مذهبة فلسطين

في الربيع العربي بدت فلسطين وحيدة. كأنها شجرة أدركها الخريف وسط سهول أينعت بربيع غريب تختلط فيه الأزاهير النضرة بالأعشاب الضارة. انتظرنا انتفاضتها، لكنها لم تحصل. شيء ما كان قد بدأ بالحدوث خلال العدوان الأخير، لكنه توقف... بالانتصار!

وفي خضم الأجواء المذهبية الفتنوية التي تعمل قوى عظمى، وأقل عظمة، على تنميتها في عالمنا العربي، كانت فلسطين خيمتنا الأخيرة. خيمة تجمع أيتام العروبة وقضية قلبها النابض، فلسطين.
عندما زرت غزة منذ سنة، كنت كمن يقوم بسياحة تطهرية للقلب والعقل المشوّشين بتفاهات حثالة الطبقة السياسية التي باتت تحكم لبنان والعالم العربي، وتقودنا الى هاويات الانتحار الجماعي بسوط الفتنة المذهبية. في غزة، تفتّحت حواسي المهنية كلها. كنت أرتجف تأثراً كجناح فراشة تحوّم حول الضوء. كنت ألتقط أصغر التفاصيل والإشارات. التهمت كل شيء التهاماً. فقد كنت أمسك بطرف تنورة فلسطين الجنوبية، وأنظر بدهشة الطفل في عيني «والدة» ألمسها وأشم رائحتها للمرة الاولى.
وفي زمن الانقسامات الداخلية المذهبية، صارت فلسطين خيمتنا الأخيرة. أتخفف عند دخولها من كل ما يشوّش روحي ووجداني السياسي: هموم انقسامات 8 آذار و14 منه، ثقل الثورات المضادة بإدارة الغرب الخائف من نهاياتنا السعيدة. في غزة، كان العدو واضحاً والصديق واضحاً، كالهواء النظيف والمتعة الصافية صفاء بحر غزة وقلوب أهلها.
و«دارت الأيام»، مصرياً. أو أنها بدت كذلك لوهلة. دارت لتعود إلى مكانها تقريباً. فتح معبر رفح قليلاً، تنفس الغزيون قليلاً وراهنوا على الإخوة في مصر، كثيراً. الحساسية الإسلامية المتشابهة لم يكن ممكناً إغفالها: لكن، من سيجرّ من الى موقعه؟ أتجرّ غزة مصر الى فلسطين ومحور المقاومة، فتلغي معاهدة كامب ديفيد أو تعلقها على الأقل، ويفتح معبر رفح، المعبر الوحيد الذي يخلو من الإسرائيليين، على مصراعيه؟ أم تجرّ «مصر الجديدة» غزة الى المحور المتّكئ على تشابه المذهب الديني، بغض النظر عن قضايا العروبة؟
وإذ... بخبر زيارة وفد من 14 آذار الى غزة، للتضامن. وبعد تجاوز النكات البديهية التي جرى تداولها على نطاق واسع على صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، نظراً إلى تاريخ الأشخاص المرسلين إلى هناك من أصناف أنطوان زهرة، نائب حزب صبرا وشاتيلا، و«بطل» حاجز البربارة المنتمي الى الحزب نفسه وأقاربه في اليمين العنصري اللبناني، فكّرت في ما يمكن أن يكون خلف هذه الزيارة.
لمَ يقوم هذا الوفد بزيارة غزة؟ وما معنى هذا الكلام الصادر عن بعض أعضائه المعروفين بعنصريتهم تجاه الفلسطينيين؟ قد يريد المرء أن يعتقد بأن هناك مراجعة إيديولوجية قام بها هؤلاء، وبذلك تصبح الزيارة «خطوة جريئة».
لكن، بما أن الزيارة حصلت، على حدّ علمنا، قبل تلك المراجعة، فعندها تصبح الخطوة مجرد خطوة... وقحة. فلو حذفنا أمين وهبي، الذي «اكتشفت» لحيويته المذهلة منذ انتخابه أنه نائب عن البقاع، فإن الشخصين المرسلين، النائب عن حزب «المستقبل» زياد الجراح، صديق العميل زياد الحمصي، وأنطوان زهرة «جامع آذان» ضحايا حاجز البربارة، هما الشخصان المناسبان للاستفزاز من جهة، وإعادة تدوير السمعة، من جهة أخرى.
فإرسال زهرة الى غزة، ممثلاً حزبه الذي يريد أن يتجاوز الماضي من دون الاعتذار عنه، يندرج داخلياً، أي أمام جمهور القوات، في سياق «رتق العذرية» الذي يقوم به أخيراً زعيم القوات اللبنانية «الجديدة» خصوصاً، ومجمل الخندق اليميني عموماً. فمن «الاحتفال بشهدائنا» وتكريمهم، إلى رفع الأنصاب لتمجيد بعض هؤلاء، إلى إنتاج فني يتغنّى بإرث الحزب، إلى إنشاء وسائل إعلام «تبخّ» هذه الأفكار... إلخ.
أما خارجياً، فللرسالة مدلول واحد: تذكير جمهور 14 آذار بشقه «المستقبلي» أو السنّي اليميني، (فاليمين المسيحي يكرههم منذ زمن بعيد)، الذي بدأ بكراهية فلسطين لأن المقاومة اللبنانية (الشيعية)، وإيران وسوريا، تدعم مقاومتها، بأن فلسطين هي للسنّة!
من هذا الباب دخل الوفد إلى غزة.
يحاول هؤلاء النواب اللبنانيون إعادة التموضع في الصراع العربي الإسرائيلي طائفياً، «يقرّشون» فلسطين بالمذاهب. وهنا يركب تحالف «القوات -المستقبل»، اقرأ اليمين الماروني السنّي اللبناني.هكذا، ستعود بفضلهم فلسطين قضية للعرب في... الطريق الجديدة!
وهذا بالفعل إنجاز كبير للقضية.

