بغداد | لم يجد المثقفون والاعلاميون في العراق سوى «الصمت والشموع» للتعبير عن رفضهم للحرب الأهلية، مع اتخاذ الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد مساراً أكثر عنفاً. الناشطون المدنيون اتخذوا من ساحة الفردوس ببغداد مكاناً لوقفاتهم الداعية إلى نبذ الاحتقان والاقتتال الطائفي، وكأنهم يحاولون الربط بين المنعطف التاريخي الذي مرت به البلاد عبر هذه الساحة في العام 2003، والظروف الحرجة حالياً. وقفتهم الأولى كانت يوم الاثنين الماضي، أوقدوا الشموع لذكرى شهداء الاقتتال الطائفي والإرهاب، والتزموا الصمت، لعله «يصل إلى مسامع القيادات السياسية المتنفذة» بحسب ما ذكره أحد المشاركين.
النشطاء كرروا، أمس، دعوتهم إلى الوقوف مرة أخرى في المكان نفسه، مؤكدين أن «استنكارهم سيتواصل حتّى تتوقف اراقة الدم العراقيّ الذي لم يعد السكوت عنه ممكناً، فالموت المجاني الذي يتصيّد النساء والشيوخ والأطفال والشباب سيجعلنا نذكر بمصير البلاد المجهول إذا ما استمرّ الحال على ما هو عليه».
وفي الوقت الذي حددوا فيه، مساء اليوم الجمعة، موعداً لوقفتهم الاحتجاجية الثانية، شددوا على أن احتجاجاتهم المستقبلية ستكون «غداًَ (اليوم) بين طلاب المدارس وبعد غد (السبت) أمام المؤسسات التشريعية والتنفيذية التي لها علاقة بحياة العراقيين وأمنهم»، منوهين عبر رسالتهم التي أطلقوها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن «كل ذلك بمنزلة رسالة تذكير إذا امتد الحريق الذي لن يترك شيئاً في العراق إلا ويحيله إلى رماد... أغيثوا العراق قبل فوات الأوان».
وأشار الاديب والصحافي منتظر ناصر، في حديث لـ«الأخبار» إلى أن «على المثقف والصحافي والناشط أن يقول كلمته الفصل في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق»، لافتاً إلى أن «الوطن ليس حكراً على السياسيين ليفعلوا به ما يشاؤون».
ناصر الذي يعتزم المشاركة في وقفة اليوم، بين أنه «من منطلق الشعور بالمسؤولية، فإننا نقف هذه الوقفة التي نتمنى لها أن تنتشر في كل المدن والقصبات العراقية، وأن تتحول إلى شرارة دفء تحمي أوصال الوطن من صقيع الأزمات والانقسامات»، داعياً الأطراف السياسية إلى «تجنب لعنة الأجيال القادمة التي لن تغفر لهم ما أحدثوه من خراب ودمار».
في غضون ذلك، دعت لجنة منظمات المجتمع المدني النيابية، جميع المنظمات والتنظيمات المدنية إلى أخذ دورها بنشر السلم الأهلي و«لمّ شمل العراقيين جميعاً». وذكر رئيس اللجنة النيابية، علي التميمي، في بيان أنه «في ظل الخلاف السياسي المحتدم وانجرار البلد إلى هوة الصراعات السياسية وتسييس الشارع العراقي إلى ما لا تحمد عقباه، وحيث إننا نشهد مظاهر خطيرة من التراشق الإعلامي والسياسي بدلاً من توفير الخدمات والأمن والرفاه للشعب العراقي، نذكّر السياسيين وممثلي الشعب المنتخبين بتوقيعهم على ميثاق الشرف الوطني وتوقيعهم على مقترح جعل عام 2013 عاماً للسلم الأهلي الذي دعت إليه مؤسسات المجتمع المدني وقرأت لجنتنا بياناً على مجلس النواب الموقر بذلك».
وأضاف التميمي «نوجه خطابنا إلى مؤسسات المجتمع المدني كافة، وكما عهدنا منهم من وطنية وحرص على مستقبل العراق، طالبين من الجميع أن يأخذوا دورهم الفاعل بنشر السلم الأهلي ومحاولة لم شمل العراقيين جميعاً، وكما تداعوا في بداية تشكيل مجلس النواب سنة 2010 ونجحوا في إصدار القرار الشهير بإنهاء الجلسة المفتوحة، وكذلك بادروا لجعل عام 2013 عاماً للسلم الأهلي، لذا ندعوهم إلى أن يتوحدوا في هذه الأوقات العصيبة لأخذ دورهم الحقيقي بالوقوف تجاه المحاولات الرامية إلى نشر الفرقة والتعصب والطائفية المقيتة بين أفراد الشعب العراقي وتصحيح المسار الخاطئ الذي ينتهجه البعض بالتحشيد الطائفي وتمزيق وحدة هذا
البلد».