لم يصمُد التفاؤل مع تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل موعداً للاستشارات النيابية المُلزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة أكثر من 24 ساعة. هذا التطوّر، قياساً بما سبقه من أحداث ولحِق به، لا يشي بأنه سيكون باب انفراج، إذ يرى أكثر من مصدر سياسي أن «ترحيل موعد الاستشارات الى يوم الاثنين كانَ تكتيكاً خاطئاً، وأعطى فرصة للتراجع عن تكليف المهندس سمير الخطيب، ولا سيما للذين باتوا معروفين بتقلّباتهم، وأوّلهم الرئيس سعد الحريري، كما للشارع الذي عبّر، وربما سيعبّر في اليومين المقبلين، عن رفضه لهذا الخيار». على عكس مساء الثلاثاء الماضي الذي كانَ مُفعماً بأجواء تفاهمية، حملَ يومَ أمس الكثير من الحذر، ليسَ بسبب تراجع أيّ من الأطراف المعنية بالتفاوض عن الالتزام بالخطيب، وإنما الحذر من الأيام الثلاثة الفاصلة عن الاستشارات والتي يُمكن أن تكون ملغّمة بالكثير من التطورات تمنع الخطيب من استكمال طريقه الى نادي رؤساء الحكومات، إما بضغط من الشارع الذي بدأ منذ إشاعة مناخات الاتفاق بقطع الطرق، من بيروت الى البقاع، وصولاً الى الشمال، أو استكمال لغة التصعيد الذي ظهر في بيان رؤساء الحكومات السابقين، معتبرين أن «استباق الاستشارات المُلْزمة وابتداع ما يسمى رئيساً محتملاً للحكومة، وهو ما قام به فخامة رئيس الجمهورية والوزير باسيل» «خرق خطير لاتفاق الطائف والدستور نصاً وروحاً» و«اعتداء سافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف وعلى صلاحيات رئيس الحكومة». وتخوفت المصادر من حصول مفاجآت غير متوقعة في يوم الاستشارات وذلك «في حال عدم تسمية كتلة «المُستقبل» سمير الخطيب، لأن عدم التسمية «تعني رفع الغطاء السني عنه»، وهو غطاء غير مكتمل نتيجة عدم صدور بيان واضح من دار الإفتاء. وقد استغربت المصادر ترحيل موعد الاستشارات الى نهار الاثنين، إذ كان بالإمكان أن تُعقد أمس أو اليوم، وينتهي هذا الأمر للانتقال الى الخطوة التالية. ومردّ هذا الاستغراب كون المدة الزمنية قد تكون مفتوحة على سلبيات غير متوقعة من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً إن حصلت، وتعيدها الى السلبية الكبرى. وانتقدت المصادر ما سمعته عن أن «سبب التأجيل سفر الوزير باسيل الى الخارج، مع اعتبار عدم إصدار الحريري أي موقف علني وواضح من تسمية الخطيب مؤشراً غير مُطمئن، متخوفة من أن يكون «الحريري مستمراً في المناورة». في المقابل، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يؤكد لزواره أن ترحيل الاستشارات إلى مطلع الأسبوع هدفه «منح الجميع فرصة للهدوء».
الأيام الثلاثة الفاصلة عن الإستشارات يُمكن أن تكون ملغّمة بالكثير من التطورات

وكان بارزاً يومَ أمس الزيارة التي قام بها النائب نهاد المشنوق لدار الإفتاء، حيث اعتبر أن «الأمور وصلت الى مكان صعب جداً. لذلك رأيت أن من الواجب التشاور مع مفتي الجمهورية». وقال المشنوق أن «التأليف قبل التكليف مخالف للدستور، والأمور تجاوزت صلاحيات رئاسة الحكومة ولا أحد يقبل بالتجاوزات التي حصلت». وفيما أعلن عن طرح تقدم به للمفتي بـ«عقد اجتماع للمنتخبين من كل الفئات من أجل التشاور والتفاهم واعتماد المعايير التي وضعها رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لتشكيل الحكومة ووعد بدراستها»، اعتبر أن «كل ما يحصل يراكم المزيد من الكبت والإحباط، ومنصب رئيس الحكومة هو الممثل الأول لأهل السنّة ولا أتصوّر أن أحداً من السنّة يقبل بهذا الأمر. لقد وصلنا إلى أكثر من ذلك عندما تكلم أحد الوزراء عن رؤساء الحكومة السابقين، وهم أشرف من هذا الكلام».