على وقع التقدم الميداني الواسع، الذي يحقّقه الجيش السوري في الغوطة الشرقية، صعّد المسلّحون من وتيرة قصف الأحياء السكنية في العاصمة دمشق. الجيش السوري حقّق، اليوم، تقدماً في عملياته ضد المجموعات المسلّحة في وادي عين ترما في الغوطة الشرقية، وكبّدها خسائر بالأفراد والعتاد، بينما حاول المسلّحون شنَّ هجوم على محور بلدة مسرابا في الغوطة لخرق العزل الذي صنعه الجيش السوري بتقسيمه منطقة الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب، وتمكّن الجيش من التصدي لتلك المحاولات وردعها. منذ بداية العملية العسكرية في الغوطة الشرقية، عمد المسلّحون، بنسب متفاوتة، إلى زيادة قصف العاصمة دمشق. المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثّق سقوط نحو 50 مدنياً خلال فترة العمليات في الغوطة، جراء قصف الفصائل المسلحة لدمشق وضواحيها. صباح اليوم، استُشهد 4 مدنيين وأُصيب 9 آخرون، بينهم امرأة وطفل نتيجة سقوط قذيفة صاروخية على حيّ دويلعة في مدينة دمشق، مصدرها مسلحو الغوطة. وعند المساء، استُشهد 35 شخصاً، وأُصيب 23 آخرون، غالبيتهم من المدنيين، جراء سقوط قذائف أطلقها المسلّحون في الغوطة، استهدفت سوقاً شعبية في حيّ كشكول على أطراف ضاحية جرمانا جنوب شرق دمشق، وفق ما أورد التلفزيون الرسمي السوري، نقلاً عن مصدر في قيادة شرطة ريف دمشق. وتُعَدّ هذه الحصيلة، هي الأعلى في دمشق وضواحيها تحديداً، جراء قذائف المسلحين، منذ بدء الحرب في سوريا.

شويغو: «عملية إنسانية فريدة»

أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن وزارة الدفاع الروسية تواصل العمل على تسوية الوضع في سوريا، وأن نحو 80 ألف شخص خرجوا خلال 5 أيام الأخيرة من الغوطة الشرقية، كذلك حُرِّر 65 بالمئة من الأراضي. وقال شويغو في مؤتمر عبر الهاتف، إنه تحت إشراف المركز الروسي للمصالحة، «تجري عملية إنسانية فريدة بنطاق غير مسبوق في الغوطة الشرقية»، إذ إنه «خلال الـ 5 أيام الأخيرة، خرج من هناك عبر الممرات الإنسانية 79655 شخصاً».

ومع فشل المحاولات العسكرية الميدانية لتحقيق إنجاز يُذكر، عمد مسلّحو الغوطة الشرقية، إلى رفع وتيرة قصف الأحياء السكنية والأسواق الشعبية في دمشق، في محاولة للضغط على الدولة السورية لدفعها إلى التخلّي عن بعض شروط التفاوض. المفاوضات تجري تحت النار، هذا بات معلوماً، لكن ملامح لعبة «من يصرخ أولاً» بدأت ترتسم في الأيام الأخيرة. دمشق بحاجة إلى استكمال العملية والسيطرة على جيب الغوطة الشرقية في أسرع وقت، وذلك لما تتعرّض له من ضغوطات دولية، وتهديدات مباشرة وغير مباشرة، كتداعيات للعملية هناك، فضلاً عن الأكلاف البشرية والمادية التي لا بدَّ من دفعها في المعارك. أما المسلّحون، فباتوا يدركون أن لا أفق لمحاولات ردع هجوم الجيش السوري أو صدّه، وهم أيضاً، بحكم التجربة، باتوا على اقتناع بأن لا أحد سيتدخّل عسكرياً لمنع سقوطهم، ولو كان ثمة من سيتدخّل، فهو قد تأخّر كثيراً.
اليوم، يدرك المسلحون أن خروجهم بات أمراً واقعاً، لكن الذي يجري الآن ما هو إلا زيادة الضغط على دمشق عبر قصف المدنيين، وذلك لتحسين شروط التفاوض، الذي على أساسه سيخرج المسلّحون من الغوطة.

شويغو: «تجري عملية إنسانية فريدة وبنطاق غير مسبوق في الغوطة الشرقية»(أ ف ب )