توجّه الطالب علي كنعان إلى المكتبة المحاذية لمنزله، وطبع 10 نسخ من سيرته الذاتية. لا يتّسع يوم واحد للذهاب إلى 10 مصارف، مسوّقاً نفسه كموظف يستحقّ مقعداً ضمن مؤسسة، لكنّ سيرته التي حرص على طبع نسخ منها وتجليدها، سيقدمها إلى بعض المصارف وشركات التوظيف، التي حلّت ضيفة في مجمع الحدث الجامعي، ضمن «معرض التوجيه وفرص العمل الخامس»، الذي نُظّم، أمس، بدعوة من مجالس الفروع، وافتتحه وزير الاتصالات شربل نحاس، بمشاركة أكثر من 45 شركة ومعهد تدريبي.انصبّ اهتمام الطالبة سونيا جرمانوس على أناقتها وجمالها. أما المناسبة: فمعرض فرص العمل في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا، وهدفها ليس الشركات الـ110 التي توزعت في باحة الجامعة، بل تحديداً، شركات السياحة والفنادق، وكل ما يمتّ بصلة إلى قطاع الخدمات. طبعاً، لم تنسَ سيرتها الذاتية هي الأخرى، لكن كثافة الشركات الموجودة في المعرض، حتّمت عليها إرسال سيرتها إلكترونياً إلى بعض الشركات. «لا أريد أن أخسر أي فرصة. وبين عشر أو عشرين شركة، إلّا ما يمشي الحال بوحدة» تقول متفائلة. «جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا في لبنان» نظّمت معرضها السادس لفرص العمل بمشاركة أكثر من 113 شركة ومصرفاً، توزعّت في حرم المبنى في بيروت، ومركز الدراسات في الكسليك.
كان واضحاً أنّ الجامعات الثلاث، جهدت في تأمين أفضل أسباب النجاح لمعارضها، طبعاً، كلّ ضمن إمكاناته. فهذا النوع من المعارض يُعدّ واجهة الجامعة بعد احتفالات التخرّج. ففي «اللبنانية» كان التنظيم لافتاً لجهة تقسيم المؤسسات المشاركة، إضافةً إلى الأدلة الإرشادية المكلفة التي وزّعها المنظمون على الزوّار. وبحسب أحد المنظمّين فقد كلّف المعرض «مع دعم رعاته عشرات آلاف الدولارات». أما في AUST، فالكلفة أعلى، نظراً إلى ضخامة الخيام التي سيّجت المعرض، إضافةً إلى تكاليف التجهيزات اللوجستية. برز الاهتمام اللوجستي في AUL أيضاً.
هكذا، يمكن الحديث عن نجاح شكلي حصدته المعارض الثلاثة. وفي الحديث عن النجاح على مستوى المضمون، يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، ريثما تتوزّع نسبة لا بأس بها من الطلاب على مراكز العمل، بسبب مشاركتهم في هذه المعارض. لا تدّعي المؤسسات المشاركة أنها ستؤمّن وظائف للجميع، والطلاب يدركون ذلك جيداً، لكن، يمكن القول إن مسحة تفاؤل، بمعزل عن زمن استمراريتها، لمعت على وجوه الطلاب. يدركون أن الوظيفة ليست سهلة، لكنّ كثيرين منهم أكثروا من «شرف المحاولة».
مصارف، وسائل إعلام من ضمنها «الأخبار»، فنادق، شركات توظيف، معاهد لغات وبرمجة. كلها قطاعات حيوية قدّمت وعوداً وشروحاً عن عملها إلى الطلاب. بوضوح: الأولوية في التوظيف للمتخرجين، لكن ذلك لم يحجب مئات الوظائف المفترضة عن طلاب السنوات الأولى، الذين يطمح معظمهم إلى وظائف تسند مصاريفهم، قبل التخرج والعمل في وظيفة الاختصاص. اكتظت أجنحة شركات التوظيف، لأنّ مروحة الوظائف التي تقدمها تشمل كل الاختصاصات تقريباً، داخل لبنان وخارجه. فحتى ساعات الظهر الأولى، جمعت مندوبة إحدى شركات التوظيف، أكثر من 400 سيرة ذاتية من طلاب AUST. الأمر ذاته تكرر في «اللبنانية»، وتحديداً في الاختصاصات المؤقتة كالتسويق في المحالّ التجارية، نادل(ة) في مطعم أو فندق، محاسب في مكتبة ذات فروع كثيرة، أو في استهلاكية ضخمة وغير ذلك. أمّا المؤسسات التي طلبت متخرّجين وما فوق، فقد ارتكزت معظم وظائفها على الهندسة أو موظفي المصارف أو الطباخين في الفنادق داخل لبنان وخارجه، ومديري المعلوماتية والمختصين بشؤونها كاملة.
تفاوت حجم الإقبال بين ساعة وأخرى، لكن بصورة عامة، يمكن الجزم بأن الطلاب تعاملوا بجديّة مع المعارض الثلاثة، لعلّ الحظ يفتح أبوابه لهم. «فالْصو» تقول الطالبة غيداء شلهوب عن وعود الشركات بالتوظيف أو التدريب. أما السبب، فـ«أنا حضرت في العام الماضي وقدمت كل شيء يمكن تقديمه، لكنّ لم يتصل أحد ويمنحني وظيفة». في المقابل، انسحب تفاؤل الطالب هشام الأعور على زملائه. فبعدما أخبرهم بتوظيفه في إحدى شركات التصميم الغرافيكي والإعلانات العام الماضي، اكتظ جناح إحدى المؤسسات بطلاب AUST، أماّ في AUL، فقدّم الطلاب أكثر من 500 سيرة ذاتية إلى مؤسسات مشابهة. قال مدير AUL إن «الجامعة تمكّنت من أخذ تعهدات بتوظيف 89% من الطلاب المتخرجين هذا العام». 1000 وظيفة وعدت AUST طلابها بها. أما في الجامعة اللبنانية، فمئات الطلاب من الآلاف الذين زاروا المعرض، يبدون تفاؤلاً بردّ إيجابي من الشركات عبر توظيفهم، مع أنّ عبارة «لا تقول فول حتى يصير بالمكيول» ظلّلت حذر الطلاب من التفاؤل المفرط، لكن هذا الرد الإيجابي من الشركات سيبقى مستتراً إلى حين، ليس في اللبنانية فحسب، بل في الجامعات الأخرى أيضاً. فكما للطلاب مصالحهم، تحرص الشركات على انتقاء الأفضل لوظائفها، طبعاً من دون تناسي القاعدة السارية في التوظيف بلبنان، المتّكلة على الواسطة والعلاقات الشخصية، قبل الكفاءة في أحيان كثيرة. بعيداً عن التوظيف، روّجت بعض المؤسسات لمشاريع معلوماتية وبيئية، كمشروع إحدى الشركات النفطية للتقليل من صرف المحروقات، عبر إنشاء موقع تواصل اجتماعي، يتفق فيه سكان المنطقة الواحدة، على الذهاب معاً في أقل عدد من السيارات حماية للبيئة، وتوفيراً لزحمة السير. أمّا شركات الاتصالات، فقدّمت عروضاً كثيرة، لجذب مشاركين إلى مواقعها الإلكترونية، مقابل خفض تكلفة الرسائل النصيّة.