ما زال المسار التصاعدي للانجازات الميدانية التي يحققها الجيش السوري، يخضع لمتابعة وتقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي عبّر أكثر من مسؤول فيها عن مآل التطورات العسكرية وأثرها على أمن الدولة العبرية، من ضمنها استدراجها من قبل المسلحين عبر اطلاق صواريخ نحو الجولان وما بعده، بهدف التدخل لضرب الجيش السوري.
ورأى مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، أنّه «بعد الانتصار في القصير، يسير جيش (الرئيس بشار) الأسد والثوار نحو معارك حاسمة، كما يبدو في منطقة حلب أو حمص، حيث تتدفق إلى هاتين المدينتين قوات عديدة بدأت بتطويقها». وشدّد المصدر نفسه، في مقابلة مع موقع القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، على أنّ نتائج المعارك هناك «قد تشجع على اطلاق صواريخ واطلاق نار، نحو الجولان، بهدف اقحام إسرائيل في المعركة»، مضيفاً إنّ «أمراً كهذا قد يحدث لكن كل شيء مرتبط بالنتيجة».
وأقرّ المصدر بأنّ تسليح المسلحين السوريين سيكون له انعكاسات في العديد من الساحات الاقليمية والدولية، موضحاً أنّ «هذا الأمر سيواجهنا، وكما يبدو أيضاً سيواجه أوروبا والولايات المتحدة». واستشهد المصدر بتجربة صواريخ «ستينغر» في أفغانستان، وتدريب الاستخبارات الأميركية لعناصر القاعدة، وفي النهاية عملوا ضد الولايات المتحدة.
وحول ما تملكه إسرائيل من معلومات عن مجريات الميدان في سوريا، أشار المصدر الأمني إلى أنّ «الجيش السوري أثبت صموداً مؤثراً، وهذا الأمر بدأ يؤثر في مجموعات المسلحين»، معلناً أنهم في إسرائيل لا يصدقون ما تبثه «أفلامهم الدعائية». وأكد على أنّ «النهاية ما زالت بعيدة، لكن مع مساعدة حزب الله والإيرانيين فجأة النهاية لا تبدو جيدة» بالنسبة إلى إسرائيل. وفي ضوء ذلك، رأى المصدر أنّ هذا المسار «من المحتمل أن يُقرّب سيناريو اطلاق الصواريخ نحو إسرائيل ويجب علينا اعداد أنفسنا لذلك».
أما لجهة مآل هذه الحرب، فرأى المصدر أنها «لن تستمر إلى الأبد، ومن المنطقي الافتراض أنها ستنتهي بدولتين، وربما أيضاً أكثر». وشدّد، أيضاً، على أنه «في اللحظة الأخيرة التي سيخسر فيها الثوار تلك المدن (حلب وحمص) فإن فرصة السيطرة على سوريا ستتبدّد»، وخاصة أنهم حتى لو سيطروا على نسبة بارزة من المناطق إلا «أنها ستكون ثانوية وغير ذات صلة، وثمة شك إن كان الأسد سيتأثر بذلك».
وحذّر المصدر من أنّ «وضعاً كهذا سيدفع المسلحين إلى اطلاق الصواريخ نحو الجولان، وربما ما بعد الجولان، من أجل جرّ الجيش الاسرائيلي إلى هذه الساحة الدموية» على أمل أن يضر هذا الدخول «بفرص الجيش السوري الذي من السهل جداً تحديد مكانه».
وبخصوص الموقف الإسرائيلي من هذا التورط في سوريا، أكد المصدر الأمني أن تل أبيب «تفضل عدم الانجرار إلى الحرب، وستفعل كل شيء، كي لا يحدث ذلك، لكن التدخل الإسرائيلي سيكون مرتبطاً بالنتيجة»، ولن يكون ذلك إلا حال «انعدام الخيار، وأكثر من ذلك بسقوط اصابات وعددها». وأكد على أن إسرائيل «لن تسمح بحصول وضع مماثل لقطاع غزة»، لكنه مع ذلك بدا متشائماً، وخاصة أنه أكد أن سيناريو اطلاق الصواريخ «سيحدث، وأنا لست الوحيد في المؤسسة الأمنية الذي يفكر بهذه الطريقة. فالجيش يستعد لذلك، وبرأيي ستبدأ الصواريخ بالتساقط هنا». وفي الوقت الذي رفض فيه المصدر تحديد مدة زمنية لحدوث ذلك، لمّح إلى أنه يمكن فهم ذلك خلال سنة، مضيفاً أنه بناء على التجربة تعلّمنا أن الصواريخ الصغيرة من الصعب تحديد مكانها ومن أجل منع اطلاقها «ينبغي ادخال المشاة إلى الداخل (السوري)، ولن نستفيد من سلاح الجو، وسنكون مجدداً في المكان الذي يريدونه، لكن ليس كل شيء أسود، وسيكون هناك حل خلّاق».
في موازارة ذلك، أعلنت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، سقوط قذيفة هاون اطلقت من الأراضي السورية، صباح أمس، في قطاع من هضبة الجولان المحتلة.
وأضافت المتحدثة «لم يؤد انفجار القذيفة إلى وقوع ضحايا أو أضرار، وقام الجنود بتمشيط القطاع الذي سقطت فيه».
وتابعت أنّ اطلاق القذيفة «مرتبط على ما يبدو بالوضع الداخلي في سوريا»، ملمحةً إلى أنّ إسرائيل لم تكن مستهدفة، بل إن القذيفة كانت نتيجة تبادل لاطلاق النار بين طرفي الصراع.