لم يكن ليل وادي خالد أول من أمس يشبه غيره من الليالي. فظلمته الدامسة انقلبت نهاراً مع رصاص الرشاشات وقذائف «آر بي جي» والهاون، فضلاً عن القصف المدفعي الذي طاول عدداً من المناطق الحدودية. إزاء ذلك، انقسمت الروايات في حقيقة ما جرى. بالنسبة إلى أهالي وادي خالد، بدأت القصة عندما استهدفت رصاصة قناص الشاب حسين عزو اسماعيل في رأسه، فأردته قتيلاً. وبحسب هؤلاء، استدعى مقتل اسماعيل ردود فعل غاضبة دفعت عدداً من الشبان، انتقاماً لمقتله، إلى مهاجمة مواقع للجيش السوري بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة عند الواحدة من بعد منتصف الليل. واستمرت المعركة حتى الرابعة فجراً، واستخدمت فيها القوات السورية المدفعية.
وعلمت «الأخبار» أن الشاب القتيل كان يحاول تهريب مجموعة من الشبان إلى الداخل السوري عند استهدافه. علماً أنه من الناشطين على خط دعم المعارضة السورية، وسبق أن أسهم في تهريب عدة مجموعات مسلّحة. وتحدثت مصادر أمنية سورية عن «إفشال الجيش السوري محاولة تسلل لعناصر الميليشيات من الأراضي اللبنانية»، لافتة إلى أن عناصره أوقعوا إصابات في صفوف مسلحين أرادوا التسلل إلى سوريا عبر معبر تلكلخ الحدودي. وأشارت المصادر إلى استخدام المدفعية وقذائف الهاون والأسلحة الرشاشة في المواجهات مع المسلحين القادمين من بلدتي المشيرفة والبقيعة.
وقد دفعت ضراوة الاشتباكات سكان مناطق البقيعة والهيشة وعرب بني صخر في وادي خالد إلى النزوح. فيما أقام الجيش اللبناني حواجز ثابتة ومتحركة في محاولة لتوقيف المتسللين والمسلحين المشاركين في الاشتباكات، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
وشيّعت منطقة وادي خالد أمس قتيلين سقطا في الاشتباكات، وسط حالة من الغضب. وعقدت فاعليات وعشائر وادي خالد اجتماعاً في منزل محمد سليمان صدر إثره بيان دعا إلى نشر الجيش على كامل الحدود مع سوريا، وإذا تعذر الأمر «نطالب بنشر قوات دولية للحد من الإرهاب السوري على القرى الحدودية».
وأجرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان سلسلة اتصالات مع المسؤولين المعنيين، وطلب الى الأجهزة المختصة التحقيق في ظروف الاشتباكات. وإذ أكد سليمان «ضرورة الاستمرار في التزام الموقف المحايد القاضي بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، خصوصاً سوريا»، دعا الجانب السوري الى «الامتناع عن اطلاق النار والقذائف في اتجاه الاراضي اللبنانية».
بدوره، دان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استهداف المناطق اللبنانية الحدودية، ولا سيما وادي خالد، بالقذائف نتيجة المواجهات داخل المناطق السورية المتاخمة للحدود. ودعا السلطات السورية الى اتخاذ الاجراءات المناسبة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال. وأعلن أنه طلب من وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ابلاغ السلطات السورية رسمياً «رفضنا هذا الامر ومطالبتنا بعدم تكرار حصوله».
وفي ظل غياب منصور الموجود في البحرين، اكد مصدر في فريق 8 آذار لـ «الاخبار» ان منصور لن يقوم بأي اجراء في وجه سوريا. وقال: «لا شيء يمكن مطالبة سوريا بفعله في المناطق الحدودية لمنع الخروق، قبل ان يضبط لبنان حدوده في شكل كامل، وهو ما لم يحصل حتى الآن».
إلى ذلك، برر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قتال أفرقاء لقوى 14 آذار في سوريا إلى جانب المسلحين بما اعتبره «فشل الحكومة في تطبيق سياسة النأي بالنفس»، فيما اتهم حزب الله بالقتال في سوريا «بأوامر من إيران».
من جهة اخرى كشفت مصادر وزارية لـ «الاخبار» ان فريق الاكثرية احبط في مجلس الوزراء الاخير، تحويل لبنان «رسميا» بلد لجوء. واشارت الى ان ثلاثة بنود طرحت في الجلسة الأخيرة، بعدما ارجئت من جلسة سابقة، من شأنها ان ترتد سلباً على لبنان. البند الاول يتعلق باتفاق مع مفوضية شؤون اللاجئين، والثاني باعفاء الرعايا السوريين من رسوم الاقامة في لبنان، والثالث مذكرة تفاهم مع الهيئة العليا للاغاثة لمساعدة اللبنانيين الذي كانوا يقطنون في سوريا، تبين انها تحوي اخطاء وتضم في حيثياتها سوريين وفلسطينيين. وقالت المصادر إن فريق الاكثرية منع تمرير هذه الاقتراحات، لأن الغاية منها تحويل لبنان بلد لجوء مع كل ما يترتب على ذلك من موجبات ومخاطر.



طرابلس: جريحان ومسلسل القنابل متواصل

تواصل مسلسل اطلاق النار والقاء القنابل في طرابلس ليلاً. وفي هذا الإطار اقدم مسلحون خلال مرورهم بسيارة في شارع الأرز في القبة على اطلاق النار باتجاه عدد من الشبان ما أدى الى جرح كل من سامر عبود ومصطفى عساف. وألقى مجهولون قنبلة في شارع سوريا الفاصل بين باب التبانة وجبل محسن. وقد سير الجيش دوريات في المنطقة جراء توتر الوضع. كذلك ألقيت قنبلة في منطقة زيتون أبي سمراء، وسقطت قذيفة انيرغا في الحارة البرانية، كما ألقيت قنبلة في الزاهرية، وقرب جامع الناصري. وفي وقت متأخر سجل توتر شديد، وسمع اطلاق نار في «مشروع الحريري» في القبة في اتجاه منطقة جبل محسن.