«بكفّي»... هي صرخة أطلقها أمس رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير عدنان القصار في حديث لـ«الأخبار»، يؤكد فيه أن تأليف الحكومة تخطّى المدى المعقول حتى باتت له تداعيات اقتصادية واجتماعية، «فلا يمكن أن يقال بأن هناك حكومات أخرى في لبنان أخذت 7 أشهر لتتألف مثل حكومة رشيد كرامي، لأن المنطقة تعاني حالياً وضعاً غير عادي والاستثمارات تهرب من لبنان»، لكنه يشدّد على أن الهيئات «على مسافة واحدة من الجميع».
كلام القصار جاء بعد اجتماع عقدته الهيئات الاقتصادية أمس لدرس خطواتها المقبلة في مواجهة تأخّر تأليف الحكومة، والأثر الذي يتركه هذا الوضع على القطاعات الاقتصادية، بدليل انكماش السوق المحلية ونسبة الاستهلاك، ما أدّى إلى تراجع حركة التجارة الداخلية والخارجية، فيما تقلّص النشاط السياحي بنسب كبيرة، وارتفعت نسبة الشيكات المرتجعة!
وفيما لوّحت الهيئات في بيانها المعلن بالتصعيد، كان النقاش بين المجتمعين يأخذ منحىً أكثر حدّة. فبحسب رؤساء هيئات وممثليها، تطرقت الاقتراحات إلى تنفيذ سلسلة تحرّكات، أبرزها القيام بمسيرة احتجاجية، أو وقف العمل (إضراب) لمدّة ساعتين. غير أن بعض ممثلي الهيئات كانوا أكثر تطرفاً فاقترحوا مطالبة حكومة تصريف الأعمال بالاجتماع وتأليف لجنة طوارئ لاتخاذ قرارات يحتاج إليها الاقتصاد، على قاعدة أنه لا يمكن أن نبقى في حال «رمادية» بين التكليف والتأليف.
هذه الطروحات التصعيدية جاءت على لسان ممثلي الهيئات المحسوبين على تيار المستقبل وحلفائه، وهي تأتي في إطار سياسي واضح. أما الطرح الأخير، فقد أجهضه ممثلو الهيئات المعتدلون الذين لا يريدون أن يظهر اجتماع الهيئات معرقلاً لرئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، ولذلك طالب بعضهم بالنظر إلى مدى دستورية الطرح، وما إذا كان يحقّ لحكومة تصرف الأعمال مثل هذا الأمر. لكن ما أجمع عليه ممثلو الهيئات، هو أنهم يريدون إحداث «صدمة» لكنهم لم يتفقوا على نوعها ووسائلها بعد.
على أي حال، خرج رئيس الهيئات، الوزير عدنان القصار من الاجتماع وقال لـ«الأخبار» إن الاجتماع «يهدف إلى تسهيل مهمة الرئيس المكلّف لا عرقلتها»، مشيراً إلى أن لبنان «بلد لديه تاريخ من الأوضاع السياسية الصعبة، فيما المنطقة تغلي... ثم أتت حادثة خطف الأستونيين... لا نريد لمثل هذه الأمور أن تؤثّر علينا لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية باتت صعبة، وما يجري يدفع الاستثمارات إلى الهروب من لبنان».
بعد اجتماع دام ساعة ونصف الساعة، أصدرت الهيئات الاقتصادية بياناً هو أقوى من تحذير وأقل من تصعيد. البيان يعكس موقفاً عاماً للهيئات تريده أن يصدر عنها في هذا التوقيت في محاولة للمشاركة في النقاش الجاري حول تأليف الحكومة، لتقول إن للأمر تداعيات اقتصادية يجب الالتفات إليها، فهي ركّزت على «المخاطر التي بدأ يواجهها الاقتصاد اللبناني بكل قطاعاته الإنتاجية والخدماتية، والتراجع الكبير في حركة الأسواق التي بدأت تشهد انكماشاً غير مسبوق».
