نُسجت روايات كثيرة حول قوة القنفذ البري وخطورته. لا تخرج بعضها عن كونها مجرد أساطير. ويرتبط خوف الناس منه بصورة أساسية نظراً إلى قدرته على الدفاع عن نفسه. يقتات القنفذ من أجود أنواع الفواكه والخضر، وغالباً ما يستفيد الناس من لحمه الطيب المذاق، الخالي من الكثير من المواد الدهنية الضارة. تصل كمية اللحم الصافي في القنفذ إلى عشرة كيلوغرامات. ويوجد هذا الحيوان بكثافة في جرود عكار، ويمكن تدجينه كما يفعل رزق الله معيكي في مزرعته.تقول الروايات المرعبة إن هذا المخلوق قادر على قذف أشواكه وإصابة جسم خصمه من على بعد عشرات الأمتار، كأنها سهام قاتلة تخترق الأجساد. ويشرح معيكي أنه حين يحاصَر القنفذ، يعمد إلى تقليص جسده ثم نفخه، مطلقاً سهامه نحو خصمه. أمر تحقق منه معيكي عندما حشره كلب في زاوية في المزرعة، فاخترقت رجله شوكة طولها ثلاثون سنتيمتراً.
لطالما اعتبر صيد القنفذ حرفة مربحة تدفع الصيادين إلى قضاء أيام وليال في ملاحقة أوكاره ومراعيه، مستخدمين العصيّ والبنادق. فيما كان الصياد الأكثر دراية ينصب له فخاً يسمى «طافوحة»، وهي عبارة عن حجارة مسطحة توضع عند مداخل الجحور في الصخور، والتي يحفرها القنفذ بنفسه تحت التراب. ثم تحوّل الفخ إلى قفص حديدي يوضع في داخله طعمٌ، وعندما يهمّ القنفذ بالدخول يسقط باب القفص خلفه فيعلق في الداخل. الجدير بالذكر أن سماكة حديد القفص ينبغي ألا تقل عن ستة مليمترات لأنه قادر على تحطيمها بأسنانه والهروب منه.
يصف الصيادون القنفذ بالذكاء الحاد. فهو عندما يداهم، يركض بسرعة تكاد توازي سرعة الصياد، وإذا أدرك أنه غير قادر على الهرب، يتوقف فجأةً من دون أن يترك للصياد مجالاً للابتعاد عنه، يقلص جسده ثم ينفخه بسرعة مطلقاً سهامه.
ويعدّ لحم القنفذ من أجود أنواع اللحوم، لأنه يعيش قرب البساتين، ويأكل الخضر والفواكه المزروعة داخلها. يختار حبات الذرة والخيار والطماطم والتفاح والإجاص.
يمتنع بعض المسلمين عن تناول لحمه، إذ يشبّهونه بالخنزير البري لقوة مخالبه. لكن، لا وجود لأي نص في المراجع الدينية يحول دون استهلاكه. جلّ ما في الأمر أن البعض يمتنع عن صيده نظراً إلى بشاعة هيئته، أو تأثراً بالروايات المفزعة حوله.
لم يستفد صاحب المزرعة من تربية القنفذ اقتصادياً. فعلى الرغم من أن أنثى القنفذ تلد ثلاث مرات في السنة من حيث المبدأ، إلا أنها كانت تلد مرة واحدة فقط في مزرعته. خسر الرهان الاقتصادي وربح حيواناً فريداً وذكيّاً.