استضافت دولة قطر، برعاية الأمم المتحدة، أكبر وأوسع مؤتمر دولي عن شؤون تغيّر المناخ. ويهدف هذا الاجتماع الى إيجاد حلّ لانبعاث الغازات الدفيئة، وخصوصاً ثاني أوكسيد الكاربون، الذي يسبب ما يطلق عليه اسم «مفعول البيت الزجاجي». وقد عقدت خلال الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات والمشاورات بين المشاركين الرسميين للدول والحكومات، بهدف التوصل إلى اتفاق رسمي يحفظ مصالح الجميع ويقلل من الانبعاثات في آن واحد. وبعيداً عن هذا الهدف المهم، ثمة ما «يميّز» هذا المؤتمر الذي تستضيفه للمرة الأولى دولة عربية، وهو الوجود الكثيف للقطاع الخاص، الذي تزامن مع كثرة الكلام عن «الاقتصاد الأخضر» (وهو تمويه للتسمية الدقيقة التي يجب ان تكون الرأسمالية الخضراء) وبتقليص دور «المجتمع المدني» الذي جرى استيعابه ضمن منظومة السلطة الدولية، وأصبح يجسّد دور «الطفل المشاغب»، مؤدياً خدمات مباشرة وغير مباشرة لتلك السلطة، ما جعل منه أداة تساعد النظام على إعادة إنتاج نفسه بحلة مقبولة، لكن من دون أي تغيير أساسي لعلاقات القوة التي تميزه. فعلى سبيل المثال، نظم أعضاء المجتمع المدني العالمي تظاهرة حاشدة رفع المشاركون العرب فيها لافتات دعت حكامهم إلى قيادة الجهود الرامية إلى تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة. وكانت هذه التظاهرة المرخصة، الأولى من نوعها في قطر، التي «تحظى» بأعلى نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بعدد سكانها. وتتلاءم إعادة التأطير هذه مع الخلفية الطبقية البرجوازية لأكثرية أعضاء المجتمع المدني، وخصوصاً لقياداته، وتأتي على خلفية اضمحلال الحركات السياسية المناهضة للعولمة، التي دفنت في الشتاء العربي. كم انت بعيدة يا نشوة الربيع!