لا يمكن الحديث عن إدارة شركة «سوليدير» بمعزل عن كبار المساهمين والمديرين. هؤلاء يحصدون «منافع» بملايين الدولارات سنوياً، أي ما يفوق بآلاف الأضعاف، أي ربحاً يمكن أن يحصل عليه المساهمون العاديون (في عام 2011 بلغت ربحية السهم الواحد 0.25 دولار). الهوّة بين الكبار والصغار هائلة؛ لأن الكبار يأكلون كل المنافع و«قشرتها». آليات تحصيل المنافع واضحة في التقارير الخاصة التي يرفعها مجلس الإدارة إلى الجمعيات العمومية، وهي تشير بوضوح إلى توزيع «المغانم» في الشركة على أعضاء مجلس الإدارة. لا يحتمل هذا الأمر أي جدال؛ فكبار المساهمين هم أنفسهم أعضاء مجلس الإدارة الذين يملكون عدداً من الأسهم في الشركة وتوكيلات عن مالكي أسهم يعدّون من ذوي النفوذ الكبير. يتوزّع أصحاب النفوذ على السياسيين والمؤسسات المالية والمصرفية المحسوبة عليهم وعلى الأوقاف الدينية وبعض المؤسسات الغربية. في غالبية التقارير الخاصة المرفوعة إلى الجمعية العمومية، تحاول إدارة «سوليدير» إيهام صغار حملة الأسهم بأنّ أوضاعها سويّة، لكن الوقائع تقول إن التنفيعات هي من الهموم الكبرى. من أبرز الوقائع ذات الصلة بالتنفيعات المذكورة هي تلك التي تشير إلى وجود أعضاء مجلس إدارة سوليدير في عدد كبير من مجالس إدارات الشركات العقارية التي تنشئها «سوليدير» لإقامة مشروع ما، أو في مجالس إدارة الشركات التابعة لها، وما أكثرها وما أكثر مخالفاتها لقانون إنشائها! بدلات حضور الجلسات في هذه المجالس تموّل من ميزانية «سوليدير» التي تدفع ثمن مساهمتها في رأس مال هذه الشركات أو تمنحها قروضاً لبدء عملها. غير أن السؤال الذي يطرحه بعض المساهمين اليوم يتمحور حول الجدوى من كل ذلك؟ الإجابة لا تخرج عن إطار ما يكشفه التقرير الخاص لمجلس الإدارة الذي يشير إلى الوقائع الآتية:
ــ تتعامل شركة سوليدير مع «بنك البحر المتوسط ش.م.ل.» و Bank Med Suisse S.A بالحساب الجاري وحساب «الودائع لأجل» وعمليات مصرفية أخرى. يشغل عضو مجلس الإدارة باسيل يارد عضوية مجلس إدارة المصرفيين المذكورين (فضلاً عن أن أصحاب المصرفيين هم من أكبر المساهمين في الشركة).
ــ إن أتعاب عضو مجلس الإدارة ماهر بيضون والموكل بالاستشارات المتعلقة بعلاقات الشركة بالغير لعام 2012 هي 192000 دولار.
ــ يشغل عضو مجلس الإدارة روفائيل صباغة صفة عضو مجلس إدارة شركة «إنماء واجهة بيروت البحرية ش.م.ل.»، وهي شركة مساهمة لبنانية تملك سوليدير 50% من أسهمها.
ــ يشغل رئيس مجلس الإدارة ناصر الشماع صفة رئيس مجلس إدارة شركة سوليدير إنترناشونال هولدنغز ش.م.ل. (شركة قابضة) ويشغل عضو مجلس الإدارة منير دويدي صفة عضو مجلس إدارة الشركة المذكورة.
ــ يشغل رئيس مجلس الإدارة ناصر الشماع صفة رئيس مجلس إدارة شركة سوليدير إنترناشونال المحدودة، ويشغل عضو مجلس الإدارة باسيل يارد، صفة عضو مجلس إدارة شركة سوليدير إنترناشونال المحدودة.
هذه ليست كل الخلطة التي تنبثق منها تركيبة مجلس الإدارة ومنافع أعضائه. ففي عام 2010 أسست شركة سوليدير عدداً كبيراً من الشركات السياحية من خلال ملكيتها الكاملة لشركة «بيروت هوسبيتاليتي كومباني ش.م.ل. هولدنغ». وبحسب تقرير مجلس الإدارة، فإن سوليدير تموّل ديون هذه الشركات الصغيرة التي يتمثّل في مجلس إدارتها أعضاء في مجلس سوليدير وذلك على النحو الآتي:
ــ شركة بيروت هوسبيتاليتي كومباني: يشغل جوزف عسيلي صفة رئيس مجلس الإدارة وماهر بيضون صفة عضو مجلس الإدارة. وقد بلغ رصيد المدين (الديون الممنوحة من سوليدير الأم لهذه الشركة) 3.198.916 دولاراً.
