الجزائر | برز اسم مختار بلمختار بقوة، أمس، مع قيام مجموعة مُسلّحة بمهاجمة القاعدة البترولية في عين أمناس الواقعة أقصى جنوب شرق الجزائر الأربعاء الماضي. بلمختار المُكنّى خالد أبو العباس، ويسمى أيضاً «الأعور» لفقدانه إحدى عينيه في القتال بأفغانستان، واحد من أقدم قادة الجماعات الإرهابية في الجزائر، لكنه ينشط أيضاً في مجال التهريب وتربطه علاقات قوية مع قبائل الطوارق. وتفيد التقارير التي تناولت سيرته بأنه تزوج نساء عديدة تنتمي إلى هذه القبائل التي تتوزع بين الجزائر ومالي والنيجر.
ويقود منذ مطلع العقد الماضي مجموعات مسلحة قوية تجمع بين الأعمال الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات وحجز رهائن أجانب، والأعمال التخريبية الأخرى مثل تهريب السلاح والمخدرات والسجائر، حتى إنه أطلق عليه لقب «مارلبورو».
التحق بلمختار بالحرب في أفغانستان حين كان في التاسعة عشرة من العمر، وشارك ضمن المجموعات العربية المقاتلة ضد الجيش السوفياتي. وبعد عودته انضم الى الجماعات الراديكالية التي غذّت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالأفكار الجهادية. في عام 2003، شارك مع ضابط سابق في سلاح المظليين بالجيش (عماري صيفي) ويُلقّب بـ«عبد الرزاق البارا» أي عبد الرزاق المظلي، في عملية اختطاف هي الأكبر من نوعها في الجزائر شملت 32 سائحاً أوروبياً من ألمانيا وسويسرا والسويد والنمسا كانوا في رحلة بولاية اليزي، وتم تحريرهم بعد مفاوضات دفعت الدول فيها فدية للجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي بايعت زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن عام 2006 وغيّرت اسمها الى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
يُعرف عن بلمختار (43 عاماً)، القيادي «المُنشقّ» عن التنظيم، أنه خبير في مسالك الصحراء الأفريقية الكبرى من تشاد الى النيجر ومالي وموريتانيا وجنوب كل من الجزائر وليبيا. فهو يُسيّر مجموعات متفرقة على آلاف الكيلومترات المربعة ويتنقل من مكان إلى آخر ولا يستقر له المقام تفادياًً للوقوع في كمائن الجيش الجزائري ومجموعات تهريب مناوئة.
إثر تلك العملية عام 2003، أُسر رفيقه صيفي ومجموعة من المسلحين في صحراء تشاد وسُلّموا إلى السلطات الجزائرية، حيث يقبعون في السجون. لكن بلمختار تمكن من النجاة عدة مرات من الموت والأسر، حتى إنه أُعلن عن مقتله عدة مرات، آخرها في حزيران الماضي، لكن في كل مرة يكذّب الخبر. واعترف الفرنسيون بأنهم فشلوا في محاولات قتله أو القبض عليه في مالي والنيجر. فهو يحظى بحماية من قبائل الطوارق لم يحظ بها قائد آخر من المجموعات القتالية الأخرى التي تعج بها منطقة الساحل الأفريقي.
وسائل الإعلام تناقلت من جهتها في المدة الأخيرة أنباء تفيد بأنه دخل في خلاف مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأنه استقل وصار ينشط بمفردة ويُسيّر جماعاته من دون الرجوع الى القائد العام عبد المالك دركدال «أبو مصعب عبد الودود»، وأطلق على جماعته اسماً جديداً: «جماعة الموقّعين بالدماء» بدلاً عن «جماعة الملثمين» التي كانت مرتبطة بالقاعدة.
وبلمختار من أهم المطلوبين جزائرياً ودولياً. فقد صدرت في حقه أحكام كثيرة من القضاء الجزائري امتدت من 20 سنة الى المؤبد، لكن كلها غيابية، كما صدر أمر اعتقال دولي ضده بسبب مشاركته في تأسيس جماعة إرهابية ذات بعد دولي وبات من «العناصر الإرهابية الخطيرة» منذ عام 2003، لضلوعه في عدة عمليات اختطاف لرعايا أجانب في مالي والنيجر، من بينها عملية اختطاف نفذها عام 2008 استهدفت موظفين كنديين يعملان للأمم المتحدة في مالي.
وكانت دوافع كل تلك العمليات الحصول على فدية لتمويل وتسليح جماعاته، على عكس العملية الأخيرة التي حملت مطالب تتعلق بحرب مالي والمشاركة الجزائرية فيها.
وتشير التقارير الأمنية والصحافية إلى أن «الأعور» جمع عشرات الملايين من الدولارات من عمليات الخطف توزع استعمالها بين التسليح وتمويل الأتباع، ووُجِّه قسم منها إلى القبائل الفقيرة لشراء حمايتها. ويبدو أن بلمختار يسعى من وراء هذه العملية إلى أن يكون القائد الأكبر للعمليات في الساحل الأفريقي، حيث يدين له باقي القادة بالولاء.