A ــ جدلية ومسلّمات هندسية.

• يُقتلُ الصرصار، صرصوراً كان أو صرصاراً قبل أن يختفي.

• ــ هل ينفع كسب مساحة إضافية من المكان، إن أضعت مقابله جزءاً من الزمان؟ كلا طبعاً فيكون دوماً كسب الزمان أو + أي: الزمن أفضل من كسب المكان. الزمان في سير متواصل لذا قد يسبقك أو تسبقه. أما المكان فثابت. لذا فَشِلت معك فكرة وضع الولاعة قي علبة السجائر.
إنك اعتقدت أنك توفر فيها مكاناً، وفي الوقت نفسه تحفظها، فإذا بك كلما أردت أن تنتقل من مكان الى مكان، تهدر وقتاً للبحث عنها في كل مكان غير مكانها. وهي داخل علبة السجائر، طبعاً حيث وضعتها بنفسك وعلى غير عادة، على غير المعهود الطبيعي. إنها شيء مستقلّ عن شيء ثان وهو علبة السجائر. أي إن هناك شيئاً X ٢ وقد تعوّد دماغك أن يبحث عن شيئين قبل أن ينتقل من مكان الى آخر. والقرار اليوم يعود إليك. أنت وصلت الى نقيض ما كنت تهدف اليه، أي: خوفاً على إضاعة الولاعة في إحدى المرّات، ها أنت تضيّعها يومياً.
ــ وما علاقة الثورة السورية بهذه المحاضرة «العبثية»؟
ــ لا علاقة لها، لا علاقة لها على الاطلاق، أنا لا أتكلم عن الثورة السورية، أنا أتكلم عن جدلية المكان والزمان.
ــ وهل هذه الجدلية أهمّ من الثورة السورية اليوم؟
ــ كلا، لكن بعد أن تكلّمت أنت عن الثورة السورية وعن عدد الجيوش، ولم نصل الى أي مكان محدد، وهممنا بالمشي، جعلتني أنتظر لمدة ربع ساعة وأنت تبحث عن الولاعة، وقد أضعت مكان وضعها وزماناً لإيجادها ولم تصل الى أي مكان على صعيد الصراع في سوريا والوقت يمرّ صعباً على السوريين. فماذا تريد الآن؟

B ــ تكمن أهمية الصورة الفوتوغرافية الثابتة في أنها تقوم بعمل تعجيزي إلى درجة الخيال، وهو عمل لا يستطيع الزمن نفسه أن يفعله رغم جبروته وسطوته على الطبيعة والكون. إنه توقيف ثانية واحدة أو جزء أصغر من الثانية وتجميده لزمن غير محدد، وذلك من أجل التأمل والتمعن فيه ودراسته بغية فهمه. عظيم اكتشاف آلة التصوير!
ــ إنه اكتشاف مهمّ ولكنه ليس عظيماً. فتوقيف الثانية أو جزء منها إنجاز ربما، لكنه لك وحدك وللمتفرّجين، لكن مَن قال إن الزمن بحاجة أو يستطيع أن يتوقف؟ وهل إذا توقف الزمن لجزء مكوَّن من واحد على ألف من الثانية، ستستطيع بعدها أن تُفيد من التمعّن فيه ودراسته كزمن؟ وهل الغاية من فهمه ستؤثر على سرعة الزمن الثابتة والمتواصلة؟
ــ ولم لا؟
ــ لأنك لن تكون في دفنك ولا في العزاء، أما الزمن فسيكون لا بل سيمرّ بسرعته المعهودة. إنه لم يتجمّد بل أنت أو المصوّر ــ الفنّان جمّده لك أو لنفسه.
ــ لا مشكلة لدي، فالمصوّر المذكور كان يصوّرني وهذه الصورة من الممكن الإفادة منها بالدفن. (يمشي قليلاً ويعود) لكن الشعب السوري رغم نظرياتك المتعددة والمتضاربة يمرّ عليه الزمان، وقد أصبح لطول هذا الزمان ينتشر في المكان، فحاول ان تفكر فيه من هذه الزاوية، وأنصحك بتخفيف التدخين.