ودعت الهيئات القوى السياسيةَ كافة، إلى تحمّل مسؤولياتها، عبر تغليب المصلحة العليا على كل المصالح الأخرى، محذّرة من خطورة ما تُظهره المؤشرات الاقتصادية من تراجع كبير في جميع القطاعات الاقتصادية الحيوية، وانحسار الرساميل الوافدة خلال الفصل الأول من هذا العام وتراجع نسبة النمو من 7% إلى 2%، مع ما يرتّبه ذلك من تداعيات خطيرة على تمويل احتياجات الدولة وعجز الخزينة لهذا العام، لا سيما أن الموازنة العامة غائبة للسنة السادسة على التوالي.
وأكّدت أن سلسلة الحوادث التي شهدها لبنان خلال الأشهر الأخيرة، بدأت تشيع مناخاً سلبياً لدى المستثمرين من لبنانيين وعرب وأجانب، الأمر الذي أضاع على لبنان فرصاً ثمينة عديدة، كان في إمكانه الإفادة منها، ولا سيما على صعيد الرساميل والتحويلات المالية التي اتجهت بفعل الأوضاع القائمة في البلاد إلى دول أخرى، بعدما كانت هذه الرساميل تجد في لبنان الملاذ الآمن
لها.
ورأت أن الجمود القائم بات من شأنه تعريض مؤسسات كثيرة، من سياحية وتجارية وصناعية وسواها، إلى خطر الإفلاس والإقفال، مع ما يستتبعه ذلك من تسريح لليد العاملة، وخلق موجة بطالة في صفوف اللبنانيين لطالما حذّرت الهيئات من الوصول إليها.
من هنا ترى الهيئات أنه بات لزاماً عليها دقّ ناقوس الخطر، والتحذير من مغبّة الاستمرار في الفراغ الحكومي، مكرّرة مطالبتها جميع القوى السياسية بتحمّل مسؤولياتها قبل فوات الأوان، وقبل الوصول إلى مرحلة تصبح فيها المعالجات صعبة وربما مستحيلة، مؤكدة أنها «لن تقبل بعد الآن بأن تكون المشاحنات السياسية على حساب الاقتصاد والمجتمع والمرافق العامة، ولن تقبل أيضاً أن يكون الاقتصاد في خدمة السياسة، ولا أن ترى الشأن العام مستباحاً وكأن الدولة أصبحت شيئاً من
الماضي».
وتمهيداً لاتخذا قرار بتصعيد تحرّكاتها، تركت الهيئات اجتماعاتها مفتوحة، وأنشأت لجنة متابعة للاتصال بالفاعليات السياسية لوضعها في حقيقة موقف الهيئات من مجريات الأمور، واتخاذ مواقف تصعيدية لاحقة في حال عدم الوصول الى نتائج إيجابية.
وقالت وكالة الأنباء المركزية إن لجنة المتابعة ضمّت رؤساء: اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، جمعية مصارف لبنان، جمعية تجار بيروت، جمعية الصناعيين اللبنانيين، ونقابة أصحاب الفنادق.



219 مليارات دولار

هي قيمة تراجع الشيكات المرتجعة في الفصل الأول، إذ بلغت 489 مليار ليرة، في مقابل 708 مليارات ليرة في الفترة المماثلة من العام الماضي



48% الحجوزات

هي نسبة الإشغال في فنادق بيروت بحسب شركة "STR Global" أي بانخفاض 25% مقارنة مع الفترة نفسها من 2010



3.541 مليار دولار

هي قيمة الزيادة في ودائع 5 مصارف مدرجة في بورصة بيروت خلال الفصل الأول من عام 2011، وهي عوده، بلوم، بيبلوس، بيروت، بيمو



بلا أفق


دعا الأمين العام للاتحاد العمالي العام سعد الدين حميدي صقر (الصورة)، في بيان أمس، ممثلي القطاعات الاقتصادية والمجتمع المدني، إلى لقاء عاجل يُعقَد في مقر المجلس الاقتصادي الاجتماعي للتباحث في النفق المظلم الذي يغرق فيه لبنان بالأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية «مع استمرار تعثّر تأليف الحكومة بعد مضي أكثر من 3 أشهر على التكليف»... ومن أجل البحث في وضع حدّ لهذا التدهور المريع.