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/11/2012 10:33:59 AM

هذا وهم أي نعم هم يحاولون ذلك لأن العم سام يريدها كذلك لأنه لاسبيل غيرها لمحو القضية الفلسطينية ومؤخرا ذهبت السدة بهية الى غزة وأنا أقترح على السيدة المحترمة أن تأتي هي وبقية آل الحريري الى اليمن للعودة النهائية الى أرض الأجداد فجبل خرير لازال ينتظرهم وهو بالمناسبة جبل واسع خصيب صالح للزراعة والاستثمار وسيدر عليهم أرباحا طائلة.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/4/2012 12:58:13 PM

عزيزتي ضحى، لوهلة ظننت أنني أقرأ قصيدة محكمة أو أرى لوحة معبرة... لا أستطيع ألا أتغنى وأمتدح افتتاحية المقال الرائعة التي قرأت عباراتها مثنى وثلاث ورباع... ثم...وإذ... بدأنا الغلط حين قلتي: "في غزة، كان العدو واضحاً والصديق واضحاً"... فاسمحيلي هنا أن أخالفك الرأي كلياً، لأن هناك اختلاط يشابه إلى حد بعيد اختلاط "الأزاهير النضرة بالأعشاب الضارة".. والجزء الأخير من مقالك نفسه يثبت ذلك :)فهل وفد الأربعتعشري صديق "مزهر" (لعلهم لهذا أرسلوا زهرا)نضر أم نبات "مستلق" ضار؟؟؟ :)

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 5:35:36 PM

النائب عن حزب «المستقبل» زياد الجراح؟؟؟؟؟؟!!!!!! ست ضحى ما بترجعى بتقرئي مقالاتك؟؟؟ زياد الجراح؟!!!!!

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 3:31:59 PM

عزيزتي ضحى، لمجرد العلم فقط، امين وهبي(القديم): شيوعي سابق ، درس على حساب الحزب السيوعي في الاتحاد السوفياتي، استشهد اخاه بعملية ضد الصهاينة، قبل الغزو الاسرائيلي سنة 1982،مقاوم؟! امين وهبي (الجديد) ،عضو كتلة تيار المستقبل، مؤيد بحرارة لافكار القوات اللبنانية، منتقد لاذع للمقاومة بكل اتجاهاتها، الا مقاومة القوات اللبنانية طبعا، مؤيد للمملكة العربية السعودية ومعجب بطريقة الحكم هناك!!!! عجيب الزمن كيف يوافق بين القديم والجديد، خلطة عجيبة، لكن يبدو ان المال والسلطة هو الجواب. ملاحظة اخيرة: امين وهبي سقط في الانتخابات البلدية في بلدته.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 7:52:00 AM

