ساد التوتر جلسة لجنة الدفاع والداخلية والبلديات النيابية أمس بعدما حاول نواب 14 آذار وضع الجيش في قفص الاتهام وإثقاله باتهامات مكررة بارتكابه أخطاء جسيمة خلال معركة عبرا ضد مسلحي الشيخ احمد الأسير ابتداءً من يوم الأحد 23 حزيران الماضي. إلا ان ممثلي الجيش قلبوا الطاولة بعرضهم تسجيلات تظهر وقائع بداية الاشتباك، واعتداء مناصري الأسير على حاجز الجيش الكائن قرب المربع الأمني في عبرا وإصدار الأسير الأوامر شخصياً بتمزيق عناصر الجيش تمزيقاً بعدما رفض هؤلاء «اوامره» بإزالة الحاجز.
وأظهرت التسجيلات التي عرضها الجيش والمأخوذة من كاميرات المراقبة الخاصة بمربع الأسير الوقائع الآتية: بدأ التوتر بعدما طلب الشيخ أحمد الأسير من أحد مساعديه أحمد الحريري التوجه الى حاجز الجيش القريب من مربع الأسير الأمني والطلب من عناصر الجيش إزالة الحاجز نهائيا. ولما لم يلق الحريري تجاوبا من الجيش عاد مجددا الى الأسير وابلغه بما حدث، عندها انتفض الأسير بعصبية وبدأ الصراخ طالبا من أنصاره حمل السلاح والتوجه إلى الحاجز لإزالته بالقوة. توجه المسلحون فورا الى المكان حيث عمدوا بداية الى استفزاز عناصر الجيش ليبدأوا بعدها اعدامهم بالرصاص، ما تسبب في استشهاد الضابط سامر طانيوس والعسكري رامي خباز. وبعد سقوط كل عناصر الحاجز بين شهيد وجريح، عاد المسلحون أدراجهم الى الأسير الذي كان قد ارتدى بزته العسكرية وحمل عتاده والسلاح، فأخبروه بما «أنجزوه». أمر الأسير جماعته بالقول: «خزقوهن تخزيق»، فتدخل أمجد شقيق الأسير قائلا: «أنا خزقتن». وكانت قد بدأت حينها المعركة بين الجيش ومسلحي الأسير، فساد هرج ومرج وسط التجمع المسلح واقترب أحد المقاتلين ويدعى موسى من الأسير سائلا اياه: «بسفق الملالة بالـ ب7»، فأومأ اليه الأسير ايجابا.
وفي تسجيل آخر يسأل المقاتلون «شيخهم» عما سيقولونه إذا تلقوا اتصالات من وسائل الاعلام، فكان جوابه: «قولوا لهم إن الجيش بادر بالاعتداء علينا ونحن نرد دفاعا عن أنفسنا».
كما عرض الجيش تسجيلاً ثالثاً يعود تاريخه الى ما قبل يومين من أحداث عبرا يظهر فيه الأسير في مواجهة حاجز الجيش يكيل الشتائم للعسكريين قائلاً: «يا حيوانات بدنا نذبحكم»، الا أن عناصر الجيش التزموا ضبط النفس حينها.
