قدمت عاملة أجنبية للعمل في لبنان، وشاء حظها أن يوصلها إلى منزل عسكريّ ما يفترض أن يزرع الاطمئنان في قلبها. لكن ما حصل كان العكس. كان يكفي أن يتعرّض هذا الرجل للسرقة، فيفقد من منزله سلاح خدمته وجواهر، لتكون هي المتهم الأول بنظره. متهم سيتولى بنفسه الحصول على اعتراف منه، قبل أن يزجّه في السجن. هذا ما كشف عنه أمس «المركز اللبناني لحقوق الإنسان»، مطالباً بفتح تحقيق في الوقائع المتعلقة بهذه القضية، التي أوردها في بيان وزّعه أمس. يقول البيان إن «العسكري اشتبه بعدة أشخاصٍ متورّطين بالسرقة، لكنه أقدم، بعد 15 يوماً من السرقة، رغم أن العاملة المنزلية أكدت أنها لم تلمس الممتلكات المسروقة، على اصطحابها إلى منزلٍ في القرية مع عدة أشخاصٍ آخرين، وكبّل الشابة من أقدامها وعلقها في الحمام، وكان لا بدّ من أن يصعقها بالكهرباء معظم الليلة ويقوم بحرقها بواسطة سكين ساخنة جداً إلى أن وافقت على اتهام نفسها بالسرقة».
وأضاف البيان أنه «رغم شكاوى العاملة وعلامات التعذيب الظاهرة على جسدها، حكم عليها بالسجن لمدة سنة ورُفض النقض الذي تقدمت به. والأسوأ من ذلك، رفض ربّ عملها، بعد نهاية محاكمتها في أوائل عام 2013 أن يدفع تذكرة سفرها لتتمكن من العودة إلى بلدها، فموّل المركز اللبناني لحقوق الإنسان عودتها، مع العلم أن عقوبتها قد انتهت منذ أكثر من عشرة أشهر».
وقد طالب المركز «بمعاقبة العسكري على أفعاله، كما يطلب المركز من العدالة أن تأخذ ادعاءات التعذيب على محمل الجد، وإلاّ استمر القيام بمثل هذه الأفعال الخطيرة».
وفي اتصال مع «الأخبار»، أوضح الأمين العام لـ«المركز اللبناني لحقوق الإنسان» وديع الأسمر، أن أحد البرامج التي يعملون عليها تُعنى بالعاملات المنزليات، وقد تبلّغوا من إحدى الجمعيات بوجود هذه الحالة، فحاولا مساعدتها من خلال توكيل محامٍ للنظر في قضيتها. ورغم تقديم تقرير طبي يكشف الحالة التي كانت عليها الشابة، لم تأخذ المحكمة بأقوال المحامي؛ لأنها تعتبر أن الادعاء بالتعذيب يرد على ألسنة جميع المتهمين، وبما أنها اعترفت بالسرقة يصبح الاعتراف سيّد الأدلة، وهو ما أدى إلى الحكم عليها.
وعن إجراءات الترحيل الذي تولاه المركز، قال الأسمر إنه استغرق ثلاثة أشهر وقد حرصوا خلال هذه الفترة على عدم إثارة الموضوع لعدم عرقلة سفرها، وحرصوا كذلك على التأكد من وصولها إلى بلدها مدغشقر.
ما يطالب به الأسمر اليوم «أن تؤدي المؤسسة العسكرية دورها وتعاقب العسكري الذي ارتكب هذه الفعلة»، مؤكداً أنهم يعرفون اسمه، لكنهم يتحفظون على نشره؛ إذ «إننا لسنا محكمة لنحكم عليه، وما نريده عدم تكرار هذه الأفعال».
(الأخبار)