الله يسلم ايدك ويستر من الآتي... بس ما تقلقي... إذا لا سمح الله ضلت حماس الطريق - والهيئة هيك - المقاومة باقية حتى لو بقي شخص واحد بس مؤمن بالقضية... "درب الحق موحش لقلة سالكيه" ولكنه الحق الذي لا يموت بموت الأشخاص أو تبدل جلودهم... وطالما فيه شخص واحد مثلك عطول يذكرنا بزهرة والحمصي كمان ما في خوف... جاد

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/2/2012 10:23:42 PM

إنها خطوة ذكية من حماس لمحاصرة إسرائيل بقواتها في الجنوب وقوات الدفاع اللبنانية (القوات اللبنانية) والأسير من الشمال.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/2/2012 7:49:43 AM

يا ست ضحى ,,, الغريب ان يقوم لبناني "غير يساري" وليس من حزب المقاومة بزيارة غزة واهلها ,,, ولكن قولي لنا هل لدى اللبناني لا عنصرية تجاه أي جنسية ما عدا "الرجل الأبيض" حسب توصيف السيد / أسعد أبو خليل ؟ فالسوري والمصري والفلسطيني ووووو كلهم ناس ورا ووحده اللبناني بالأول لتفوقه "الفينيقي" مع أن لوثة الفينيقية يجب ان تصيب اهالي الساحل السوري "على الأقل" حسب المنطق والتاريخ ولكن جهابذة العنصرية اللبنانية يمنعوهاعنهم "لتفوقهم الجيني ربما؟"

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 10:43:37 PM

حلوة .. بس بعد تشوف مثقفينا العنصريين بسوريا طالعولي نظريات بتطور الجنس البشري شي .........

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 11/30/2012 9:54:18 PM

ومن جهة ثانية ما حدا فيه يروح عغزة إذا يللي بغزة مش راضي. كييييف وحياة عين الموجودين كلهم بيستقبلوا هيك ناس. كيف؟ كيف؟ كيف؟ كيف؟ أنا بعد ما إنطلب مني اسكت عن إنتقاد حماس. الله يرحم القضية متل ما بدهم الصهاينة الماسونيين رح يصير. باي مقاومة، مرحبا سلام وأمم متحدة ومستهلكة (بالفتحة والكسرة). <strong>اللهم يوعى الشعب بسرعة. </strong>

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 10:16:39 AM

عزيزي مجهول..قلت في نهاية تعليقك جملة استفزتني للرد: قلت "اللهم يوعى الشعب بسرعة" فيا صديقي الله ما بيوعي الشعب لا بسرعة ولا ببطء..الله دخيل اسمو لما بشوف الشعب نايم بيخليه نايم..خلينا نقول ما الو خصة..يعني الشعب النايم بدو يلاقي طريقة ليوعى لوحدو.. ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/17/2012 6:47:35 AM

تعودنا نتكل بك شيئ على اله وهو اللي مكلفنا بهي الأرض ومستخلفنا فيها.فنحنا كعرب ومسلمين تخلفنا فيها بدل ما نحقق مسيرة الإستخلاف اللي كلفنا فيه الله.إن الله لايغير ما بقوم حتى يغييروا ما بأنفسهم.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/3/2012 11:42:11 PM

عزيزتي ضحى، شخصياً ما في غير الله عم بحاول يوعني -شخصياً وفردياً ويومياً- على الظلم المكبل (مع شدة وكسرة) يللي بمارسو بحق حالي والعالم والعكس. وهو أبي وأمي كامل المحبة والحرية وحاضن ألمي ومن يتألم معي من شدة الظلم. ولكن أنا اتضرع لله بشكل فردي تيوعا الشعب بالشكل يللي بفيده، ومزبوط متل ما قلتي لوحده; حتى يكون عنده الحرية الكاملة.. لا يتكبل بألدين ولا بالنظام العالمي. ففيكي تسمي الله شو ما بدك، العدل الحب الاخوة الحرية الرحمة الحكمة. شو ما بدنا فينا نسمي. أنا شخصياً هول إلي الله، الرجاء إحترام رأيي الشخصي ووجهة نظري وما نقع بفخ نصبناه بأيدينا ألا وهي محاربة فكرة الله بدون معرفته متل ما غيري عم بحارب عن فكرة الله وكمان بدون معرفته. سلام.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 12/5/2012 6:41:12 PM

للأسف، بالنسبة لمعظم الناس يتم استخدامه (الله) كمبرر لسحق ألآخر وتقبل الإذلال بجميع أشكاله. بشكل عام، إنه "عكازه" للضعفاء

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم