تهويد لبنان

قتلَ القانون الأرثوذكسي قانون الستين. ثم قتلت الاعتراضات على القانون الأرثوذكسي، الذي كان «وشيك» الولادة، هذا الأخير. فأصبح لدينا جثتان على الطاولة، لكن لا قانون بعد.
ومع أن مصلحة البلد واضحة في قانون النسبية دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، إلا أن جميع مَن ليس له مصلحة لا يزال يراوغ، أي الجميع.

وبما أن زعبرات القوانين الانتخابية تتجاوز قدرة عقلي البسيط على الفهم، فقد لجأتُ إلى أحد الزملاء في القسم السياسي ليشرح لي «ماذا بعد»؟.. فإذا به يقول ما مفاده إن قانون الستين والقانون الأرثوذكسي أُلغيا مفاعيل بعضهما البعض، صحيح، لكن ليس هناك من جثث بعد، «لا تتفاءلي». هكذا يتخوّف الشاب أن يحيي التناحر وحسابات القوى أحد هذين القانونين.
يخرج السيد حسن، ويقول إنه مع النسبية دائرة واحدة.. فقط. أي أنه لا يتبنّى مشروع خارج القيد الطائفي، للسبب نفسه الذي كان وافق على الأرثوذكسي من أجله: أي من أجل شريكه السياسي. بالمنطق يحاجج: أذا انتخب كل اللبنانيون كل النواب، أكانوا مسيحيين أم مسلمين، أليست هذه مساواة؟

الوحيد الذي قدم اقتراح قانون وطني يجدر وصفه بذلك، كان.. ممثل حزب البعث، عاصم قانصوه. أي نعم. لماذا؟ لأنه بكل بساطة سليل الأحزاب العلمانية.. ولهامشيّة تمثيله. وبغضّ النظر عن مآل حزب ميشال عفلق، رحمه الله ورحم أياماً كان المسيحيون العرب هم مَن يؤسّس الأحزاب العلمانية ولا يجترحون قوانين مذاهب، فإن حركة قانصوه هذه التي وصفها أصدقاء بـ«التاريخية»، لن تكون «تاريخيتها» كافية ليقرّ اقتراح القانون. وبالتالي فإن رقابنا لا تزال تحت خطر سيف الستين أو الأرثوذكسي.
أي أننا، «جماعة» الورقة البيضاء، ومقاومة الطائفية في أقلام الاقتراع، لا زلنا في مرحلة عزلنا عن هذا الاستحقاق والمحرومين من المشاركة فيه بسبب ما يكرّسه من سلوك طائفي.. لذا، تصوّروا ما الذي سيكون عليه حالنا في القانون الأرثوذكسي.

