يبدو أن حالة الضغط السياسي وإعلاء السقف، التي مارستها «حركة أنصار الله» وحكومة «الإنقاذ الوطني» في صنعاء، قد آتت أكلها، خاصة أن الرئيس المستقيل عبد ربه هادي منصور، والمتحالفين معه، لم يثبتوا في الشهور الماضية إمكانية سيطرتهم في مناطق وجودهم، ولا التقدم في محاور الاشتباكات المختلفة، فضلاً على غياب وجه الدولة والقانون عن سلوك حكومة عدن.
في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، موقفاً صريحاً ومتقدماً بعد أسابيع من تعرقل جهوده وقبيل يومين من انتهاء مهماته، عندما قال إن «هادي أخطأ بعدم قبوله مبادرة السلام»، التي طرحها قبل أشهر، داعياً إلى «تحريك عملية السلام في اليمن».
وأضاف كيري، في مقابلة بثتها قناة «سكاي نيوز عربية» أول من أمس، أن «السلام في اليمن لم يتحقق لأن الرئيس هادي لم يدعم خطته»، مؤكّداً أن «ذلك كان خطأ كبيراً». وتابع: «الرئيس هادي لم يدعم فوراً المبادرة التي تقدمنا بها، لكنه الآن وافق على الإطار العام للمبادرة، ونتمنى لولد الشيخ أن ينجح».
أما المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فقال، من جهته، إن «حالة الجمود السياسي الحالي في اليمن هي التي تسبب الموت والدمار كل يوم». ودعا في بيان أمس، هادي، إلى «التعامل سريعاً وبطريقة بنّاءة مع مبادرة الأمم المتّحدة للسلام في اليمن»، مشيراً إلى أنه ناقش مع الرئيس المستقيل «العناصر الرئيسية من اتفاق شامل، استناداً إلى مشاورات الكويت»، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن «العودة إلى انتقال سلمي منظم ستساعد على إنهاء الحرب في اليمن».
ورأى ولد الشيخ أن «تفصيل الخطة الأمنية، وتشكيل حكومة شاملة، هو السبيل لإنهاء الحرب، التي زادت وتيرة نمو الإرهاب في اليمن والمنطقة»، كما حمّل «النخب السياسية اليمنية مسؤولية حماية الناس من مزيد من الضرر، وحماية مستقبل بلدهم، والالتزام بالتوصل إلى تسوية سلمية». وبالنسبة إلى ما تبقى من جولته، أعلن أنه «سيتوجه خلال الأيام القليلة المقبلة إلى صنعاء لمناقشة المقترحات نفسها مع ممثلين عن أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام»، معرباً عن «تشجيعه الطرفين على التزام وقف الأعمال القتالية، واتخاذ التدابير الفورية».
على صعيد ثانٍ، أثمرت زيارة عضو مجلس العموم البريطاني، أندرو ميتشل، إلى صنعاء وصعدة الأسبوع الماضي، عن تحذيره من تزايد احتمال وقوع هجوم إرهابي على بلاده إذا لم تعد الحكومة النظر في سياستها «المضطربة» تجاه اليمن.
وقال ميتشل في حديث إلى صحيفة «ديلي تيليغراف» البريطانية، إن «دعم بريطانيا تحالف السعودية سوف يذكي جيلاً آخر من الإرهاب، ويؤدي إلى تهديدات لأوروبا»، من دون تحديد الجهات التي يحذر منها، وأضاف: «بريطانيا كانت عرضة لخطر أن تصير شريكة في تدمير دولة ذات سيادة»، منبّهاً إلى أن «الشباب في اليمن عرضة لخطر التطرف ضدّ المملكة المتّحدة».
وتابع: «سياسة الحكومة البريطانية في بيع أسلحة إلى (التحالف) الذي تقوده السعودية، في الوقت الذي تقدم فيه ملايين الجنيهات في المساعدات، أمر متناقض ومتضارب»، مستدركاً: «الحكومة تحتاج أن تفكر بشكل عميق إزاء مستقبل سياستنا... اليمن لا تتضور جوعاً، بل يتم تجويعها... بريطانيا هي جزء من تحالف يفرض حصاراً على هذا البلد في البر والبحر»، فيما حذّر من أن «فرصة إعادة توجيه السياسة البريطانية ستُغلق قريباً».
ميتشل كشف عن أن «قيادة أنصار الله أبلغته، خلال زيارته اليمن، بأنهم على استعداد لسحب قوّاتهم من السعودية، وإقامة منطقة منزوعة السلاح على بعد 20 كيلومتراً، إذا اتفقت جميع الأطراف على وقف إطلاق النار»، كما نقل عن «أنصار الله» تأكيد قبولهم مفاوضات يمنية ــ سعودية تترأسها بريطانيا والأمم المتّحدة. وواصل: «لا مجال لأن ينتصر التحالف في اليمن، حيث تتصلب المواقف يومياً».
في غضون ذلك، أعلن البنك الدولي تقديم منحة إلى اليمن بقيمة 450 مليون دولار، ستقسم على مشروعي إغاثة وُضعا بالشراكة مع منظمات تابعة للأمم المتحدة.

أعلن البنك الدولي تقديم منحة بقيمة 450 مليون دولار إلى اليمنيين

وأوضح البنك في بيان أمس، أن هذه المنظمات هي «برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، ومنظمة الصحة العالمية»، مشيراً إلى أن «مشروعي الإغاثة يهدفان إلى مساعدة تسعة ملايين شخص، هم في أشد الحاجة للمساعدات الإنسانية» في البلاد.
ولفت البيان إلى أن «المشروع الأول معني بالاستجابة للأزمات الطارئة، وسيحصل على 250 مليون دولار من المنحة، لتوفير الدخل لمليونين من اليمنيين الفقراء جداً، بمن في ذلك النساء والشباب والنازحون داخلياً»، موضحاً أنه «سيساهم أيضاً في دعم الصندوق الإجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة، وهما مؤسستان يمنيتان رئيسيتان، تقدمان خدمات على مستوى المجتمع المحلي، وتعززان قدرة اليمنيين على مواجهة آثار الصراع الدائر». وتابع: «المشروع الثاني، وهو مشروع الصحة والتغذية في حالات الطوارئ، سيحصل على المبلغ المتبقي من المنحة لدعم النظم الصحية القائمة، وتوفير الخدمات الصحية والمواد الغذائية لسبعة ملايين يمني».
إلى ذلك، نقلت مصادر محلية وإعلامية أن الحياة عادت إلى طبيعتها في مديرية خور مكسر في مدينة عدن، حيث باشر الطلاب امتحانات الفصل الأول في مختلف كليات جامعة عدن، وذلك عقب رفع المظاهر المسلحة كافة من المدينة.
وقالت تلك المصادر إن البعثات الدبلوماسية ومقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، الموجودة مقرات بعثاتها في خور مكسر، فتحت أبوابها مجدداً. وكانت مواجهات عنيفة اندلعت منذ الثالث عشر من الشهر الجاري بين قوات تابعة لإدارة أمن عدن ومسلحين محسوبين على القيادي الجنوبي سليمان الزامكي.
(الأخبار)