تراتيل زياد: نقاش متأخّر

حين عَنْوَن زياد «تحرّكه» الموسيقي ما قبل الأخير بالأرثوذكسي، كان في التسمية من الظُرف ما يكفي لينفجر عارفوه ضحكاً. إلّا أن زياد لم يخطر بباله أن يبني البعض من محبيه على هذا الحجر الخُلّبي بناءً مرصوصاً عنوانه «عودة الابن الضال إلى الكنيسة»! أما مناسبة التراتيل التي أحياها أمس، فلقد بدت لهؤلاء «المعماريين» النشطاء، تأكيداً على ما قالوه وما تمنّوه.هكذا، غامرت إحدى الزميلات بتدبيج مقالة تفيد بهذا المعنى، ما استدرج رداً «عرمرميّاً» من زياد عبر مقالتين نشرتهما «الأخبار» في زاويته «مانيفستو». لم يُسمِّ زياد الصحافية، لكنه «مسح بها الأرض» مثنى وثلاث ورباع. هو لا يعرفها، لكنني أعرفها. وهي فتاة لطيفة، مؤمنة تعمل كمراسلة لبكركي في بعض الأحيان. وهي عكست في ما كتبته جوّاً موجوداً في الأوساط المسيحية المتديّنة، جوهره ما لا يقال في موضوع زياد وفيروز والأخوين رحباني. وهذا الذي لا يقال، المتداول في هذا الجو، يختلط فيه الإيمان بلبنان (الصيغة الفرنسية) بالإيمان بالأولياء مثل مار شربل. وليس غريباً في هذا الجو تداول اسم الأخوين رحباني وفيروز في معرض الفخر بمسيحيّتهما. أما زياد، «الابن الضال»، حسب ما يظنّون، فله يوم سيستفيق فيه ويعود إلى «كرعوبه».

هكذا، قفز هؤلاء إلى إخراج مكنونات قلوبهم لدى دخول الرحباني إلى كنيسة مار الياس في انطلياس لتقديم أمسية غير شكل من الموسيقى الكنسيّة، عرفاناً بالجميل لهذا الصرح الذي تبنّى بعض متنوّريه الأخوين رحباني صغاراً موهوبين وأدخلوا الموسيقى الإيقاعية الى القداس على غرار ما فعله السود فأصبح احتفائياً فرحاً.

لكن الإشكال ليس هنا فقط. بل في المقلب الآخر. فمن الطبيعي أن يستشرس زياد في الرد على مقالة الصحافية التي طوّبته ابناً ضالاً عائداً إلى أحضان الكنيسة، وهو الذي يعاني منذ فترة ليست بالقصيرة من محاولات تحريف صورته العامة، تارة بالسياسة وتارة بالفن والآن بالطائفية. لكن لهذا الإشكال وجهه الآخر لدى «الجمهور الآخر»..

حين وقف زياد مع المقاومة، لأنها الوحيدة والفاعلة حالياً، تجاوز حساسيته أو لنقل اختلافه مع المتديّنين، تعينه ثقافة يسارية إنسانية واسعة يتميّز بها عادةً أولئك البشر الحنونين. حنان يسمى بالفصحى تعاطفاً، مع أن كلمة حنان أحلى، مع أي مظلوم أو ضعيف، فكيف إن كان ذلك من باب وطني؟ حين وقف الرجل مع المقاومة الإسلامية، هو الشيوعي اليساري، لم يكن يفكر «بكسب جمهور المقاومة». فهذا الجمهور ملتزم دينياً، وهو على الأكيد لا يسمع ولا يشتري ولا يستهلك موسيقى زياد، فما مصلحة هذا الأخير بذلك؟ لا شيء. إنه يتصرف طبقاً لقناعاته السياسية: عين على الغرب الكولونيالي المصاب بالإسلاموفوبيا، وعين على إسرائيل. لا بل إنه قال لي مرة في إحدى مقابلاته، وكان ذلك في عزّ الفورة العنصرية ضد الإسلام بعد احداث 11 أيلول: كلّنا اليوم مسلمون، بهذا المعنى، كما يمكن أن نكون كلّنا سود في مرحلة أخرى، وكلنا نساء في مرحلة غيرها.. إنه موقف ضد الظلم واستغلال الغرب لنا وتحكّمه بالعقول، موقف إلى جانب العدالة. لذا، بدا فظيعاً أن يقوم بعض مَن يسمّون أنفسهم «جمهور المقاومة» بترويج فكرة أنه حتى الرحباني يعود في النهاية إلى طائفته! فهذا لا يشير إلا إلى الرغبة بتبرير الذات عبر غصب المثال على أن يكون شبيهنا، دون علمه. (الرجاء قراءة الجملة على مهل). لم أستأ من الصحافية الزميلة، فأنا أعرفها، وأعرف طيبتها لا بل محبتها لزياد، لكنني استأت من ذلك «العنصر» على صفحة الفايسبوك وتعليقات زملائه «الأذكياء».

