«لشو جايين لعِنّا؟ روحوا لعند جماعتكم بحلّوها». المُخاطِب: رئيس الجمهورية ميشال سليمان. المُخاطَب: أهالي المخطوفين اللبنانيين في أعزاز السورية. هذا ما ينقله أدهم زغيب، نجل أحد المخطوفين، بعد زيارة وفد الأهالي لسليمان. زغيب ليس وحده من ينقل هذه «الواقعة». فدانيال شعيب، شقيق أحد المخطوفين، أيضاً، يؤكّدها لـ«الأخبار». حصل ذلك قبل التحرّك الاحتجاجي للأهالي، أواخر الشهر الماضي، على طريق القصر الجمهوري. في ذاك الاحتجاج، الذي رآه البعض مسيّساً، لم تُكشف «مقولة» حامي الدستور إلى العلن. أما اليوم، فيقول زغيب: «كنا ممتعضين مما قاله لنا رئيس الجمهورية، ولهذا تحرّكنا باتجاه القصر، ومع ذلك لم يكن التعامل معنا لائقاً، إذ احتجزنا داخل مرأب سيارات بعيداً جداً عن القصر». بالتأكيد، وكما هو معروف، لم ينزل سليمان من قصره لمقابلة الأهالي المحتجّين. الأهالي يؤكدون أن سليمان أرسل إليهم ضابطاً ليفاوضهم، فما كان منهم إلا أن رفعوا الصوت في وجه المبعوث، وحمّلوه إلى رئيس البلاد (كل البلاد) امتعاضهم الشديد من «كلمته الثقيلة التي لم نستطع هضمها».
إلى ذلك، نجح الأهالي في تنفيذ ما كانوا قد هدّدوا به، خلال الأسابيع الماضية، لناحية محاصرة المصالح التركية في لبنان. فيوم أمس، عند الساعة السابعة صباحاً، نزلوا إلى ساحة رياض الصلح وأقفلوا شركة الخطوط الجوية التركية. موظفو الشركة لم يستطيعوا الدخول إلى عملهم، إذ وجدوا الأبواب موصدة، وقد دُمغت بالشمع الأحمر. هذا النوع من الإقفال، عادة، هو إجراء حكومي محض، غير أن الأهالي أرادوا إيصال رسالة مفادها: «في ظل غياب الدولة عن هذه القضية، وعجزها عن فعل شيء حقيقي مع الدولة التركية، المعنية الأولى بقضية المخطوفين، قررنا أن نحاول لعب دور يعوّض هذا الغياب» وفق أدهم زغيب. يؤكد الأخير «ليس هدفنا الظهور في الإعلام، ولا ضرب السياحة ولا أذية بلدنا، لكنّ لدينا أهلاً وأحبة مخطوفين بمعية الأتراك، وهذا ما لمحت إليه حكومتنا قبل مدّة... نحن نعلم بأننا لو سكتنا وجلسنا في بيوتنا فإن شيئاً لن يحصل، وعندها سنصبح ممن يحيون الذكرى السنوية للمخطوفين. هذا ما لا نريده ولن نسمح به».
استمر الأهالي، مع شمعهم الأحمر، في وسط البلد حتى الساعة الواحدة ظهراً، ونجحوا في تعطيل مصلحة تركية في لبنان. وهم يتكلمون اليوم عن خطوات لاحقة أيضاً. وقد علمت «الأخبار» أن الخطوة الثانية، ربما، ستكون داخل حرم مطار بيروت، عند مركز الحجوزات التركية تحديداً.
وزير الداخلية، مروان شربل، على عادته، حاول المواءمة بين مراعاة عاطفة الأهالي وعدم التعرّض للمصالح التركية. لم ينجح بداية في إخراج الأهالي من الشارع، أمس، قبل أن يظفر منهم بـ«إعطائه مهلة، له شخصياً، وللحكومة أيضاً، لفعل شيء خلال الأيام المقبلة». وفي تصريح له حول ما حصل، قال شربل: «لا يجوز لوم الأهالي، لأن الجمرة لا تحرق إلا مكانها، لكن بحسب معرفتي، الأتراك لا يعملون تحت الضغط». ولفت إلى أنهم «يستطيعون أن يساعدونا مساعدة كبيرة، لكن لا نعرف المصلحة التي لديهم في تأخير هذا الملف».
ومساءً، أصدر أهالي المخطوفين بياناً أعلنوا فيه «تأجيل التحركات التي كان متفقاً عليها هذا الأسبوع، بناءً على رغبة الوزير شربل، فكل مطلبنا هو أن تتحمل الدولة التركية المسؤولية وتساعد في عودة أهلنا». اللافت أن الأهالي، هذه المرّة، لم يتوجهوا إلى رئيس الجمهورية. فبالنسبة إليهم... «إما نحن غير لبنانيين وإما هو رئيس لغير هذه البلاد».



الاتكال على عباس إبراهيم

من ضمن الخطوات التي سيلجأ إليها أهالي المخطوفين، في مرحلة لاحقة، إطلاق حملة يدعون فيها إلى «مقاطعة البضائع والمصالح التركية في لبنان... علماً بأن جميع التحركات ستكون سلمية، وذلك لمواكبة جهود اللجنة الوزارية وجهود المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم». هذا ما أعلنه أدهم زغيب، أمس، في كلمة له باسم الأهالي في ساحة رياض الصلح. يذكر أن الأهالي باتوا يعوّلون كثيراً على اللواء إبراهيم، وخصوصاً بعدما صدّهم رئيس الجمهورية، على حدّ قولهم، إذ «كان هو من اتصل باللواء ابراهيم وطلب منه متابعة قضيتنا». يتحدث زغيب عن هذه الحادثة بكثير من العتب على رئيس الجمهورية، الذي «جعلنا نشعر بأن ثمة نفَساً طائفياً في المسألة، علماً بأن هذا الأمر لم يكن ليخطر في بالنا».