بعد تعذر التوصل إلى قانون انتخاب توافقي واقتراب نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي، بدا أن تمديد الولاية هو الأوفر حظاً. وعلمت «الأخبار» أن رئيس المجلس نبيه بري بدأ بإجراء اتصالات من خارج لجنة التواصل النيابية مع مختلف الكتل النيابية، لاستمزاج رأيها في التمديد. وفي هذا الإطار أكدت مصادر مقربة من رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط تأييد الأخير التمديد للمجلس لمدة سنيتن، مؤكدة أن الخيار الأرجح حالياً هو التمديد للمجلس النيابي لمدة سنتين. ولفتت المصادر إلى أن على بري التشاور مباشرة مع المستقبل، ومع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، للتمكن من تحصيل توافق حول هذا التوجه، ولضمان عدم الطعن في أي قانون للتمديد.
وقالت مصادر تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن وزير الصحة علي حسن خليل زار الرئيس فؤاد السنيورة ليل أمس، للبحث معه في هذا الملف. لكن المصادر أكّدت أن تيار المستقبل لا يزال متمسكاً بموقفه الرافض للتمديد، باستثناء «التمديد التقني»، وبعد الاتفاق على قانون جديد للانتخابات. وفي الوقت عينه، رفض التيار الوطني الحر التمديد للمجلس، إذ فوجئت القوى الممثلة في جلسة لجنة التواصل النيابية أمس برفضه التمديد سنة، رغم أن هذه القوى كانت قد لمست ما ظنّت أنه توجه إيجابي من كل من عون وتيار المستقبل تجاه التمديد. ويشترط النائب ميشال عون الاتفاق على قانون اانتخابات «يعكس صحة التمثيل»، أي الأرثوذكسي. وبناءً على ذلك، عادت المفاوضات الى النقطة الصفر.
وكشفت الاوساط نفسها جانباً من مراحل المناقشات مع عون للاتفاق على تمديد ولاية المجلس سنة بعدما تبين أن مدة ستة الى ثمانية أشهر لا تكفي، لأنها ستصطدم باستحقاقات دستورية أخرى غير الانتخابات النيابية وهي انتخابات رئاسة الجمهورية التي تدخل المهلة الدستورية في 25 آذار 2014 وتنتهي في 25 أيار من العام نفسه، وتأليف حكومة جديدة تلي انتخابات الرئاسة منذ نهاية أيار 2014، ما يجعل مهلة التمديد سنة حداً أدنى حتمية لإمرار هذين الاستحقاقين .
في سياق المناقشات أبلغ عون محاوريه في «8 آذار» أنه يتوقع تحقيق انتصار كبير في الانتخابات في حال أجريت وفق قانون 2008 حتى، مستفيداً مما اعتبره «سقوط جعجع في الخطيئة» بعد تنصّله من اقتراح اللقاء الارثوذكسي والامتعاض الذي لاقاه به الشارع المسيحي. وأبرز لمحاوريه أن لديه إحصائيات جديدة بيّنت له تقدمه ما بين 12 و15 نقطة إضافية على القوات اللبنانية لإحراز فوز انتخابي كبير عليها، خصوصاً في الاشرفية وزحلة والكورة بتعويله على الصوت المسيحي فيها.
وكان ردّ محاوريه أن نجاحه مع حلفائه في الوصول الى 63 نائباً يساوي نصابهم الحالي وهو 58 نائباً بسبب عدم قدرتهم على الوصول الى نصاب النصف +1 من دون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.
وهذا ما يحتاج اليه فريقا 8 و14 آذار على السواء، لأن أياً منهما بمفرده لن يحظى بالأكثرية المطلقة بلا جنبلاط. وعزز محاورو عون حجتهم بالقول إن تمديد ولاية المجلس سنة حداً أدنى من شأنه إدخال البلاد في استرخاء وتخفيف حدة الاحتقان والشحن المذهبي على نحو مشابه لتداعيات استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فتركت ارتياحاً ساهم في فتح باب الحوار مجدداً بين الافرقاء في هدوء، وهو ما تتوخاه قوى 8 آذار من تمديد ولاية المجلس هذه المدة تراقب في خلالها مسار الأوضاع في الداخل وفي سوريا.
وأوضحت الأوساط أن جنبلاط يؤيد تمديد الولاية سنتين وكذلك الرئيس بري الذي يحاول تفادي الفراغ في السلطة الاشتراعية من خلال إجراء قال مراراً إنه لا يريده ولكنه أضحى الآن أمراً واقعاً. وشدد على أنه لن يدعو الى جلسة عامة لا يحضرها الفريقان السنّي والشيعي معاً كي لا تفتقر الى ميثاقيتها. وهو مغزى ما يشير اليه بري من أنه لن يدعو الى الجلسة قبل أن يتمكن من تأمين الاتفاق الجدي على تمديد الولاية بعيداً من الضوضاء، لكون التفاهم المبدئي على ضرورته فرض نفسه على الأفرقاء جميعاً، وبقي تذليل المدة التي يتجاذبونها ويحاول كل منهم استنفاد مناورات اللحظات الاخيرة.
ولفتت الأوساط نفسها الى أن الخوض في مدة التمديد لا يتناول الاتفاق على ثلاثة أشهر بل على مدة أطول تتراوح بين ستة الى ثمانية أشهر، الامر الذي لم يكن قد تحقق في الساعات القليلة المنصرمة.
من جهته، رأى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان «أن الأشرف لنا جميعاً المطالبة بتمديد ولاية المجلس النيابي».