كلما حاولتُ أن أتصوّر نفسي يوم الانتخاب، في قريتي المختلطة دينياً، واقفة خلف العازل وأنا أحاول أن أختار من بين مرشحي «مذهبي» حصراً، كلما بدا لي الأمر، إلى غبائه، مستحيلاً. أنا أختار مَن بين أولاد طائفة أصلاً لم أخترها؟ أنا أساهم في تكريس المذهبية قانوناً «للاجتماع» الوطني؟ وماذا سيعني بعد ذلك تعبير «اجتماع وطني»؟ أصلاً.. ما معنى «وطني» في هذه الحال؟
كلما حاولت تصوّر لحظة الانتخاب تلك، تذكرتُ يوم دخلت قطاع غزة وكان عليّ التعامل مع.. الشيكل. قبول التعامل بالشيكل، وقبول الاقتراع من بين مرشحي «طائفتي»، شيء واحد بالنسبة لي. تصرفان ينبعان من المبدأ ذاته، الحاجز النفسي نفسه، والمقارنة ليست مجازية.
وبرغم كل ما قاله مسوّقو هذا القانون عن أنه سيكون له «فضل» إخراج اللبنانيين من حالة «الإنكار» الطائفي والمذهبي التي يعيشونها إلى الاعتراف بواقعهم الأعوج.. «للبناء» عليه، إلا أن الحقيقة هي بكل بساطة أن البناء على قانون أعوج لن يقود إلا إلى مبنى أعوج سيزداد اعوجاجه كلما ارتفع البناء.. وصولاً إلى الانهيار.. إنها قوانين الفيزياء. وهي بديهيات.
يشبه الأمر أن نُعامل مريضاً بمرض خطر على أساس أنه انتهى، فنتقاسم ميراثه بانتظار موته، بدلاً من معالجته.
في الواقع؟ لا يفعل هذا القانون أكثر من مواكبة مسار المنطقة المتجهة إلى مزيد من الدويلات الطائفية لا بل المذهبية حيث يتحوّل «الآخرون» الباقون فيها إلى أهل ذمّة.. بانتظار رحيلهم.
وبما أنه يشجّع الفرز المذهبي، يصبح طبيعياً أن تصبح طرابلس «قلعة للسنّة» برعاية السعودية وتركيا وقطر للبترول والتدخل في شؤون الغير، وجبل لبنان محمية للموارنة تحافظ عليهم من الانقراض بالهجرة وتحديد النسل، وتربطها بالسعودية علاقات ممتازة قائمة على تشغيل الموارنة في المملكة لتمتع بعضهم بصفة الانفتاح في جونية، والجنوب قلعة للشيعة برعاية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المطلّة على إسرائيل من عندنا، والجبل قلعة للدروز، يتقوقعون فيها أكثر ممّا هم.. أما قوننة عدم الاختلاط الطائفي، بمنع بيع العقارات لأبناء المذاهب الأخرى، فسيكون له فضل تكريس هذا الفرز جغرافياً..
في الماضي، درج تعبير «اللبننة»، على غرار ما درج في حقبة سابقة تعبير «البلقنة».. أما ما يحصل اليوم فهو ليس، إلا تهويداً للمنطقة، بعد لبننتها وبلقنتها...
وبالحديث عن التهويد، يشار إلى أن «اللذيذ» في القانون الأرثوذكسي هو أن الناجين الوحيدين اللذين يحق لهم اختيار مرشحين من غير طوائفهم هم.. اللبنانيون اليهود. فالقانون يورد ما نصّه «وأمّا الناخبون اليهود فيكون لهم الحق في الاقتراع لمَن يختاروهم من المرشحين المسلمين أو المسيحيين».
هكذا، لن يتمتع بصفة «الوطنية» إلا هذه الأقلية التي لم يعد لها على الأرجح من وجود في لبنان، والتي يحاول مَن بقي من أفرادها هنا، الاختباء، خوفاً من «مواطنيهم»، لسبب غامض على وضوحه، بالنسبة لي...
لذا تحذير: إن أدّت التسويات «الليبانو ـ لبنانية» إلى إقرار الأرثوذكسي، فإن كل مَن قد يقترع في ذاك النهار سيكون بمثابة شخص يوقّع عقداً مع الطائفية. وإن رأيتُ أحداً منهم بعد ذلك في تظاهرة لإسقاط النظام الطائفي، فالأرجح أن شيئاً ما سيسقط على رأسه.. من أنواع الأحذية المنتظرية.

مَن قال إن التعصّب أعمى؟ إنه مبصر جداً و«عارف طريقو»..

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/4/2013 2:22:56 PM

أول مرة بحياتي بقولا..أصلاً قلتا عصوت عالي أنا وعم إكتبا كرمال اتأكد إنو قلتا و مش غلطان.. مع إنو من أنا و زغير لما كنا نلعب مع بعض لقّيطةأو غميضةأو حتى بيت بيوت ..كان إللي يزعبر و يلعب بأذى نسبلو ونقلو "العما شو إنك يهودي"..انو كانت مسبةولا زالت على حد علمي, ونخصصها للئيم اللي بيإذي غيره بخبث..ورغم هيك رح إجع عيدها, نيالو اليهودي..بالأحرى كمان وبزيادة..يا ريتني يهودي بهالبلد..ليش؟ لأنو كرمال إستوفي شروط المواطنة الحقيقية و إنتخب مين ما بدّي وكيف ما بدّي, لازم كون يهودي..معليش وإذا سبيت حالي, على قلبي متل السمن والعسل..المهم انو حسّ ولو مرّة اني مواطن حقيقي ومش شي "أفاتار" بهل البلد الإبن الستين ألف يهودي!!!! تسلم إيدك إللي بتكتبي فيها أو أصابعك إللي بتطبعي فيهن عالكيبورد يا ضحى!!!

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 9:50:03 PM

ويسلم تمّك ... وبعدون المسؤولين بيبرموا بأرضون وبيبرمونا معون، حتّى داخ الكلّ ... مع إنّو الحلّ ممكن كتير بالعلمانيّة وبالمواطنة ... هيدا هو "المخرج" الوحيد اللي ولا مسؤول لهلّق سمحلو "يدخل" على هذه الأرض ... ألف شكر لكِ، وبالمناسبة أضمّ حذائي إلى حذائك سيّدتي !! اسبرانس

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/7/2013 10:53:05 AM

الوسيلة الوحيدة للزعما إنن ياخدو الشعب مطرح ما بدن هي الطائفية، لهيك الزعما بيتمسكو فيا بإيديهن وسنانن... غير هيك الطائفية محفورة بالقلوب من مئات السنين!! صعب كتير تمسحا بجرة قلم. إذا تنين التقوا للمرة الأولى بيسألوا بعض عن الاسم مش ليعرفوا الاسم قد ما هوي ليعرفو الطائفة من خلال الاسم.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 2:22:54 PM

