للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية، افتُتحت اجتماعات «المجلس العسكري الأعلى» المكلف اتخاذ كافة قرارات الترقيات في المؤسسة العسكرية، أمس، بغياب أرفع ستة جنرالات في الجيش التركي بعد «زلزال الأربع نجوم» يوم الجمعة، حين استقال كل من رئيس الأركان عشق كوشانر وقادة جيوش البر (الذي ينص العرف على ترقيته دائماً لمنصب قائد الجيش) والجو والبحر.
وإضافة إلى الجنرالات الأربعة المستقيلين أو المتقاعدين (بحسب الرواية الرسمية)، تغيّب جنرال خامس هو قائد أكاديمية الحرب بيلغين بالانلي الذي اعتُقل في أيار الماضي بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكومة، رغم أن بالانلي سيرسل اقتراحات ترقياته من داخل زنزانته وفقاً لما تسمح به القوانين التركية. بذلك، ينعقد «المجلس العسكري الأعلى» في دورة 2011 بحضور 9 جنرالات من أصل 16، بما أن قائد الجيش في بحر إيجه الجنرال نصرت تاشدلر ينتظر قرار المحكمة بالتجاوب مع مذكرة التوقيف التي أصدرها الادعاء العام بحقه (من ضمن توقيف 22 ضابطاً) قبل أيام بتهمة إنشاء مواقع إلكترونية تحرّض على الحكومة. هكذا، جلس رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان وحده، في سابقة تاريخية أيضاً، على رأس تلك الاجتماعات التي تمتد طوال أربعة أيام في مطلع شهر آب من كل عام، بينما اكتفى رئيس الأركان بالوكالة نجدت أوزل بمعاونته بانتظار تعيينه رئيساً للأركان بالأصالة.
وقد سبق افتتاح الاجتماع الذي شارك فيه وزير الدفاع عصمت يلمظ، زيارة أعضاء المجلس العسكري وأردوغان لقبر مصطفى كمال في تلة أنيتكبير بأنقرة مثلما يقتضي البروتوكول، مع تسجيل سابقة تاريخية جديدة تمثلت بإلغاء الغداء البروتوكولي بسبب تزامن بدء شهر رمضان مع افتتاح الاجتماعات. وتلا زيارة أنيتكبير اجتماع ثنائي بين أردوغان وقائد سلاح البر، رئيس الأركان بالوكالة نجدت أوزل، حيث من المفترض أن يكون الرجلان قد اتفقا على مجموعة من التعيينات والترقيات العسكرية بالتنسيق مع الرئيس عبد الله غول الذي استبق الاجتماع بتكريس أولوية قرارات السلطة السياسية على العسكر بقوله إنه لن يوقّع أي مرسوم «وأنا مغمض العينين». ويعلن غول لائحة الترقيات والتعيينات الجديدة يوم الخميس المقبل، في آخر أيام اجتماع المجلس العسكري الأعلى حيث ينتظر أن يكون الجنرال نجدت أوزل الرئيس الجديد للأركان حتى عام 2015. وأجمعت الصحف التركية على أنّ «معركة التعيينات» ستتمحور حول هوية قادة الجيوش الثلاثة، البرية والجوية والبحرية؛ إذ إنّ استقالة الجنرالات الأربعة يوم الجمعة لا تكفي للجزم بأن «الحرس القديم» اختفى من المجلس العسكري. والجديد في الدورة الحالية من اجتماعات «المجلس العسكري الأعلى» أن اقتراح أسماء الضباط سيكون مناطاً بأردوغان، لا برئيس الأركان مثلما جرت العادة، بحسب ما كشف عنه نائب رئيس الحزب الحاكم حسين جليك الذي قال لصحيفة «ملييت» إنّ «رئيس الأركان يمكنه اقتراح بعض الأسماء، لكن الكلمة الأخيرة تعود إلى رئيس الحكومة»، وهو ما رأت صحيفة «حرييت» بأنه يعني أنّ «قائد القوات البرية (أهم منصب عسكري بعد رئاسة الأركان) سيكون من حصّة أردوغان وغول».
ولم تستبعد بعض الصحف التركية احتمال أن تؤدي بعض التعيينات إلى استقالات جديدة إذا تجاوزت الحكومة التسلسل الهرمي التقليدي لإبعاد بعض الضباط (انظر الكادر). ويتضمن جدول أعمال اجتماعات الأيام الأربعة ترقية بعض الضباط، بالإضافة إلى تعيين جنرالات وأدميرالات جدد في بعض المناصب، ومناقشة بعض التصرفات «غير الأخلاقية» أو «غير المنضبطة» وتقاعد ضباط.



يُتوقَّع تعيين الأدميرال مراد بيلغل قائداً للقوات البحرية، ومحمد أرتن للقوات الجوية وأحد الجنرالين سرفيت يوروك أو يلشين أتامان لقيادة الشرطة بدل نجدت أوزل. أما بالنسبة إلى منصب قائد القوات البرية، فهناك 4 جنرالات مرشّحين: سالديراي بيرك، وأصلان غونر، وحايري كيفريك أوغلو وبكير كاليونسو. لكن 3 من هؤلاء لديهم مشاكل مع القيادة السياسية: بيرك يرجَّح أن يسعى أردوغان إلى إحالته على التقاعد نظراً لملاحقته بدعوى قضائية. أما كيفريك أوغلو، فمشكلته مع الرئيس غول؛ لأنه رفض مصافحة زوجته خير النساء غول لأنها محجبة، وهو ابن شقيق القائد الأسبق للجيش حسين كيفريك أوغلو، المعروف بعدائه للإسلاميين. كذلك حال الجنرال غونر الذي لا يودّ الرئيس غول توليه المنصب العسكري الثاني من حيث الأهمية.