ــ شركة «BHC1 ش.م.ل.» وهي شركة مملوكة بالكامل من شركة سوليدير، يبلغ رصيدها المدين 3.894.570 دولاراً، ويشغل ماهر بيضون صفة رئيس مجلس الإدارة.
ــ شركة «BHC2 ش.م.ل.» المملوكة بالكامل من شركة سوليدير، ويبلغ رصيدها المدين 192.933 دولاراً، ويشغل مصباح كنفاني صفة رئيس مجلس الإدارة.
ــ شركة «BHC3 ش.م.ل.» مملوكة بالكامل من شركة سوليدير، ويبلغ رصيدها المدين مبلغ 272.873 دولاراً، ويشغل منير دويدي صفة رئيس مجلس الإدارة.
ــ شركة «BHC5 ش.م.ل.» مملوكة بالكامل من شركة سوليدير، ويبلغ رصيدها المدين مبلغ 2.121.744 دولاراً، ويشغل منير دويدي صفة رئيس مجلس الإدارة.
ــ شركة «BHC6 ش.م.ل.» مملوكة بالكامل من شركة سوليدير، ورصيدها المدين يبلغ 320.720 دولاراً، ويشغل مصباح كنفاني صفة رئيس مجلس الإدارة.
ــ شركة «MATS ش.م.ل.» التي تملك شركة «بيروت هوسبيتاليتي كومباني ش.م.ل. هولدنغ» 80% من أسهمها، ويبلغ رصيدها المدين 1.564.254 دولاراً، ويشغل جوزف عسيلي صفة رئيس مجلس الإدارة.
توزيع هذه الشركات على أعضاء مجلس الإدارة لا ينحصر في شركات الفنادق والمطاعم التي أسستها سوليدير ابتداءً من عام 2010؛ فهناك سابقة لم يكن ينظر إليها من قبل المساهمين بجديّة، هي توزيع الشركات العقارية على أعضاء مجلس الإدارة. فهناك الكثير من الشركات التي أنشئت في السابق وانتهت مدتها بفعل انتهاء أعمالها، وذلك رغم مشاركة أعضاء مجلس إدارتها فيها. لا بل إنه في مرحلة ما أسّست بعض الشركات وشاركت فيها بتمثيل أعضاء مجلس إدارة سوليدير، ثم تبيّن عدم جدواها، وهذا الأمر لم يتوقف في أي يوم من الأيام منذ أن أُنشئت سوليدير إلى اليوم... على أي حال، يشير التقرير إلى أن «أعضاء مجلس الإدارة الآتية أسماؤهم لهم صفة رؤساء أو أعضاء في مجالس إدارة شركات تتعاطى أشغال التطوير العقاري، بما فيها الضمّ والفرز والمشاريع العقارية، وهي أشغال مشابهة للنشاطات التي تتعاطاها شركة «سوليدير»، ولا يوجد أي اتفاق مباشر أو غير مباشر بينهم وبين الشركة». هذه الشركات والأعضاء المذكورون هم:
ــ ماهر الداعوق: شركة المنارة العقارية ش.م.ل. وشركة الأبنية والممتلكات العقارية ش.م.ل. وشركة سكن ش.م.ل. وشركة 138 المريسة ش.م.ل. وشركة ثمرات ش.م.ل.
ــ جوزيف عسيلي: شركة Asselco Holding ش.م.ل.، شركة ميكادا ش.م.ل.
ــ روفائيل صباغة: شركة الرميل 1781 ش.م.ل.
ــ أسامة قباني: شركة ميلينيوم ديفيلوبمنت ش.م.ل.
تستعمل إدارة «سوليدير» المادتين 158 و 159 من قانون التجارة للحصول على موافقة مسبقة من الجمعية العمومية بشأن أي تعامل بين الشركة وأعضاء مجلس إدارتها والترخيص لهم للاشتراك في مجالس إدارة الشركات الأخرى... عملياً، إن كبار المساهمين يرخّصون لأنفسهم؛ نظراً إلى كونهم يملكون أصوات الغالبية في الجمعية العمومية.