وكان سبق عرض التسجيلات مشادات بين نواب 8 و14 آذار. وأكدت مصادر في الجلسة أن «الأجواء كانت متوّترة منذ البداية»، بعدما «سجّل نواب كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير اعتراضاً على الجلسة بحدّ ذاتها»، معتبرين أنه «لا يجوز لأحد اتهام الجيش ومحاسبته، في الوقت الذي يجب فيه على جميع اللبنانيين تهنئته ودعمه». وأشارت إلى أن المشادات الكلامية بدأت منذ اللحظات الأولى، حين قرر عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت الرّد على زملائه معتبراً أنه «في حال ثبت أن هناك أخطاء قام بها الجيش، تجب حينها محاسبته». كلام استدعى النائب علي عمّار الرد عليه معتبراً أن «محاسبة الجيش هي مؤامرة على هذه المؤسسة». ولفتت المصادر إلى أن «الهجوم الذي شنّه نواب 14 آذار على المؤسسة العسكرية سرعان ما انتهى، بعد عرض الفيديو الذي أظهر بوضوح حقيقة ما حصل». وبحسب المصادر فقد «بلع الآذاريون ألسنتهم»، قبل أن يتحدث وزير الدفاع فايز غصن قائلاً أن «الفيديو يمكن أن يوضح العملية التي قام بها الجيش بكل الامكانات المتوافرة»، رافضاً «عبارة مساءلة، لأن الجيش لا يُسأل، وهو يقوم بواجبه بكل مهنية وانضباط». حينها لم يجد هؤلاء سوى «التركيز على مشاركة عناصر حزب الله في المعركة»، وسأل النائب فادي كرم «لماذا لم يقبل الجيش بالوساطة التي قام بها العلماء المسلمون»، فردّ عليه النائب اسطفان الدويهي بالقول «يا عيب الشوم عليك»، وأضاف «بدلا من الدفاع عن دمّ العسكر تطالبون بمحاسبته»؟ فيما اعتبر النائب الان عون أن «الجيش فوق التشكيك ومن يريد أن يثبت مشاركة الحزب في القتال فليقلها علنا، وليخرج الجيش من هذا الصراع». وأكدت المصادر أن «الجلسة لم تصل إلى أي مكان، نتيجة المشادات الكلامية بين النواب والتي وصلت إلى حدّ التخوين، وقرر على اثرها رفع الجلسة إلى يوم الخميس المقبل».
من جهته، حاول النائب خالد الضاهر بعد الجلسة تحوير مضمونها مركزا على اتهام حزب الله بالمشاركة في القتال متغاضيا عما ورد في التسجيلات، واشار إلى ان النائب نواف الموسوي طلب من وزير الدفاع والضباط مغادرة الجلسة وأكد انه «لا يمكننا أن نقبل بان يكون احد فوق القانون والحق والدستور، وهناك أسئلة تطرح في صيدا وفي عبرا تتعلق بمشاركة حزب الله في هذه المعركة، مع ما ظهر من صور واعدامات ومدفعية شاركت في القصف على عبرا وعلى مناطق صيدا، وانتشار مسلحي حزب الله واطلاق النار على مجدليون على منزل السيدة بهية الحريري».
كلام الضاهر استدعى ردا من النائب قاسم هاشم الذي أسف «لما وصلت اليه الأمور ولمحاولة البعض استغلال انعقاد جلسة لجنة الدفاع للاطلاع على مجريات ما حصل في صيدا وعبرا من اعتداء على الجيش، ليحولها في اتجاه آخر، وكأن هناك من يحاول استهداف الجيش واستكمال الحملة عليه».
بدوره قال النائب علي عمار: «لقد آن لفريق الفتنة، فريق الاستباحة الذي يحدثك بالعفة ويصنع بما هو عكسها تماما، بعد خسارة كل رهاناته ان يرعوي ويكف عن النيل من وحدة البلد والسلم الاهلي والوحدة الوطنية والجيش اللبناني والدولة اللبنانية».
قضائياً، واصلت المحكمة العسكرية تحقيقاتها في حوادث عبرا، وقد استجوب القاضي فادي صوان أمس في جرم القيام بأعمال ارهابية ونقل اسلحة وذخائر ومتفجرات الى سوريا، سبعة موقوفين من مجموعة الاسير من بينهم الشيخ ر. ش.، الذي كان يرافق الاسير في زياراته إلى سوريا والقي القبض عليه بعد سقوط المربع الامني. وأصدر مذكرات توقيف وجاهية في حق أربعة منهم بينهم ر. ش، وترك ثلاثة منهم. وختم التحقيق واحال بقية الموقوفين الى النيابة العامة العسكرية لابداء المطالعة في الاساس.