مصطفى عاصيمواعيد عدة ضربت للّقاء الذي ما زال يتعثر بين الشهال وحزب الله. الموعد الأول، كما يؤكد مصدر مقرب من الحزب، كان مقرراً في اليوم التالي لموعد توقيع الوثيقة المُجهضة على أيدي الشهال في فندق السفير بتاريخ 17 آب 2008. فيما الموعد الأخير كان مقرراً فور عودته من أداء العمرة. اعتمر الشهال وعاد لأيام إلى لبنان، ثم سابق خطواته وسافر مجدداً في رحلة خليجية لم يعد منها بعد. حصلت العودة ولم يحصل اللقاء، ولكن ما بين الرحلتين طرأ تطور وحيد تمثل بمبادرة الشهال إلى الاتصال بالوسطاء، مؤكداً أن استعداده للقاء ما زال قائماً، وأنه سيرسل إلى الحزب ورقة أفكار كي يكون اللقاء مثمراً، وليس لمجرد التقاط الصورة القابلة للاستغلال السياسي من الطرف الآخر.
ما زال حزب الله ينتظر الورقة، وما زال اللقاء ينتظر نضج الظرف النفسي والسياسي والأمني:
ـــــ نفسياً ينتظر الشهال حصول التقارب بين الضاحية الجنوبية وقريطم وجلوس حسن نصر الله مع النائب سعد الحريري.
ـــــ سياسياً ينتظر اللقاء رفع الفيتو السعودي عن الشهال وخروج الرياض من منطق المساومات واعتبار التقارب صك براءة لحزب الله.
أما أمنياً، فإن اللقاء ينتظر هدوء العاصفة المحلية والإقليمية والدولية التي هبّت بوجه الحركة السلفية على خلفية التفجيرات التي وقعت في لبنان وجواره وإرساء المصالحة الهشة بين التبانة وجبل محسن وتراجع الإثارة حول الحشود السورية على الحدود.
في كل الأحوال، فإن اللقاء إذا ما تم، فإنه سيتوج جهود أشهر من الوساطة الشاقة والصامتة والصابرة التي قامت بها ـــــ ولا تزال ـــــ حركة التوحيد الإسلامي بمبادرة ذاتية، التي استطاعت فيها إقناع النقيضين بالجلوس وجهاً لوجه، للتعارف والشروع في حوار بلا أسْقُف تُطرح فيه كل الهواجس وعلامات الاستفهام بما فيها النقاط التكفيرية.
لا ينفي داعي الإسلام الشهال أمر التواعد على لقاء، لكنه يفضل إبقاءه بعيداً من دائرة الضوء إذا لم يسفر عن نتائج. ويقول: «لا مشكلة في اللقاء، لكن لا مجال الآن للحديث عن وثيقة سياسية. صحيح أنه ليس لدي شروط سابقة للقاء، لكن لدي شروط أثناءه».
يتوجس الشهال من حكاية «الوثيقة» كي لا يبيح لنفسه ما حرّمه على الآخرين بعد إكراهه زوج شقيقته على تجميد الوثيقة مع الحزب. هذا على خط الشهال الداعي الذي يمثل حسب تصنيفات المتابعين للحركة الإسلامية السنية «السلفية الجهادية التكفيرية» ذات الارتباطات القاعدية و«البن لادنية» . أما على خط حسن الشهال الذي يصنف أنه يمثل «السلفية الفكرية غير التكفيرية»، فإن اللقاءات لم تُجمد مع حزب الله بتجميد الوثيقة. فالطرفان التقيا على عشاء ليلة عيد الفطر، واتفقا على إعادة بث الروح في الوثيقة ريثما تتهيأ الظروف المساعدة لها، ومن أبرزها إتمام اللقاء أولاً بين حزب الله وداعي الإسلام. العشاء المذكور ضم سبع شخصيات سلفية، بينها الشيخ الزعبي والشهال، وأعضاء في المجلس السياسي للحزب برئاسة إبراهيم أمين السيد وجرى في الضاحية الجنوبية. لماذا الضاحية؟ يجيب مصدر في التيار السلفي: «لأن الشمال الذي يشكل معقل السلفية اللبنانية ما زال بعيداً نفسياً وأمنياً عن حزب الله».
يستحضر الشهال بعض وقائع الحملة التي تعرض لها والتي وصلت إلى حد التحريض الشخصي عليه والحديث عن «مشهد العناق الحار مع إبراهيم أمين السيد والتلامس بين اللحية السنية واللحية الشيعية».
يروّج المعارضون لتوجهات الزعبي والشهال أنهما باتا يتلقيان الدعم من حزب الله بعدما أوقفت الجمعيات الكويتية والسعودية الدعم المالي عنهما. كلام ينفيه الزعبي العائد قبل أيام من زيارة إلى الكويت شرح فيها للقيّمين على جمعية إنماء الوقف الإسلامي ملابسات الحملة التي تعرض لها. وإذ ينفي صفوان وجود فكر تكفيري سياسي في الكويت، يوضح أن الاعتراض المهذب الذي أبداه الكويتيون في البداية انقلب إلى تأييد، وأن الدعم مستمر وسيزيد لإنشاء مستشفى وجامعة في منطقة أبي سمرا.
مبادرة حزب الله باتجاه السلفية ليست الأولى. يروي مصدر مقرب منه أن الأمين العام السابق السيد عباس الموسوي كان قد قصد طرابلس ذات مرة وحاور طويلاً الشيخ سالم الشهال بعدما نُقل إليه أن الأخير يقول كلاماً غير طيب بحق الشيعة في لبنان.