لا يشبه العام الدراسي الحالي في مدارس قضاء الهرمل غيره من الأعوام الدراسية الماضية. فطلاب الشهادات الرسمية يستعدون للاستحقاق على وقع صليات صواريخ «غراد» التي يمكن أن تسقط فوق رؤوسهم في أي لحظة. لا يكفي هؤلاء أنّهم لم ينجزوا البرامج المقررة، فالقلق النفسي يحتل حيزاً واسعاً من يومياتهم. كذلك فإنّ بعض التلامذة اضطروا للنزوح إلى بيروت هرباً من الوضع الأمني.
أما المعلمون، كما يقول لنا الطلاب، فشرحوا الدروس على عجل من دون تنفيذ تمارين تطبيقية، خصوصاً في المواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء وحتى اللغة العربية.
يراهن الطالب في ثانوية الهرمل الأولى الرسمية علي الساحلي على أن تنظر الوزارة في الظروف التي عاشها الطلاب في الشهر الأخير من العام الدراسي. يقول: «الشرح كلو سلق بسلق، ما فهمنا شي، قولك الدولة ممكن تساعدنا؟».
ليس العامل التربوي وحده ما يقلق الطلاب، فالطالبة في ثانوية القصر الرسمية ريما قطايا تقول إنّ «غالبية تفكيرنا تنصبّ على إمكان سقوط صاروخ على منزلنا أو منزل أقاربنا أو جيرانهم، لكون الصواريخ لا تزال تسقط على أحياء المدينة وقرى القضاء».
حتى الآن، لم تحدد وزارة التربية أماكن مراكز الامتحانات الرسمية في القضاء على رغم أن المدة التي تفصل الطلاب عن الاستحقاق لا تتجاوز الأسبوع الواحد. يذكر أنّ المديرين كانوا قد طالبوا في اجتماع سابق مع الوزير بتوفير مراكز امتحانات آمنة مثل مدارس العين واللبوة والفاكهة، فوافق دياب وكلف المدير العام للتربية رئيس اللجان الفاحصة فادي يرق التنسيق مع المدارس المرشحة لاستقبال الاستحقاق. يومها، تعهد المديرون بأن تكثيف الدروس سينجح في إنهاء المناهج.
لكن هؤلاء لا يستطيعون أن يتكهنوا ما ستكون عليه النتائج، بالنظر إلى العطل القسرية جراء تعرض المنطقة للصواريخ. الثابت أن التشاؤم هو السمة البارزة في اثناء التحضيرات للاستحقاق.
ويقول أحد المديرين إنّ ساعات التدريس تقلصت من 180 ساعة في العام الدراسي الطبيعي إلى نحو 100 أو 120 ساعة تعليم هذا العام، «إضراب هيئة التنسيق النقابية الذي دام 33 يوماً لم يكن السبب الوحيد لهذا التقليص، فقد كانت المؤسسات التربوية أحد الأهداف المعلنة للمجموعات السورية المسلحة وذلك عبر الرسائل الهاتفية والإعلامية التهديدية».
إزاء هذا الواقع، وقفت وزارة التربية موقف العاجز، إذ لم تجد سبيلاً إلّا توسيع صلاحيات مديري المدارس في القضاء، والوقوف إلى جانبهم في الاقتراحات والمقررات التي تساعد في المعالجة.
هكذا أعطت الوزارة الحرية لإدارات المدارس بالتنسيق معها ومع المنطقة التربوية من أجل تعويض أيام التعطيل أو من أجل التنسيق لنقل التلامذة إلى مدارس أخرى أكثر أمانا لمتابعة الدراسة، كما أبقت التواصل مفتوحاً في أي وقت لمتابعة المستجدات على الأرض. هذا الإجراء يصفه مدير متوسطة القصر الرسمية أكرم زعيتر المطلع على الملف التربوي في قضاء الهرمل، بالإيجابي «لكون الوزير سمح لكل مدير بإدارة عامه الدراسي بحسب درايته بالوضع الأمني المتذبذب وغير المستقر، ما دفع عدداً منهم إلى إنهاء البرامج سريعاً وتحديد موعد الامتحانات المدرسية النهائية مطلع الأسبوع المقبل، فيما سارع البعض الآخر إلى إجراء الامتحانات لغير طلاب الشهادات الرسمية، حتى لا يقع في مشكلة الترفيع مع الأهل، فيما لو لم يستطع إجراءها بسبب تدهور الوضع الأمني».
تجدر الإشارة إلى أن غالبية مدارس قضاء الهرمل فتحت أبوابها الإثنين الماضي في 10 حزيران بعد إقفالها في 9 أيار، لتعاود الاقفال الثلاثاء بعد سقوط صلية صواريخ جديدة على أحياء المدينة.
يشارك مدير إحدى الثانويات الرسمية في الهرمل زعيتر في تخوفه وقلقه من النتائج لطلاب الشهادات «حتى المتفوقين منهم» ويُقر بما قاله الطلاب لجهة «سلق» الدروس لإنهاء البرامح، وبالتالي عدم تحقيق الهدف المنشود منها.
وإذا كان البعض يعتقد أن المدارس الخاصة قد نأت بنفسها عن تلك المشكلة التي تعانيها نظيراتها الرسمية، لكونها لم تشارك في إضراب هيئة التنسيق إلا يومين فقط، وبالتالي استفادت في إنهاء برامجها لطلاب الشهادات الرسمية، فإن المدير يؤكد عدم صحة ذلك إلا في الشهادة المتوسطة، ذلك أن «قضاء الهرمل بأكمله يخلو من ثانويات خاصة تضم شهادات ثانوية على اختلافها».
وبناء عليه وإلى حين انطلاق الامتحانات الرسمية في 22 الجاري، سيبقى الإرباك سائداً ليس فقط في أوساط مديري المدارس والثانويات والمعاهد المهنية بل أيضاً لدى الطلاب وأهاليهم.