..وبالعامية:


من يومين وكل البلد مسموم. البلد مسموم وحزين. حزين ومسموم وخايف. من لحظة الانفجار يوم الجمعة لليوم الأحد، كأنه يوم واحد طويييييييييييل. كأنه يوم واحد. و"كأنه"، لأنو كل واحد منا، بالنهاية، من بعد ما كان مسموم وخايف وحزين، فات نام بتختو، بغرفتو، من بعد ما لبس بيجامتو وتعشى مع أهلو.. ولو ما كان ألو نفس ياكل. بس الضحايا والجرحى، اللي مش معروف بعد ع التدقيق أديش عددن، اكيد ما مرقوا عليهن هالتلات ايام كأنن يوم واحد.وين نامت الناس اللي طارت بيوتها وتيابها وأغراضها ؟ أكيد، بلبنان الناس بتركض ع بعضها بهيك مصايب ..بس وبعدين؟ سكان أربع بنايات دمّرن الانفجار الرهيب، وين بيروحوا؟ احسبوا بكل بناية في بس 6 طوابق، وكل طابق شقتين أو تلاته. يعني؟ في على القليلة من خمسين لستين عيلة مشردة! شو رح يصير فيهن هدول؟ البديهي أنو يتأمنوا ببيوت ولو مؤقتة، وبعدين منفكر بحل، بمعنى طويل الامد. يعني هدول اللي لازم هيئة الإغاثة تغيثهم ما هيك؟ يعني تعطيهن الاولوية عن الحدود. في حل تاني: أنو هالفنادق اللي عم تصفّر لأنو ما فيها حدا، وقال إنو السياحة انتكبت! معقول تبقى فاضية والناس المنكوبين هدول بالشارع؟ ويمكن الشارع اللي فيه هدول الفنادق تحديداً؟ خليهم ينزلوا فيها، كحل مؤقت، ويا خيي تدفعلن هيئة الإغاثة بسعر مخفض، سعر "غروب سياحي" منكوب، بانتظار صرف تعويضات للناس حتى تعرف تتسيسر. هيدا إذا في شي بيعوّض بالطبع، وأكيد ما في.

هيدا بالنسبة للناس. طيب شو الاعلام؟ أول شي متل ما لاحظنا كلنا، التلفزيونات المحلية كتيييييييير تأخرت حتى تغطي موضوع الناس..يعني "الابرياء". يعني ما كانت فاضية أول اربع ساعات إلا إنها تقول، وكأنها عم تزفلنا بشرى يعني: "الحمدلله ما حدا من السياسيين مستهدف بالانفجار"!. إيه والله، هيك قالوا قبل ما حدا يقول إسم الشهيد وسام الحسن. يعني هني قصدن غير الابرياء اللي عددن فوق المية. لأنو "الابرياء" باللغة اللبنانية ، هني اللي بينصابوا او بيموتوا "باي ذا واي"! لذلك "الحمدلله". المستشفيات دبت الصوت "لكل أنواع فئات الدم" والتلفزيون عم يقول "الحمدلله ما كان ولا سياسي مستهدف"! متل ما عم قللكن ايه والله. لأنو هيدا البلد مش لألنا. نحنا هون "باي ذا واي". يعني؟ أو مش قادر تهاجر لأنو ما حدا عم يعطيك فيزا، أو ما معك تجيب فيزا، أو ناطر ليصير معك تتجيب فيزا. هني آخذينها ع حالن. أنو شو بيقعدن بهالبلد (هني يعني) لو معن فيزا؟ أو غرين كارد؟ أنا واياك يا صديقي ويا صديقتي مش موجودين بمخّن هيدا إذا في مخّ. نحنا الأبرياء. الأبرياء اللي ما حدا جاب سيرتن لتاني يوم. ما حدا اهتم فيهن يعني لمبارح السبت. أنو "آه..نسينا الابرياء"!. ما حدا عرف إسم الشهيدة جورجيت سركيسيان، عاملة القهوة بالبنك المقابل، الا من الوكالة الوطنية، وبالطبع عرفنا قبلها إسم الشهيد أحمد صهيوني مرافق الحسن لأنو هوي "نص ابريا"، يعني نص مهم، كونو كان مرافق الشهيد الحسن. والجرحى؟ منيح إنو شفنا شي ريبورتاج عن الجرحى بالمستشفيات. قالت الست الجريحة للمراسلة (يمكن ال بي سي او او تي في مش مأكدة لأنو كنا عم نتنقل بين الشاشات) "بيتي احترق واغراضي وتيابي ..وحتى الفستان اللي كنت لابستو خزقولي اياه بالطواريء تيسعفوني؟ بأي تياب بدي أطلع أنا من هون؟ ولوين بدي روح؟". المرا عمرها بالسبعين ع القليلة. وفيها تكون اقل بكتير من السبعين ويكون ما عندها حلّ. العمر مش القصة اللي بتزيد الدراما. المرا ووضعها، واللي بوضعها، زائد "انعدام العقل المواطني" عند السياسيين وعند معظم وسائل الإعلام، هيه الدراما.

شي واحد كان "بيبسط" بهاليومين: إزدحام المواطنين بالمستشفيات للتبرع بالدم . وهيدا بيعني شي واحد: اللبنانية، برغم كل شي، بيستاهلو احسن من اللي عم يصير فيهن.