أقرت سلسلة الرتب والرواتب أم لم تقر؟ الجواب: ضياع. وزير الحزب الاشتراكي وائل أبو فاعور يتلو مقررات مجلس الوزراء. لعله سبب كاف ليسود الضياع بعد انتهاء مؤتمره الصحافي. أو لعل وجود أبو فاعور خلف منبر الحكومة خير صدفة لإعلان مقررات تجعل من هيئة التنسيق النقابية في ضياع حقيقي عن اتخاذ موقف مناسب من هذه المقررات. بدأ وزير الشؤون الاجتماعية كلامه بالإعلان عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب وفق الصيغة التي قدمتها اللجنة الوزارية المتفق عليها مع هيئة التنسيق النقابية.
واضح. لكنه عاد ليعلن أن تقسيط السلسلة مدار بحث، وهو ما لم يرد في صيغة اللجنة الوزارية. بدأ الضياع. يشرح أبو فاعور أن الإشكال الذي كان حاصلاً هو أن وزراء جبهة النضال ووزراء رئيس الحكومة وبعض وزراء التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية طالبوا بإقرار آليات التمويل قبل إقرار السلسلة. وأكد أن «هذا ما حدث اليوم (...) واتفقنا على بعض الإجراءات التمويلية، وما يمكن تحصيله من هذه الإجراءات هو بقيمة 1295 مليار ليرة، ليتم الاتفاق على باقي مصادر التمويل يوم الأربعاء المقبل». أي أنه لم يتم الاتفاق على التمويل، بعكس ما قال أبو فاعور، وبالتالي فإن إرسال اقتراح القانون الى مجلس النواب مؤجل. ضياع مطلق. الحكومة اللبنانية ضائعة في شبر حق.
ووفق البيان الختامي للجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء، أمس، والذي قرأه أبو فاعور، «أقرّ مجلس الوزراء سلسلة الرتب والرواتب، كما أقر جملة من الإجراءات والتدابير المالية، منها غرامات على الأملاك البحرية وضريبة على الفوائد المصرفية ورسماً إضافياً على رخص البناء وغرامة على الأجهزة الخلوية غير المسددة برسوم الجمارك، وعهد الى وزير الأشغال غازي العريضي إعادة دراسة اقتراح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القاضي بزيادة عامل الاستثمار».
وأعلن أبو فاعور أن «الوزراء سمير مقبل، ناظم الخوري ومروان شربل تحفظوا على إقرار مشروع السلسلة الذي حصل بعد ساعات طويلة من النقاش بشأن الإيرادات»، وأوضح أن «وزراء جبهة النضال قالوا بمناقشة الإيرادات أولاً، ثم انتظار ما ستؤول إليه السلسلة وهذا ما حصل»، مشدداً على أن «السلسلة أقرّت والنقاش لن يكون بعيداً، وتم الاتفاق على جلسة جديدة الأربعاء في 12 أيلول».
وأشار الى أن «الوزراء حاولوا قدر الإمكان أن تكون السلسلة على قدر إمكانات الدولة وتأمين الإيرادات بما لا يمسّ الفقراء، والنقاش الطويل حصل لكي لا تكون هناك تداعيات على المواطنين».
أما هيئة التنسيق النقابية التي نفّذت إضراباً شاملاً، أمس، شلّ الوزارات وإدارات الدولة فلم تعرف حتى ساعة متأخرة من مساء أمس ماهية مقررات الحكومة. ولفتت الى أن المقررات تحتاج الى إيضاحات يمكن على ضوئها إعلان التحرك المناسب. وبالتالي وزعت بياناً يخلو من أي موقف، وفيه: «تدارست هيئة التنسيق النقابية مقررات مجلس الوزراء كما أذاعها الوزير وائل أبو فاعور، أي إقرار سلسلة الرتب والرواتب كما وردت من اللجنة الوزارية في ضوء ملاحظات بعض الوزراء. وعليه، وإفساحاً في المجال أمام الهيئة لتجميع كل المعطيات وتفاصيل مضمون القرار، ورغبة من هيئة التنسيق النقابية في اتخاذ القرار المناسب في ضوء قرار مجلس الوزراء، قررت الهيئة عقد اجتماع موسع لها الساعة الثالثة بعد ظهر غد (اليوم) في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ــــ الأونيسكو لاتخاذ الموقف النهائي من المقررات».