لا، زياد ليس مثلكم، مسلمين ومسيحيين. هو شيء ثالث وليس ثانياً فقط.. لا بل إنه شيء رابع. ذهب زياد إلى الكنيسة ليساهم في دعم صرح محدد في انطلياس، كان له دور هام في دعم الموسيقى، مغتنماً في الوقت ذاته، فرصة جمع ألحانه الكنسية التي كتبها طوال مسيرته كلون من ألوان عمله، هو الذي لم يترك شكلاً من أشكال التعبير إلّا جرب حظّه فيه..

تراتيل زياد في كنيسة مار الياس في انطلياس هي ترجمة لعشقه للموسيقى، هي حبّ لها، وسكنٌ إليها ووفاء لمن يتعهد غرساتها. هذه الموسيقى التي تقوم على العدّ، أي على الرياضيات.. انظروا المعجزة: رمز العلم البحت، الرقم الأصمّ، يخرج منه صوت والصوت لا مكان يحدّه، إنّه كالهواء، كالله، في كل مكان. إن إدراك هذا الأمر بحاجة لمؤمنين من صنف آخر. مؤمنون بالإنسان وبجمال الكون وتكامله بين الأسود والأبيض، بين المراة والرجل، بين أول نوتة في السلم الموسيقي وآخر نوتة فيه، مؤمنون يفهمون لغة الموسيقى التي هي، للمؤمنين بها، عبادةٌ من صنف آخر.

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/4/2013 7:43:04 PM

ممكن منشان الله بتعملوا فاصل بين الفقرات، عشان أصحاب النظارات أمثالنا لا يصابوا بالعمى !

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/30/2013 1:44:41 AM

هذا مسيحي، هذا مسلم، هذا علوي، هذا سني، هذا أرثوذوكسي إلخ الاسطوانة المملة حتى في الموسيقا التي تعبر عن وجدان الناس وبيئتهم وذائقتهم الفنية وتراثهم وميراثهم الحضاري. متى يتوقف الناس عن الإشارة للآخر وفقا لانتمائه الديني حتى وإن كان شيوعيا أو علمانيا؟ الكثير من موسيقا الشيخ إمام عيسى كان مستمدا من ألحان قرآنية، وكذلك كان كثير من ألحان آخرين ومع ذلك لم يتهم الشيخ إمام يوما بأنه عاد عن "ضلاله." زياد وهو يعزف التراتيل هو نفسه. شخص مرتبط عضويا وفنيا وإبداعيا بجميع أنواع الموسيقا التي تترفع عن أن يتم تعريفها استنادا إلى تصنيفات طائفية. مشكلة زياد هي أنه قد يكون سابقا لعصره أو أن الكثيرين منا لم ينضجوا بعد لفهم موسيقاه.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/28/2013 5:40:57 PM

حدا يفش خلقي و يحط اللينك للمقال "المشبوه"

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/29/2013 6:57:10 PM

http://assafir.com/Article.aspx?ArticleId=748&EditionId=2458&ChannelId=59189 فلسطينية من حيفا

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/30/2013 12:49:10 PM

إذا كانت فعلا هذه هي المقالة المقصودة فإنّني أعلن زعلي من زياد وضحى! كما نعلم، فإنّ عناوين المقالات الصحفيّة لا يختارها الكتّاب الصحفيّون بأنفسهم، هذه (عادةً) من اختيار مسؤولي التحرير. ثمّ إنّ "المتمرّد" غير "الضالّ". هذا المقال لا يعبّر -بالضرورة- عن الرغبات الدفينة لدى صاحبته، والدخول في النوايا مسألة محفوفة بالمخاطر (حتّى لو أنّ القراءة الحقّة في أحد مستوياتها هي قراءة ما بين السطور وما خلفها). هل يوجد أناس يرغبون في النظر إلى حفل زياد في الكنيسة من زاوية طائفيّة/ دينيّة/ سياسيّة؟ الجواب هو نعم. والردّ على هذه الحالة يستوجب -في رأيي- مقالا أو أكثر. ولكن تخصيص شخص بعينه ليتلقّى سهام النقد دون أن تكون "البيّنة" واضحة للمتلقّي فأمر لا أوافق عليه باعتباري أحد هؤلاء المتلقّين. تحيّاتي هيفاء ذياب

