«بما أنّ مقدمة الدستور تنصّ في الفقرة «ج» على مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، كما تنص المادة 7 من الدستور على أنّ اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنيّة والسياسية ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة دون فرق بينهم، وبما أنّ مقدمة الدستور اللبناني تنص في الفقرة «ب» على أنّ لبنان ملتزم مواثيق منظّمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان...» قرّرت اللجنة الوزارية المكلّفة من قبل مجلس الوزراء دراسة مشروع مرسوم حق اللبنانية بمنح جنسيتها لأولادها، رفض إعطائها هذا الحق! هكذا بكل بساطة، قرّر الوزراء في اللّجنة، ما عدا وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، الذي لسبب يجهله لم يُدعَ إلى الاجتماع أو ضاعت الدعوة في قناة ما، أن يلغوا المساواة، أن يحرموا المرأة وأولادها حقّاً اكتسبوه بالدم من أجل «التوازن الطائفي الديموغرافي في البلاد والمصلحة العليا للوطن»!
اتخذ القرار نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، والوزراء شكيب قرطباوي، مروان شربل، عدنان منصور، وليد الداعوق وسليم جريصاتي. وقّعوه، فحرموا 76 ألف امرأة لبنانية و380 ألف طفل لبناني، بحسب أرقام وزارة الداخلية، أملاً كانوا ينتظرونه، ومضوا بحيواتهم وكأنّ شيئاً لم يكن. القرار الذي أثار ضجّة، ووصف بالـ«فضيحة الكبرى» منذ تسريبه إلى الإعلام، يُطرح اليوم على جدول أعمال مجلس الوزراء، فيما قرّرت حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» تنظيم اعتصام في العاشرة من صباح اليوم، تزامناً مع انعقاد الجلسة عند مفرق القصر الجمهوري في بعبدا.
أمام المجلس اليوم ثلاثة احتمالات: إمّا التأجيل، أو الموافقة على القرار، أو رفضه. لا تعرف منسّقة حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» لينا بو حبيب ما يجب أن تتوقعه من هذه الجلسة، لكنها تقول إنّهم يعوّلون على حسن فهم الرئيس نجيب ميقاتي للموضوع وكونه هو من أخذ على عاتقه الاهتمام به، فيجب أن يأتي قراره داعماً للمرأة. وأعرب أمين سرّ الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بالتفويض عن «حملة جنسيتي حقّ لي ولأسرتي» فادي كرم، عن الأسف الشديد والخيبة اللذين انتابا نساء لبنان من مضمون الحيثيات الواردة في متن كتاب اللجنة الوزارية المختصّة بدراسة مشروع قانون الجنسية.
ليس لدى الوزراء الذين مهروا القرار بإمضائهم الكثير ليقولوه دفاعاً عن قرارهم. فوزير العدل شكيب قرطباوي لا يريد الخوض في النقاش في الموضوع، ويكتفي بترديد: «لننتظر عرض التوصية على مجلس الوزراء، وقبل ذلك لا يمكننا أن نتحدث عن أي شيء». وتعليقاً على التحرّك المدني الرافض لقرار اللجنة، يقول قرطباوي: «ماشي الحال». زميله وزير الخارجية عدنان منصور يقول: «درسنا الموضوع من جوانبه كافة، ووضعنا الخطوط العريضة لمشروع القرار، بقي عرضه على المجلس». يجهض الوزيران محاولات النقاش كلّها في القرار، إذ يضيف الوزير منصور: «جرى الاتفاق عليه استناداً إلى المعطيات التي أمامنا».
بالنسبة إلى وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، «القرار سياسي وليس قانونياً. حق المرأة في منح جنسيتها لأولادها، حق دستوري ولا أحد يمكنه أن يقول إنّ المادة 7 من الدستور لا تطبّق في هذه القضية». ويضيف بارود أنّ اللجنة الوزارية أشارت إلى تملّك الأجانب في استنادها إلى قرارها، لكن هذا الموضوع يستثني الرعايا الذين لا يملكون دولة رسميّة معترفاً بها، إذاً هو يستثني الفلسطينيين». ومع أنّ هذا الرفض متعلق بالفلسطينيين و«التغيير الديموغرافي» الذي يمكن أن يحدث إذا ما حصلوا على الجنسية من زوجاتهنّ اللبنانيات، فإنّ أرقام وزارة الداخلية تظهر أنّ 4500 لبنانية فقط من أصل 76 ألف متزوّجات بأجانب، تزوّجن فلسطينيين. لم كلّ هذا الخوف والتهويل إذاً؟ يجيب بارود بأنّ «الهدف من أيّ لجنة هو أن تبحث في التفاصيل حتى تنتهي إلى إقرار القانون، لا صدّ الأبواب كلّها أمام إقرار القانون».