شكّكت وسائل الاعلام العبرية، أمس، في فاعلية القرار الأميركي بتسليح المعارضة السورية، رغم إقرارها بأنّ القرار جاء اضطرارياً، ويهدف إلى منع انهيار المعارضة المسلحة، على خلفية انتصارات الجيش السوري أخيراً.
ورأت صحيفة «هآرتس» أنّ قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتسليح الثوار في سوريا هو قرار يمكن وصفه بأنه عملية «قفز إلى عربة الخاسرين»، مشيرةً إلى أنّ «الدافع المركزي وراء تغيير الاتجاه (الأميركي) ليس التزاماً سامياً بعمل ما هو صحيح، كما يؤكد مؤيدو أوباما، أيضاً ليس تحويل الانتباه عن فضائح التجسس والتنصت، كما يؤكد خصومه، إذ إنّ الدليل الذي ظهر فجأة حول استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي جاء أساساً لمنح شرعية لهدف تكتيكي أصبح مهمة استراتيجية، وهو منع انهيار منظومة الثوار».
وبحسب «هآرتس»، فإن تدخل روسيا وإيران، وبالأساس تدخّل حزب الله، ومن ثم الانجازات السورية ميدانياً، وتحديداً في مدينة القصير، أدت إلى تغيير الاستراتيجية التي كانت متبعة من قبل الرئيس الأميركي، و«لأول مرة نشأ وضع يكون فيه عدم التدخل أكثر خطراً من الابتعاد عن الميدان السوري». وأكدت الصحيفة أنّ انتصار الرئيس (السوري بشار) الأسد سيعتبر انتصاراً لمحور الشر بقيادة روسيا وهزيمة أليمة لحلفاء أميركا، وعلى رأسهم قطر والسعودية وإسرائيل، وضربة شديدة لمكانة الولايات المتحدة».
مع ذلك، شددت «هآرتس» على أنّ «مشكلة أوباما هي أن قرار التحول من مراقب إلى لاعب نشط (في سوريا) سيغيّر قواعد اللعبة، ويزيد الخطر في أن تصبح الحرب حربه، لأن هزيمة الثوار ستضاعف ضعفين وثلاثة أضعاف الأضرار في المصالح الأميركية»، مشيرةً إلى أنّ «خطوة تسليح المعارضة بالسلاح الأوتوماتيكي والصواريخ ضد الدروع ليست إلا خطوة صغيرة، لكنها كبيرة من جهة أوباما، وقد تدفعه إلى مزيد من التورط في الشرق الأوسط».
من جهتها، شددت صحيفة «معاريف» على ضرورة الفصل بين القرار الأميركي بتسليح المعارضة وبين الأسباب المعلنة للقرار، مشيرةً إلى أن حجة استخدام السلاح الكيميائي لم تكن السبب في تغيير موقف أوباما، إذ إنه «أكثر ذكاءً من ذلك بقليل». وأضافت أنّ «تغيير الموقف مبني فقط على واقع التفوق الميداني للنظام، الذي تحول إلى موضوع استراتيجي، وإشارة إلى انتصار إيران وروسيا، الأمر الذي لا يمكن أوباما أن يسمح به».
وأكدت الصحيفة أنّ الموقف الاميركي كان حتى الأمس القريب يستند إلى مفهوم واضح، وهو أن «لا مصلحة في التدخل، ما دام حزب الله والثوار يستنزف بعضهم بعضاً». وطالبت «معاريف» بضرورة التروي قبل إظهار السرور بالقرار الأميركي الجديد، لأنّ «قرار أوباما موجّه أيضاً ضد روسيا، ومن شأنه أن يحفز موسكو على تزويد سوريا بمزيد من السلاح، أي إن الأصوات الروسية المتضاربة بشأن صفقة صواريخ «أس _300»، قد تنتهي قريباً».
صحيفة «إسرائيل اليوم» أكدت، من جهتها أنّ القرار الأميركي، رغم أهميته، لا يغيّر كثيراً من قواعد اللعبة أو يؤدي إلى تغيير في ميزان القوى. وشبّهت التصريحات والمواقف الأميركية من تسليح المعارضة بالمواقف التي تطلقها إسرائيل لتخويف أعدائها، بما يشبه «عرض العضلات». وأكدت أنّ ما يحصل الآن أميركياً شبيه «بتصريحات إسرائيلية أطلقت ضد أعداء إسرائيل، وتهدف إلى إعلاء منسوب ردعها أمامهم، تماماً كما يحصل مع إيران، والعمل على إيجاد انطباع بأن الجيش الإسرائيلي سيضرب المشروع النووي الإيراني».
وقالت الصحيفة إنّ «إعلان البيت الأبيض، دفعة واحدة، أنّ بشار الأسد استخدم السلاح الكيميائي، لم يأت نتيجة تحقيق كيميائي علمي في المختبرات، بل هو رد عصبي مقابل انتقادات (الرئيس الأميركي السابق) بيل كلينتون التي وجهت إلى باراك أوباما واتهمته بالعجز في كل ما يتعلق بالتدخل إلى جانب المتمردين في سوريا». ونبهت الصحيفة إلى الأنباء الواردة في مجلة «التايم» البريطانية، التي تحدثت عن استعدادات تجريها الولايات المتحدة وإسرائيل بالتعاون مع الأردن للتدخل في الحرب في سوريا، مؤكدة أنّ هذه الأنباء هي أيضاً «فصل آخر في تكتيك الرد بواسطة إجراءات وتصريحات معلنة، لا أكثر، وتهدف إلى منع أصل المواجهة، إذ إن الرئيس الأميركي لا ينوي بالفعل أن يتدخل بصورة فاعلة في سوريا».