دخل العرب الـ«كوميدي فرانسيز» قبل عقدين مع يوسف شاهين، الذي أحيا بطل ألبير كامو «كاليغولا» تحت زخرفات الذهب في المؤسسة العريقة. والآن جاء دور سعد الله ونّوس (١٩٤١ ـــ ١٩٩٧)، من خلال عمله المرجعي «طقوس الإشارات والتحوّلات» (١٩٩٤) في قراءة جديدة لسليمان البسّام. أحد ألمع مؤلّفي مسرحنا الحديث ومنظّريه يعود إلى باريس التي كوّن فيها ذائقته، وتعرّف على بريخت وبيسكاتور وبيرندللو، واكتشف أعمال أريان منوشكين، والتقى جان جينيه... ونّوس ضيفاً على «بيت موليير»، فيما بلده يعيش ذروة المأساة، والبنى الاستبداديّة التي تصدّى لها على حالها، من زمن الهزيمة إلى «ربيع» الحروب الأهليّة.
المخرج الكويتي الذي برز خلال العقد الماضي باقتباسات شكسبيريّة مطبقة على الراهن العربي: «مؤتمر هاملت» (2002)، «ريتشارد الثالث: مأساة عربية» (2009)، «ودار الفلك» (2011)، اختار أن يواجه اللحظة العربيّة بنصّ مرجعي، أخرجته نضال الأشقر قبيل رحيل صاحبه، وأثار فضيحة حين قدّمه وسام عربش في سوريا ربيع ٢٠٠٩. كل ونّوس في هذا النصّ الذي ينتمي إلى المرحلة الأخيرة من نتاجه، ويجسّد ذروة صنعته الدراماتورجيّة. التراث والتاريخ هما المادة، والاحتفاليّة القالب، لكنّ التمرّد بات فرديّاً. زوجة نقيب الأشراف في دمشق القرن ١٩، حلمت بالرقص وصارت مومساً، وأخذتها جريمة شرف. مؤمنة/ ألماسة رمز التمرّد في وجه التسلّط الذكوري والفساد الديني. إنّها معاصرتنا، تدخل ريبرتوار «الكوميدي فرانسيز» على خلفيّة الانتفاضة السوريّة المسروقة.

يمكنكم متابعة بيار أبي صعب عبر تويتر | PierreABISAAB@