دمشق | تتسارع وتيرة العمليات العسكرية في سوريا بنحو ملحوظ، حيث يتسابق الطرفان المتقاتلان إلى تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، وسط تزايد الحديث عن اقتراب موعد عقد مؤتمر «جنيف 2». التباري العسكري لا يزال لمصلحة الجيش السوري الذي يوسع عملياته على امتداد الأراضي السورية، في وقت يُجمع خلاله العديد من المحلّلين على أن نهاية الأزمة السورية لن تأتي إلا بحرب شاملة تحرق المنطقة؛ إذ إن وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر، يؤكد أن مؤتمر «جنيف 2» سيقام دون أي شك، وأن العملية السياسية ستنطلق، لكن التحضيرات هي التي تعرقل تحديد موعد انطلاقة المؤتمر. وفي حديث لـ«الأخبار»، ذكر حيدر أن المعوّقات الحقيقية التي تعرقل المؤتمر ليست من جهة الحكومة السورية، بل من الطرف الآخر المتدخل في الشأن السوري، بهدف تحصيل أعلى درجات الاستفادة مما يحصل في سوريا اليوم. وأضاف حيدر: «يريد هذا الطرف استغلال العملية السياسية، بغية تحقيق مصالحه في المنطقة ومشاريع الغرب، ما يعني أننا ذاهبون إلى عملية سياسية تُعَدّ نوعاً من أنواع الحرب؛ إذ يُعدّ كل طرف عدته للحرب». لا معطيات يذكرها حيدر عن السبيل إلى سرعة الخروج من الحرب القائمة، لكن الوزير يطمئن السوريين إلى أن البلاد ذاهبة إلى الخروج من أزمتها في أسرع وقت ممكن.
كلام حيدر يأتي بالتزامن مع الاشتباكات المندلعة في مدن عدة ومناطق من البلاد بتصاعد غير مسبوق؛ إذ لا تسرُّع لدى قيادات الجيش السوري في قرار إعلان بعض المناطق آمنةً، رغم السيطرة شبه الكاملة عليها، ودون حالات انسحاب أو تراجع مرّت بها فرق من الجيش سابقاً. المعارك تتوالى من مدينة إلى أُخرى، بتصميم عسكري واضح، لتخيّم أصوات الحرب على الأجواء الرمضانية. ففيما يتقدم الجيش بخطوات محدودة على أطراف حيّ القابون، بعدما وصلت المعارك فيه إلى مراحلها الأخيرة، لا تطورات عسكرية كبرى في محيط جامع خالد بن الوليد في حيّ الخالدية وسط حمص. النيران أشعلت ليل المدينة عندما اندلعت الحرائق في حي الدبلان، أما القناصون فكانوا سادة الميدان. حيّ عكرمة «المؤيد» لقي نصيبه من العنف القائم في المدينة، إثر سقوط ثلاث قذائف، إحداها في شارع العشاق، الذي شهد الأسبوع الفائت انفجاراً عنيفاً. جنوب تدمر، بدوره، شهد قصفاً عنيفاً في منطقة البساتين، حيث تستأنف حرب الكر والفر بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة. وتستمر أيضاً العمليات العسكرية في قرية الدار الكبيرة في ريف حمص الشمالي. ولا صحّة لما يُتداوَل عن مساعٍ للتفاوض مع مسلّحي الزارة، بحسب أحد سكان المنطقة، ولا سيّما بعض القبض على أحد المفاوضين المتورّطين في تمويل مسلحي المعارضة، على خلفية كمين نُصب للجيش السوري الأسبوع الفائت وأوقع عدّة شهداء من العسكريين، بينهم ضباط. ومن اللافت في آخر التطورات في المنطقة، اندلاع الحرائق إثر سقوط قذائف على خزانات الوقود بين الزارة وكفر ريش.
وفي ريف دمشق تتواصل الاشتباكات مع القصف المدفعي داخل حي برزة. العمليات المستمرة في حرستا ودوما يقابلها استئناف تمشيط منطقة جوبر، حيث تحدثت وسائل الإعلام الرسمية عن العثور على مواد كيميائية في جوبر، يستخدم بعضها في تصنيع العبوات الناسفة. طريق الخروج من دمشق شمالاً يحتوي على مشاهد إضافية من الدمار، حيث تكاد بلدة حرستا تسوّى بالأرض، بعد محاولات قطع الطريق الدولي من جديد من قبل مسلحي المعارضة، بهدف إشغال الجيش عن المناطق التي يكاد يحقق فيها انتصارات جديدة، بحسب أحد العسكريين شمال دمشق. ومن الملاحظ عودة بلدة داريا، جنوب دمشق، إلى الواجهة، حيث اشتبك مسلحون من كتيبة «أسود السنّة» مع وحدات من الجيش السوري جنوب البلدة.
إلى ذلك، وقع انفجار بسيارة مفخخة بالقرب من مخفر دير عطية، التي تقع بين النبك وقارة ولا وجود مسلّح فيها، في ريف دمشق ما أوقع خمسة قتلى وحوالى 30 جريح.