تمديد مهلة الترشيح

وفي الشأن الانتخابي، أعلن وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل، في تعميم، تمديد مهلة قبول طلبات الترشيح للانتخابات النيابية حتى يوم الاثنين المقبل الساعة الثانية عشرة ليلاً، لمصادفة يومي السبت والاحد المقبلين عطلة رسمية.
وعلى هذا الخط، أقفل اليوم الاول في وزارة الداخلية لاستقبال طلبات المرشحين للانتخابات على 7 مرشحين جميعهم من خارج الطاقم السياسي، باستثناء ميشال مكتف.
وتوازياً، رأى وزير الدولة في حكومة تصريف الاعمال نقولا فتوش أنه «أصبح متعذراً إجراء الانتخابات في موعدها، لأن المهل لم تراع»، وإذ رأى أن «القانون غير قابل للتنفيذ»، لفت الى أن «المجلس النيابي لديه سلطة من الشعب، وإذا لم يمدد لنفسه ندخل في الفراغ القاتل»، موضحاً أن «هناك 8 قوانين سابقة مددت للمجلس النيابي سنتين».
من جهته، رأى الرئيس سعد الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أن «المسؤولية الوطنية والدستورية توجب تجنيد كل الجهود في سبيل التوصل الى قانون انتخابات يؤمن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وتجنيب البلاد مأزق الوقوع في الفراغ».

جنبلاط: الاستقرار أولوية

بدوره، دعا رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، في حديث الى صحيفة «الأنباء» الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، إلى «إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، ومن بينها السعي المشترك لتأليف حكومة وحدة وطنية أو مصلحة وطنية جديدة تهتم باتخاذ خطوات جريئة وجذريّة على مستوى رفع المعاناة الاقتصادية والاجتماعية، وتقوم على قاعدة عدم استقواء فريق سياسي على آخر أو إقصاء، وإعطاء حيز مقبول للفريق الوسطي».
وأوضح أن «الحزب التقدمي الاشتراكي وضع في عام 2011 الاستقرار كأولوية، وهو لا يزال على موقفه».
ومن الدوحة، شدد رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل على «حتمية الوصول الى توافق بشأن قانون الانتخاب رغم انقضاء المهل».
وكان الجميل التقى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة الذي أبدى «حرصه الشديد على أهمية التوافق الداخلي بما يحقق الاستقرار السياسي والامني في لبنان».
على الصعيد الحكومي، رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي أن «على المعنيين بتشكيل الحكومة وتأليفها ألا يخطئوا في التقدير فيظنوا أن فريقنا ضعيف، وبالتالي يمكن أن يفرضوا عليه إرادتهم بتشكيل حكومة وفق موازين تناسبهم أو أن يصل الامر بهم الى حد اختراع أسماء يزعمون أنها تمثل مكونات المجتمع الاهلي والسياسي في لبنان».
وحذر«من ارتكاب هذا الخطأ الذي سبق أن ارتُكب من قبل، فما كانت نتيجته على لبنان إلا تأزماً».
لا تهديد لسليمان
من جهة أخرى، نفت رئاسة الجمهورية في بيان أن يكون الرئيس سليمان تلقى تهديداً مباشراً من إسرائيل، «مع العلم بأن تهديدات إسرائيل وخروقاتها للبنان لا تتوقف، إلا أنه لم يتم إبلاغ سليمان من أي جهة مثل هذا التهديد».



عون: ضد التمديد وضد «الستين»

أكد النائب ميشال عون في حديث إلى محطة «أم تي في» أنه «ضد التمديد وضد قانون الستين»، وقال: «اتفقنا والقوات على أنه في حال انحصرت الامور بين الستين والتمديد نعود ونتضامن للتصويت على الأرثوذكسي». وأشار إلى أنه إذا سقط القانون الأرثوذكسي فلن نقاطع الانتخابات، معلناً أن التيار الوطني الحر سيقدم الترشيحات للانتخابات النيابية خلال المهلة المحددة تحسباً لأي طارئ. وأشار الى أن «تأليف الحكومة مناصفة وارد في المادة 95 من الدستور»، لافتاً إلى أن المعيار لتأليف الحكومة يجب أن يكون حجم الكتل النيابية. وقال: «بدأوا بالكيدية. لا يريدون إعطاءنا هذه الوزارة وغيرها»، وسأل: «هل نحن شحاذون؟»، مضيفاً: «الآن عندما أصبح هناك نفط صاروا يحرمون بعض الوزارات عنا؟». وانتقد أداء رئيس الجمهورية ميشال سليمان، معتبراً أنه يمارس الانتقام والكيدية. وأعلن أنه ضد توسيع حزب الله عملياته إلى الجولان.