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/27/2013 11:07:06 PM

طن طن طن طن طن !
أنا مش كافر , بس الجوع كافر
أنا مش كافر , بس المرض كافر
أنا مش كافر , بس الفقر كافر و الذل كافر
أنا مش كافر , لكن شو بعملك إذا اجتمعوا فيي كل الإشيا الكافرين
يلي بيصلي الأحد و يلي بيصلي الجمعة
و قاعد يفلح فينا على طول الجمعة !
هو يلي دين قال و أنا يلي كافر عال
راجعوا الكتب السماوية راجعوا كلام القادر !
أنا مش كافر , بس البلد كافر
أنا مقبور ببيتي و مش قادر هاجر
و عم تاكلي اللقمة بتمي و أكلك قدامك يا عمي
و إذا بكفر بتقلي كافر !
معمم على الدول الغربية و مبلغ كل المخافر
أنا مش كافر , هيدا إنتا الكافر
أنا مش كافر مدام إنتا الكافر
أنا مش كافر , قلنا مين الكافر و عرفوا مين الكافر
أنا مش كافر متل ما عم قلك , عم بتحطها فيي كونك شيخ الكافرين !
و آميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/27/2013 11:06:03 PM

زياد فنان اممي،وانسان اممي،لانه اولاً واخيراً موسيقار، فلا يمكننا ان نحصره بين جدران الكنسية او في صومعة او جامع، فالحزب الشيوعي بعظمته لم يستوعبه بطلب انتساب، فهو المنتسب للافكار دون التقيد بالنصوص او الجوامد،فلا يمكن ان تكون الرياضيات جامدة او الموسيقى،ولكن لو نظرنا ما هية زياد سواءً بآعماله او بآفكاره او موسيقاه،نجده حتماً مؤمناً بطريقته، فهو مؤمن قبل كل شئ بالانسان، بالمحبة، وبالعدل،وبالحق، وبالمساواة بين البشر،وكذلك هو مؤمن بالجمال على اختلافه،لذا فهو قريب من الكنسية،ومن الاسلام،ومن كل الآديان التي تنادي بما هو مؤمن به.انها فلسفة بالحياة، وزياد من فلاسفتها. تصوروا ان زياد يسمع موسيقى تراتيل تصدر من كنسية الا يصغى لها اجزم بنعم،واذا سمع صوت الاذان يصدح بصوت مؤذن يتقن طبقاته الصوتية واللحنية.فهو (مقام موسيقي) ينصت، واذا سمع صوت السكون يصغي. فهو انسان. وصديقتك ست ضحى بعدها صغيرة،عملت غلطة وما بقى تعيدها.ولو سمعت زياد بس بآنا مش كافر،لعرفت انو زياد ما كان بالكنسية اساساً حتى يخرج منها،وهو ضد التجار بالدين،اصحاب الفتن،وكما قال ابن خلدون: الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات. منشكر الله انو عنا زياد لانو عرفنا الله من خلاله وليس من خلال هؤلاء واليكم طرابلس مثالاً كم تساوي حياة الانسان عندهم. فيصل الترك /برلين

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/27/2013 8:53:26 PM

وليش كل هالتعصيب عادي يعني الناس بتحكي، هذا الفيسبوك ورواده هم "نسوان الفرن" في القرن 21...ممانع حزين

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/29/2013 1:58:41 PM

بالمناسبة يا ممانع حزين ثرثرة النسوان اسطورة وخرافة اخترعوها الرجال اللي هنن اكثر ثرثرة وكزبا ونفاق متل كتير اساطير كزب ... وسلامي وتحياتي نسوانة وحدة ^___^

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/27/2013 6:34:48 PM

ما أحلاكي يا ضحى :)

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم