بغداد | تفاعلت الأحداث سريعاً يوم أمس في العراق، لتصل إلى نقطة بدأ الحديث عندها عن حل مجلس النواب العراقي؛ فقد دعا زعيم القائمة العراقية إياد علاوي، إلى إجراء انتخابات نيابية مُبكِرة وتشكيل حكومة مؤقتة لا يرأسها رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي، وتأخذ على عاتقها مهمة الإشراف على الانتخابات المبكرة. وفيما حذّر علاوي من خطورة استمرار أوضاع المرحلة الحالية، قال في كلمة ألقاها يوم أمس إن «استمرار الأوضاع على هذه الحال سيؤدي إلى مزيد من التشظي والتأزم والتوتر»، داعياً إلى «إجراء انتخابات مُبكِرة وتشكيل حكومة مؤقتة من مجلس النواب للإشراف عليها». وأضاف علاوي أنه «بعد ذلك تُجرى انتخابات عامة ونزيهة تُشرف عليها الأمم المتحدة مباشرة»، مشيراً إلى أنه «بخلاف ذلك، على التحالف الوطني أن يختار بديلاً من رئيس مجلس الوزراء وتشكيل حكومة تلتزم الدستور وتنفيذ اتفاق أربيل (الذي مهّد الطريق لولادة الحكومة الحالية) بالكامل وبنحو غير منقوص».
وأكد علاوي أن «العراق يعيش أسوأ أوضاعه وأخطرها على الإطلاق، وبشاعة المشهد واضحة بالتفرد بالقرار والحكم وتمزيق لُحمة المجتمع وتقطيع أوصاله وترويع شرائح مليونية منه وتهميشها»، لافتاً إلى أنه «لا بديل من رحيل هذه الحكومة وفسح المجال أمام حلول جذرية سلمية وحقيقة».
ورأى زعيم القائمة العراقية أن «ما يحصل الآن هو ضمن الفراغ الحاصل بسبب غياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني».
ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بدا موافقاً على ما طرحه علاوي، بشأن خطورة الأوضاع الراهنة في البلاد وضرورة الذهاب باتجاه حل مجلس النواب. وبالرغم من أن بيان المالكي ليوم أمس لم يتطرق علانية إلى هذا الخيار، إلا أنه جاء طويلاً وتضمن تسع «ثوابت أو مبادئ عامة». وذكر المالكي، بحسب بيان صدر عنه، أن «العملية السياسية تواجه تحديات كبيرة تستوجب من جميع الكتل السياسية الانتباه والحذر الشديد من البرامج الخارجية التي تحاول أن تدفع البلاد إلى الاقتتال الطائفي والتقسيم»، مشيراً إلى أن «المصلحة الوطنية العليا وحماية السلم الأهلي تُحتّم علينا جميعاً التعاون وتفويت الفرصة على المتربصين بالوحدة الوطنية التي من دونها ستكون وحدة العراق وسيادته واستقلاله في خطر حقيقي».
وأكد البيان مبادئ عامة لخّصها بالقول: «على القوات المسلحة من الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية أن تمارس أقصى درجات ضبط النفس وتفويت الفرصة على المنظمات الإرهابية، التي تعمل على جرّها إلى مواجهة مسلحة أو ضرب المتظاهرين السلميين». وشدد على ضرورة «منع المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة من اختراق التظاهرات وحرف مسارها السلمي وتشويه المطالب المشروعة للمواطنين، وأن تبقى ساحة المواجهة مفتوحة مع التنظيمات الإرهابية خارج ساحة التظاهرات».
وأشاد المالكي بمواقف العشائر الأصيلة التي «تصدّت لمحاولات الإساءة إلى الدولة ورموزها ومؤسساتها وتلاحمهم مع أبناء الشعب العراقي الكريم في مواقع المسؤولية السياسية والأمنية». وناشد المالكي «المتظاهرين ضبط النفس والتصرف بمسؤولية لحماية الوحدة الوطنية ومنع الطائفيين والإرهابيين من اختراق صفوفهم وإطلاق شعارات تستفز مشاعر المكونات الأخرى للشعب العراقي وتدق إسفين الفتنة الطائفية التي إن عادت لا سمح الله، فإنها ستحرق الجميع ولن يستفيد منها سوى أُمراء الحرب والإرهاب وزعماء الميليشيات»، داعياً إياهم الى التصرف «بطريقة حضارية تتناسب مع الإرث الحضاري والإنساني الكبير للشعب العراقي على مر التاريخ، عندها لن يكون صعباً حل جميع الإشكالات على أساس المسؤولية المشتركة، لا عبر التنصل من المسؤولية التي يمارسها بعض الشركاء في الحكومة والبرلمان».
