بعد «عنتريات» وزارة الداخلية اللبنانية بين عامي 1996 و2002، التي ساهم فيها الإعلام وأدّت إلى القبض على العديد من شباب موسيقى الروك والـ«ميتال» بتهمة «عبادة الشيطان»، ها هو الإعلام اللبناني يعيدنا سنوات ـــ بل قروناً ـــ إلى الوراء... فالإثارة من مستلزمات المرحلة! ها هي قناتا «الجديد» والـ MTV تسيران على درب «نجميهما» طوني خليفة وجو معلوف، وتعدّان تقريراً يسبغ صفة «عبدة الشيطان» على الجمهور الذي حضر حفلة موسيقى الـ«ميتال»، التي أقيمت قبل أيام في منطقة ضهر الوحش (جبل لبنان)، في مناسبة هالوين.
أطلّت علينا «الجديد» أخيراً بتقرير خلال نشرة الأخبار، ربطت فيه بين ممارسات الشباب الذين حضروا حفلاً في المبنى السابق من «مدرسة القرطباوي» و«عبدة الشيطان». واستندت في «تحرياتها الاستقصائية» (صرعة المحطة هذه الأيام) إلى إفادة ناطور من المنطقة سمع «موسيقى مش سامع منها بحياتي» وأحد سكان منطقة الكحالة الذي «شكر الأجهزة الأمنية التي ضربت بيد من حديد». ومن بين «الأدلة» التي عثرت عليها دلال بزي رسوم على الحائط، من بينها «النجمة المروّسة» وشعار أحد مشروبات الطاقة... أما في أحدث حلقات برنامجه «انت حر»، فقد حذا جو معلوف على «أم. تي. في» حذو زملائه، مطلقاً العنان لسيل المعلومات الخاطئة، هو الذي أبدع في المرحلة الأخيرة في إعادتنا إلى عصور الظلام. يؤكد مؤسس فرقة KIMAERA جان بيار حدّاد لـ«الأخبار» أنّ المنظّم حصل مسبقاً على موافقة الجهات المعنية، نافياً كل ما تردد عبر وسائل الإعلام حول مداهمات: «حضرت دورية درك تأكدت من الرخصة وانصرفت من دون توقيف أحد». ويضيف حدّاد، الذي شاركت فرقته في الحفلة، «يحلّوا عن ضهرنا بقا. نحن لدينا ثقافة موسيقية عالية، كما أنّ خبرتنا تزيد على 15 عاماً».
ودعا ابن الثلاثين عاماً الإعلام إلى الاهتمام بشؤون أخرى والابتعاد عن فبركة الأخبار والإثارة، والتأكد من المعلومات قبل نشرها. الغضب دفع مؤسس فرقة Blaakyum باسم دعيبس (35 عاماً)، التي شاركت في الحفلة أيضاً، إلى الاتصال بـ«انت حر»، محاولاً توضيح الصورة لمعلوف، فما كان من «أمير» صحافة الفضائح إلا أن استهزأ به، قبل أن يسارع إلى قطع الاتصال. وفيما اعتبر الشاب أن الحديث مليء بـ«الكذب والافتراء»، لفت إلى أنّ رقصة الـ Mosh pits طقس من طقوس «الميتال» ولا تتعلق بعبدة الشيطان: «ليتثقفوا موسيقياً قبل أن يتبجّحوا». «الروك والشعر الطويل والثياب السوداء ليست عبادة شيطان» يقول روي نوفل (28 عاماً) مؤسس فرقة Blood Ink، معتبراً أن الصور النمطية السائدة في المجتمع اللبناني تعود إلى «قلّة الثقافة وغياب الوعي»، محمّلاً الإعلام مسؤولية التضليل... فمتى تنتهي هذه المهزلة على شاشاتنا؟


■ للتضامن مع فناني الروك والـ«ميتال» اللبنانيين أنقر هنا