. لكن في الواقع، تطيح أوروبا نقاط توافق جوهرية تسمح للمجتمع اللبناني بالصمود. أن يهاجَم هذا التوافق في لبنان نفسه ليس بالأمر الجديد؛ لكن بادعاء الحياد السياسي (عدم إدانة حزب الله كحزب سياسي)، تشارك أوروبا في الواقع في تدخل سياسي أساسي في التوازنات اللبنانية.
* موقعه الالكتروني
(http://tokborni.blogspot.com)