من جهته، أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي، أن المالكي بات مقتنعاً بضروة الذهاب إلى انتخابات نيابية مُبكرة، رغم أنه لم يلمّح إلى ذلك في بيانه. وذكر المطلبي، في حديث لـ«الأخبار» أمس، أن «المطالب والوضع العام في الشارع خرجت عن كونها مطالب مشروعة تندرج ضمن الحق الدستوري»، معرباً عن اعتقاده أن «الحاجة قد برزت لحل مجلس النواب، لا بل إنه بات مطلباً حقيقياً لحل الأزمات التي تعانيها البلاد. كذلك إن المادة 64 من الدستور تتيح لرئيس مجلس الوزراء حل البرلمان، بعد موافقة رئيس الجمهورية على الطلب، كذلك الجو العام في الائتلاف مع هذا التوجه». وأشار المطلبي إلى أن «مع هذا الخيار ستتولى الحكومة الحالية مهمة تصريف الأعمال، لذا فإنّ من المتوقع تأجيل انتخابات مجالس الأقضية والنواحي المقرر أن تنطلق في العشرين من الشهر الرابع إلى العشرين من الشهر الخامس، على أن تجري الانتخابات النيابية في نفس ذلك اليوم».
في غضون ذلك، حمّل الحزب الشيوعي العراقي، الكتل السياسية وقياداتها في الدولة، المسؤولية الأساسية عن اتخاذ خطوات لحل الأزمة الحالية، داعياً إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة. وقال الحزب، في بيان، إن «تداعيات الأزمة السياسية الأخيرة التي فجرتها قضية وزير المالية رافع العيساوي، ما زالت تتفاعل على مختلف الصعد السياسية والشعبية»، محذّراً من «مخاطر جدية تهدّد السلم الأهلي والنسيج الوطني للبلاد». وأضاف البيان أن «التظاهرات التي انطلقت في الأنبار وامتدت إلى محافظتي نينوى وصلاح الدين عكست مطالبها عمق الفجوة التي تفصل المواطنين عن الحكومة الاتحادية وحكوماتهم المحلية».
وأشار الحزب الشيوعي العراقي إلى «وجود جهات تتربص سوءاً ببلادنا داخل العراق وخارجه، من خلال استغلال مشاعر السخط لدى المتظاهرين وتوجيهها بما يخدم توجهاتها ومراميها المشبوهة عبر محاولة دفع الاحتجاجات والتظاهرات السلمية في اتجاهات طائفية قومية متعصبة ضيقة».
وطالب الحزب «القوى والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني بمنع البلاد من الانجرار إلى دعاة الفتنة الطائفية وتفتيت الوحدة الوطنية».



المطلبي: لا لحكومة انتقالية

بشأن رفض القائمة العراقية أن تتولى الحكومة الحالية مهمّة الإشراف على الانتخابات النيابية، قال النائب عن ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي (الصورة)، لـ «الأخبار»: «ليس هناك إمكانية لتشكيل حكومة انتقالية حيث إن ذلك يعني خلو البلاد من السلطتين التشريعية والتنفيذية في الوقت نفسه».
ويتناول الدستور العراقي هذه الحالة في المادة 64 منه، حيث تنص الفقرة الأولى منها على أنه «يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلت أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية»، وتقول الفقرة الثانية من المادة: «يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية». يجدر ذكره هنا أن الدستور العراقي لا يتناول مسألة تشكيل حكومة انتقالية جديدة تأخذ على عاتقها مهمة الإشراف على الانتخابات النيابية، إذا ما حُلّ مجلس النواب، كذلك في ظل غياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي لا يزال في مرحلة العلاج في ألمانيا، سيتولى نائبه خضير الخزاعي مسؤولية الموافقة على طلب رئيس مجلس الوزراء بشأن حل البرلمان.