فاتن الحاج
يأبى «حلف لبناننا» أن ينسى طلاب لبنان تاريخ «الاحتلال» السوري، عبر «أدلجتهم» في كتاب التربية الوطنية والتنشئة المدنية. «فالسوري شقيق والعلاقة مميزة» مغالطة، و«العلاقة بين البلدين هي أسوأ من أن تدرّس كمثال أعلى»، لأنّ «غنائم سوريا في لبنان: تفرد في الحكم، نهب أموال الدولة وسياسة تربوية موجهة». ينشد «الحلف» «التعددية لا الأحادية» وإلاّ «خلّو كل واحد يعيش ويتعلم متل ما بدّو»، ثم إنّ «الانصهار الوطني... مفهوم فاشي». أما «دور الجيش فهو حماية المقاومة» كما ورد في كتاب التربية فـ«مغالطة أخرى».
شعارات رفعها أنصار الحلف أمس أمام المركز التربوي للبحوث والإنماء، حيث تجمعوا مزوّدين بعلم «الحلف» والعلم اللبناني و«صافرات» لفت الانتباه. «فالصافرات أسلوب حضاري جديد في الاعتصام»، يقول مسؤول الطلاب في «حلف لبناننا» باتريك ريشاويوضح «أننا نستبق الامتحانات الرسمية التي تجري بعد أشهر قليلة لنطالب بإلغاء الفصل المتعلق بعروبة لبنان والعلاقات اللبنانية ــــــ السورية من كتاب التربية المدنية، وخصوصاً أنّه ورد في إحدى مسابقات التربية لصف «البريفيه» منذ سنتين: تكلّم على صلة القربى والدم بين لبنان وسوريا؟». ثم يستدرك قائلاً: «القضية لا تنحصر في الامتحان الرسمي وحسب، بل في غسل الدماغ الذي يقوم به كتاب التربية لصفوف المرحلة الثانوية الثلاثة، فيجعل الطلاب ينسون مراحل العذاب والسجن والنفي التي سببها «الاحتلال» السوري». يسأل ريشا من جهة ثانية: «هل دور الجيش حماية المقاومة فقط؟ وهل المطلوب فرض وجهة نظر فريق واحد من اللبنانيين؟ ولماذا لا ندرّس الطلاب ماذا فعل الجيش السوري من تخريب ونهب للسلطة بعد التسعينيات؟». يلخص: «نرفض التشويه التاريخي بالتركيز على الهوية العربية والتحريض على الثقافة الغربية، كأن يقال: إنّ لبنان نال استقلاله في عام 1943، بدعم من أشقائه العرب». المشكلة تكمن في طريقة إيصال الأفكار، فإما أن يتوجهوا إلى مجموعة ثقافية واحدة أو أن يُضمّنوا الكتاب كل وجهات النظر».
ويشير ريشا إلى «أننا بدأنا تحركنا باعتصام سلمي أمام المركز التربوي لأنّه المرجعية التي تضع الكتاب المدرسي، ونعلم أنّ هناك عدداً لا بأس به من الدكاترة المؤلفين للكتب يعترضون على هذه المغالطات، لكنّهم لم يستطيعوا أن يغيّروا المناهج، من هنا سيتم التنسيق مع هؤلاء الأساتذة، كما سيجري الاتصال بوزير التربية لإطلاعه على اقتراحاتنا».
ورأى المعتصمون، في بيان أصدروه، أنّ كتاب التربية يعالج العلاقات اللبنانية السورية بطريقة انتقائية تكرّس منطق الغالب والمغلوب السائد منذ اتفاق الطائف. ولفت البيان إلى أنّ تحديد دور الجيش اللبناني ومهامه الداخلية لجهة «حماية المقاومة الوطنية» يشكل انتهاكاً فاضحاً لمفهوم السيادة وانتقاصاً من هيبة الجيش.
ودعا المعتصمون السلطات الرسمية إلى إلغاء المحاور «ذات الآثار السلبية على المجتمع» من برنامج الشهادات الرسمية، والمبادرة الفعلية لإعادة صياغة كتاب التربية بموضوعية واستقلالية مهنية تسمح للطلاب بالاطلاع على الحقائق وتنمية قناعاتهم الشخصية. كما ناشدوا أساتذة المادة التوقف عن تدريس هذه المحاور، لكونها تتعارض وجوهر وجود الكيان اللبناني، كخطوة أولى تسجل على طريق تصحيح الخلل».
لكن يبدو أنّ «صرخة» الحلف لم تلق آذاناً صاغية لدى المسؤولين في المركز التربوي للبحوث والإنماء، فأوفدت رئيسة المركز الدكتورة ليلى مليحة فياض المسؤول عن الموظفين لتسلم البيان، «حتى لا نعطي حجماً لتحركهم». وأوضحت فياض، في اتصال مع «الأخبار» «أننا لم نبلَّغ بالاعتصام، ثم إنّ المعتصمين لا يتعدون كونهم «وليدات»، وكأنّ الاعتصامات باتت موضة في البلد». ولفتت إلى أنّها لم تطلع على البيان وستتسلمه الاثنين لترى إذا كان مضمونه يستحق عرضه على جلسة مجلس الإدارة الثلاثاء المقبل، أو أنّ القضية «حفلة ولاد» لا أكثر.