البقاع | شيعت بلدتا بريتال وحورتعلا عصر يوم أول من أمس السجين ناصر درويش (52 عاماً) الذي قضى متأثراً بجروح وحروق أصيب بها خلال حوادث سجن رومية الأخيرة. والدة الراحل كانت تردد: «بيقولوا المحبوس محروس، بس تبين إنو الحارس قتل المحبوس... الدولة العادلة ما بتقتل الناس وأولاد الناس، بس تبين العكس». كلامها اختصر ما يفكر فيه كثيرون في منطقة بعبك ـــــ الهرمل. لم يكمل درويش محكوميته في سجن رومية، البالغة خمسة أعوام، فهو أمضى منها عاماً واحداً فقط، فيما كان الأهل يمنّون النفس بتعديل سنة السجن لتصبح تسعة أشهر. 12 يوماً قبع فيها درويش في مستشفى نوفل ـــــ بيروت (مستشفى بيروت الحكومي السابق)، قبل أن يتلقى أهله اتصالاً يخبرهم فيه محادثُهم بوفاة ناصر.
كان درويش قد أصيب بحروق من الدرجة الثانية، إبان أحداث سجن رومية، وبالتحديد في الليلة التي اقتحم فيها عناصر من الفهود (قوى الأمن الداخلي)، عدداً من الزنزانات.
بحسب الصحافي حسين درويش، شقيق الفقيد، الحروق التي لحقت بشقيقه سببها «ثلاث قنابل حارقة ألقتها فرقة من الفهود على الزنزانة التي كان فيها ناصر مع عشرين سجيناً آخر، بالإضافة إلى أربعة قاصرين فروا من مبنى الأحداث، والتجأوا إلى غرفتهم».
يروي الزميل درويش أن قنبلة ثانية وثالثة أُلقيتا على الزنزانة «رغم أن المساجين رفعوا أصواتهم بأن رفيقهم روي عازار قد مات»، مشيراً إلى أن إحدى القنابل أصابت ناصر أيضاً، وسببت له حروقاً بليغة طالت 40% من جسده، «تُرك بعدها في بهو السجن 12 ساعة ثم نُقل عصر اليوم التالي إلى المستشفى في بيروت».
أكد درويش أن شقيقه «لحقت به مظلومية من الدولة، أدت إلى وفاته»، وخصوصاً «أن التقريرين الطبيين اللذين حصل عليهما من الدكتور شربل عازار في مستشفى نوفل، والدكتور علي حيدر في مستشفى بعلبك الحكومي، يؤكدان أن الوفاة نجمت عن حروق من الدرجة الثانية وضيق تنفس نتيجة المواد والروائح التي دخلت رئتيه». وقال درويش «إن العائلة بصدد متابعة نتيجة التحقيق في ما حصل بسجن رومية المركزي، فضلاً عن تقديم دعوى قضائية بحق الدولة اللبنانية التي تقتل ناسها».
رشيد سلوم، صهر درويش، الذي كان إلى جانبه في المستشفى طوال الفترة الماضية، لخبرته في أمور التمريض، أوضح لـ«الأخبار» أن ثمة «تقصيراً طبياً» لحق بدرويش، وخصوصاً أنه كان يعاني منذ أيام قليلة «حالات غيبوبة متلاحقة، لكن إدارة المستشفى تصرفت بعدم مسؤولية، حيث أكد عاملون فيها أن حالات الغيبوبة التي دخلها ناصر ناجمة عن كوابيس ما حصل معه في سجن رومية».
من جهته، سأل قاسم طليس رئيس لجنة متابعة قانون العفو العام، عن السبب الذي حال دون عدم نقل درويش إلى مستشفى متخصص بمعالجة الحروق؟
الوزير السابق فايز شكر شارك في التشييع، وأكد أن «الحادث تتحمل مسؤوليته الدولة بدون استثناء»، ذلك أنه لم يعد من الجائز السكوت عن هذه الارتكابات، مشدداً على أن الدولة تبدو من خلال هذه الحادثة، كأنها تقول لأبناء «هذه المنطقة إن كل واحد سيدخل السجن سيلقى الموت». وطالب شكر باسم أبناء البقاع رئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة المزمع تأليفها «المبادرة فوراً إلى إقرار قانون عفو عام شامل».
رئيس بلدية بريتال عباس إسماعيل، كانت له كلمة أثناء تشييع درويش، أكد فيها أن ناصر «كان قد سقط في حادثة كانت على مستوى الوطن ويستوجب الوقوف عنده حتى لا يتكرر، ولا بد من اعتباره صرخة وإنذاراً للعودة إلى القانون والنظام، فيما ينبغي للدولة أن تتحمل مسؤوليتها بكل المؤسسات». وتمنى إسماعيل متابعة التحقيق «بغية الوقوف على أسباب (الوفاة) والملابسات».
يُذكر أن درويش أوقف بتاريخ 22/5/2010 في منزله في بلدة حورتعلا بعدما نصبت له القوى الأمنية كميناً.



وعود

عقد نواب منطقة بعلبك اجتماعاً أمس، أصدروا عقبه بياناً. وتحدث النائب نوار الساحلي، فقال إن «تكتل نواب بعلبك عرض الأحداث الأخيرة التي شهدها سجن رومية وأدت إلى نتائج مفجعة»، دفع على أثرها عدد من اللبنانيين حياتهم ثمناً لها، وآخرهم ناصر درويش. طالب التكتل بـ«إنشاء وحدة متخصصة لإدارة السجون تعمل بالتعاون والتنسيق مع وزارتي العدل والداخلية، ومعالجة موضوع الاكتظاظ بالإسراع في إقرار التعديلات على قانوني العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية، ومعالجة مشكلة السوق إلى المحاكمات... وضرورة بناء سجون جديدة وتأهيل الحالية، وتعديل قوانين العقوبات لجهة تطوير العقوبات البديلة من السجن... والعمل على إخلاء كل السجون وأماكن التوقيف من «الأحداث» وتعميم معاهد الإصلاح... وإنشاء أمكنة توقيف وتأهيل خاصة بالفتيات، وتفعيل دور «لجنة السجون» بالتنسيق مع نقابة المحامين». ركز بيان نواب بعلبك على «تجهيز قاعة للمواجهات العائلية بين النزلاء وأسرهم... وإجراء دراسة متأنية معمقة لموضوع العفو العام».