وكان موظفو القطاع العام والأساتذة والمعلمون قد نفذوا اعتصامات أمام الإدارات الرسمية بدعوة من هيئة التنسيق النقابية احتجاجاً على عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب. وفي اعتصام أمام وزارة التربية في الأونيسكو، ألقى رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي حنا غريب كلمة باسم هيئة التنسيق النقابية، قائلاً: «رفض تجزئة سلسلة الرتب والرواتب أو تخفيض أرقامها»، محذراً من «الانقلاب على الاتفاق بين الهيئة واللجنة الوزارية»، ورأى «أن التقسيم والتجزئة في إقرار السلسلة انقضاض على الاتفاق والمصداقية»، متهماً رئيس الحكومة بالانقلاب على ما تعهد به.
أضاف: «من يظن أن بإمكانه الانقلاب على الاتفاق واهم ومخطئ، لأن هيئة التنسيق النقابية أقوى مما تظنون، وهي ليست ورقة للامتحانات فقط. هي ورقة الشعب اللبناني كله الذي سينزل الى الشوارع». وقال: «نعدكم أننا سنكون رأس حربة إذا لم تقر السلسلة، وسنكون على موعد آخر في إطار مزيد من البرامج التصعيدية قد تطيح العام الدراسي، وإعلان الإضرب والاعتصام المفتوح حتى إقرار السلسلة دفعة واحدة ودون تجزئة».
وفي محافظة النبطية، نفذ موظفو الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة إضراباً أمام سرايا النبطية الحكومية، بمشاركة المعلمين الرسميين في المنطقة، ثم أقدموا على قطع الطريق العام، ما أدى الى زحمة سير، وقد عمد عناصر من قوى الأمن الداخلي الى تنظيم السير حتى انتهاء الاعتصام الذي دام ساعة. كما اعتصم موظفو سرايا زحلة منذ العاشرة صباحاً، وكذلك فعل موظفو سرايا أميون ومحافظة الجنوب وإقليم الخروب وبعلبك، وطرابلس ورؤساء دوائر بلدية بيروت أمام مبنى بلدية بيروت في منطقة السوليدير، وقطع المعتصمون الطريق لبعض الوقت.
كذلك نفذ موظفو كل من وزارات الاقتصاد والتجارة والاتصالات والتربية إضراباً عن العمل، مطالبين بإقرار سلسلة الرتب والرواتب من دون أي تجزئة أو تأخير. ولبّى عدد كبير من مفتشي التفتيش المركزي وموظفيه الدعوة الى الاعتصام، وتجمع كبار المفتشين ورؤساء الوحدات والموظفون أمام مبنى التفتيش المركزي، كما نفذ الموظفون والمتعاقدون في وزارتي الإعلام والسياحة اعتصاماً أمام مقر الوزارتين في محلة الصنائع في بيروت. واعتصم الأساتذة والمعلمون وموظفو القطاع العام أمام مبنى سرايا الهرمل الحكومية، معتبرين أن موقف الحكومة «مماطلة وتسويف، ومن شأن ذلك أن يشل الإدارة العامة ويعرّض العام الدراسي المقبل لمخاطر عدة». كما توقف الموظفون والعاملون في وزارة الطاقة والمياه عن العمل وتجمعوا أمام مدخل الوزارة على كورنيش النهر.



300 مليون ليرة

قيمة التمويل الذي من المفترض الاتفاق عليه يوم الأربعاء المقبل، بعدما أعلن وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور أن جلسة أمس انتهت بالاتفاق على مصادر للتمويل بقيمة 1295 مليار ليرة



رفض السلسلة كيفما صدرت!

بما أن «قرص» الهيئات الاقتصادية أصبح هواية في «عرس» أي تصحيح للأجور، فقد أعلنت الأخيرة رفضها لأي قرار يصدر عن مجلس الوزراء حول سلسلة الرتب والرواتب، «وخصوصاً أن الأرقام المتداولة لكلفتها غير واقعية على الإطلاق وستكبد القطاعين العام والخاص خسائر فادحة ستكون لها عواقب وتداعيات كارثية على خزينة الدولة، التي تعاني في الأساس عجزاً مالياً فادحاً وعلى الاقتصاد وعلى المواطن اللبناني». واعتبرت أن ما يحدث «عبث بالأمن الاقتصادي»، وأن «فرض الحكومة المزيد من الضرائب المباشرة على المؤسسات الاقتصادية والمواطنين سيولد انفجاراً».