نعم تهويد لبنان بدفعنا الى استبدال قيد طائفتنا بطائفة اليهود اللبنانيين وهكذا بامكانناان ننتخب من نريد من النواب الصالحين مسحيين كانوا ام مسلمين ، نحنا يهود انتخابياً فقط

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 6:40:30 PM

بالنسبة لليهود طائفة واحدة تسيطر ولكن عندنا في لبنان طوائف عديدة وكل واحدة تسيطر على أتباعها أما بالنسة لقوانين ألأنتخابات فهو يخضع لقانون نفي النفي ووحدة وصراع الأضداض لكن قانون التراكمات الكمية سوف تؤدي لتغيرات نوعية

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 12:26:45 PM

بعد نهاية الحرب الثانية اقترح الشيوعيين على ديغول ان يتم انتخاب موظفي الدولة الفرنسية و مدراء الشركات و ضباط الجيش من قبل مرؤوسيهم. ديغول رفض و اتخبله يقول لهم رفاق نحنا نضحك على العالم بالديموقراطية مش رايحين نضحك على حالنا و الا بيصير فينا متل جحا. هيدي ببلاد الديموقراطية الحقيقية فببلادنا قانون الستين او السبعين او الارثوذكسي او الانجليكاني كلو ملحق بعضو.... عربي سلفي

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 11:24:37 AM

رائعة ياضحى كعادتك ، شكرا

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/28/2013 10:55:43 PM

يا ست ضحى أنا ضد الإنتخابات النيابية بالمبدأ! لأن الإنسان بطبيعتو بينجذب للمرشح الشعبوي اللي بيعمل "واجباتو" و بأدي خدمات و بوظّف مواطنين إلخ بينما النائب مفروض يكون "مُشرِّع" قبل أي شي آخو و "محاسب" للسلطة التنفيذية! حتى بفرنسا الناس صوّتت هولاند بالإنتخابات داخللالحزب الإشتراكي لأنو شعبوي أكتر من Aubry ! مختصر مفيد أنا ضد الديموقراطية! تمارا

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/28/2013 8:50:00 PM

لكي نتخلص من مسلسل تهويد بلدنا, لازم نتخلص من ورثة السلالات السياسية البغيضة, وخصوصاً اللي بيبرمو كثير, وبالصرماية تنقذ الأوطان!

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/28/2013 6:46:28 PM

"ابيض " اذا مرق الأورثوذكسي. تصويت اعتراضي كبير وابيض. تخيلوا مليون صوت ابيض (ٍSaramago - Seeing)

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/28/2013 5:52:02 PM

لم أكن أعلم أنك علمانية متطرفة إلى هذه الدرجة..عنجد صار شي بيخوف...ممانع حزين كتير

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 2/28/2013 8:23:18 PM

بما انو الحزن جزء من اسمك، خلينا نقول انو صعب نفرّحك بشي. انا علمانية اكيد، اما متطرفة فما بعرف شو يعني!! فالواحد بيكون علماني او ما بيكون.. وعلى كل حال هلق صار معك خبر. مودتي. ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/1/2013 12:30:25 AM

الخبر الجديد مش إنك علمانية هيدا معروف بس حسيت إنو في شويت تطرف بعلمانيتك، يعني لما سيدة تهدد بإستعمال الأحذية معناتو الوضع مأزوم كتير..شكراً. ممانع حزين

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/2/2013 10:57:47 AM

أستاذ ممانع حزين، هذا ليس دفاعاً عن ضحى فهي ليست بحاجة... بل التالي هو فشة خلق وبالدارج كمان: يلي عام تحكي عنن ضحى وإنت زعلان عليهن بدن ارتال دبابات مش بس حذاء... خلينا نعترف بشغله وبلا تنظير... نحن شعب أو مجموعة شعوب ما منفهم إلا بلغة الحذاء... نحن شعوب لا نفقه الديمقراطية - إذا وجدت وهيدا سؤال كبير - ومني شايف إنو رح نفقها بالمستقبل لا القريب ولا البعيد... إذا كان في شي لمحة أمل بالأفق يكون بيلي عام يعملو الإستاذ حنا غريب ورفاقه... ولكن وللأسف الشديد هيدا الشي مش رح يكمل... لماذا؟؟ لأن نحن كشعب مش مستعدين لهيدا الشي... نعم للحذاء كأبسط الحلول وعلى أمل إنو الجيش يوعى والأمن الداخلي ينضف شوي ويبلش يشتغل شغلو!! جاد

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم