انشغل الرأي العام الإيراني بخبر اعتقال السلطات الإيرانية، أول من أمس، النائب السابق للرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، ومدير مكتبه، وأشدّ المقربين إليه، رحيم مشائي، بعد أيام فقط من اعتقال مساعد الرئيس الأسبق حميد بقائي، على خلفية ملفات فساد تعود إلى عهد نجاد. وأعلن المتحدث باسم السلطة القضائية، غلام حسين محسني ايجئي، بحسب ما نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عنه، أن اعتقال مشائي جاء على خلفية اتهامه في قضايا متعددة، من دون الكشف عن ماهية هذه التهم.وقال ايجئي، في مؤتمر صحافي عقده أمس الأحد في مدينة أصفهان، إنه «وفقاً للقانون لا يمكن الإفصاح عن التهم إلى حين إصدار الحكم بشكل قاطع»، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن «بعض اتهاماته واضحة»، في حين أن البعض الآخر منها «ينسب إليه وبحاجة إلى تحقيقات مطلوبة». وشن ايجئي هجوماً لاذعاً على نجاد ومناصريه الذين هاجموا القضاء وشككوا في نزاهته على خلفية ملف بقائي، قائلاً إن «هذه القضايا المثارة تتناغم مع العدو، لا علاقة لنا بنواياهم... لكن في تصرفاتهم تشويه للسلطة القضائية بحيث لا تتمكن من محاربة الفساد». واعتبر أن «الأشخاص الذين يرفضون القانون هم المصداق الواضح للديكتاتور»، موضحاً أن «ملف بقائي جرى البت به بحضور محامي الدفاع، واستغرق عدة أشهر من التحقيق في المحكمة الابتدائية، حيث تم إجراء المرافعات وتقديم الوثائق المطلوبة ومن ثم صدر حكم المحكمة»، مضيفاً أنه «وبعد تشكيل محكمة الاستئناف وإعطاء المهلة المحددة صدر الحكم النهائي».
يشار إلى أن مشائي، وفور تنفيذ السلطات الإيرانية حكم سجن بقائي، الأسبوع الماضي، توجه إلى السفارة البريطانية حيث قام مع محتجين بإحراق الحكم الصادر بحق الأخيرة، في إشارة إلى إشاعات حول تورط ابنة رئيس السلطة القضائية، صادق لاريجاني، في العمالة لبريطانيا، مع العلم أن السلطات الإيرانية تنفي هذه الرواية. لكن مشائي، صاحب التصريحات المثيرة للجدل، وقبيل اعتقاله، حاول، عن طريق تحركه الاحتجاجي أمام السفارة البريطانية، تأكيد تلك الإشاعات والاتهامات، التي يقول فيها إن «القضاء يتلقى أوامره من المخابرات البريطانية، لتشويه سمعة المخلصين للوطن»، بحسب تصريحات منسوبة إليه.
وأحدث توقيف مشائي غضباً في أوساط مناصري نجاد، من شأنه أن يعيد الجدل حول الأخير وعلاقته بالنظام واحتمالات توقيفه، بعد رفض السلطات ترشحه للسباق الانتخابي الذي جرى قبل أشهر. ويُعدّ مشائي أكثر المقربين من نجاد، ويرى البعض فيه العقل المدبر لحكومته السابقة، وصاحب تأثير كبير عليه وعلى تياره في البلاد، ويتهم باعتناقه معتقدات غامضة على حد زعم خصومه.
وفتح اعتقال مشائي التكهنات في طهران حول إمكانية اعتقال نجاد نفسه، بعدما وصل الأمر إلى توقيف مشائي، إذ إن نجاد هو الآخر لديه باع طويل في الصراع مع السلطة القضائية، ولا يتورع عن مهاجمة القضاء ورئيسه. ويتخوف البعض من أن توصل الملفات القضائية لمساعدي نجاد إلى ضلوع الأخير في هذه القضايا لورود اسمه في عدد منها. إلا أن نجاد يرفض بشدة التهم الموجهة إليه وإلى مشائي، الذي تربطه به قرابة مصاهرة. وسبق أن شكك في نزاهة القضاء أكثر من مرة، وآخرها عقب توقيف مشائي «غير المبرر» كما وصفه.