طوال الساعات الـ 48 الماضية، انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية بمحاولة التثبت مما إذا كان العماد ميشال عون والسيد حسن نصر الله قد اجتمعا أو لا. المصادر الرسمية في التيار الوطني الحر وحزب الله نفت الخبر نفياً قاطعاً، مكتفية بتكرار ما قاله عون في مؤتمره الصحافي بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح: «إذا تم اللقاء مع السيد نصر الله يكون تمّ، وإذا لم يتم فإنه سيتم». لكن مصادر مقربة من الطرفين أكّدت لـ«الأخبار» أن اللقاء عُقِد أول من أمس، وأن أجواءه كانت «ممتازة»، وأن الطرفين اتفقا على عدم تأكيد حصول اللقاء أو نفيه. من ناحية أخرى، تكثّف البحث أمس بشأن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان. وأكّدت مصادر وزارية لـ«الأخبار» أن القوى المعنية بعملية التمديد توصلت إلى ما يشبه الاتفاق على الفتوى التي تجيز التمديد لقهوجي وسلمان، استناداً إلى المادة 55 من قانون الدفاع. وهذه المادة تتحدّث عن تأجيل تسريح الضباط والأفراد من الخدمة (أي تأجيل إحالتهم على التقاعد)، بقرار من وزير الدفاع بناءً على طلب قائد الجيش.
ورغم أنها لا تتحدّث عن تأجيل تسريح قائد الجيش، إلا أن القوى السياسية الراغبة في التمديد «أفتت» بأنه يجوز لقائد الجيش أن «يلفت نظر» وزير الدفاع إلى إمكان التمديد له، بسبب الظروف الراهنة. وقالت مصادر قريبة من النائب وليد جنبلاط لـ«الأخبار» إن الأخير لا يريد إمرار التمديد لسلمان من دون قهوجي، وإنه مصرّ على التمديد للاثنين معاً. لكنها لفتت إلى أن قائد الجيش لا يزال يعترض على الفتوى، معتبراً أن من غير الجائز أن يطلب التمديد لنفسه بغياب نص قانوني واضح. وعن موقف تيار المستقبل، قالت مصادر جنبلاط إن الرئيس سعد الحريري لن يمانع أي مخرج يسمح بتجنّب حدوث فراغ في قيادة الجيش. وأشارت مصادر وزارية إلى أن «فتوى التمديد» لن توضع موضع التنفيذ قبل اتضاح مصير الجلسة التشريعية التي دعا الرئيس نبيه بري إلى عقدها ابتداءً من 29 تموز الجاري، علماً بأن التمديد لرئيس الأركان يجب أن يتم قبل إحالته على التقاعد يوم 8 آب المقبل.
على صعيد آخر، وخلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامه في قصر بعبدا، أمس، أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه «سيطرح للنقاش قريباً اقتراحاً لتوضيح بعض مواد الدستور على قاعدة توزيع المسؤوليات، وليس على قاعدة تنازع الصلاحيات. لكن الجهد سيتركز على تشكيل حكومة جديدة، وأدعو الجميع الى التحلي بالمسؤولية التي توجبها مصلحة البلاد وملاقاة السعي الدؤوب لسلام بالسعي الجدي لتسهيل مهمته وعدم رفع سقوف المطالب بوجهه».
وأكّد سليمان «الحاجة الى إعادة النظر بقانون إنشاء المجلس الدستوري لناحية تعيين أعضائه ونظام عمله لتتأمن له الاستقلالية التامة ويتأمن لأعضائه كامل الحرية بممارسة مهماته، بعيداً عن أي تأثير سياسي». وشدد على «وجوب إبراز دعمنا جميعاً للمؤسسة العسكرية من دون شرط، والابتعاد عن أي تحريض ضدها».
وفي سياق منفصل، لفت سليمان الى أن «التفجير الإرهابي في بئر العبد، واليوم في المصنع، يدق جرس إنذار مقلق ويضع كل صاحب موقع أمام واجباته صوناً لمستقبل البلاد ووحدتها».
من جهته، اعتبر النائب ميشال عون أن «الحكومة لن تقلّع بسبب الشروط الموضوعة من بعض الجهات السياسية، وهناك فيتو ولا نعرف ممن ستتألف الحكومة إن لم تكن ستتألف من المجموعات اللبنانية». وقال عون: «نحن في جمهورية البزّاق، وقد استنتجنا أن لا أحد يريد تشكيل الحكومة».
وأوضح في تصريح له بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي أن التكتل بحث في قضايا عدة، و«خصوصاً بعدما وردت إلينا معلومات عن جبهة النصرة، وأن هناك من ينتظرها في لبنان»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن نبقى ساكتين عن هذا الموضوع. فهل نريد أن نجلس على برميل بارود؟ لا يمكن أن نبقى نصرّف الأعمال في الأمور الأمنية، وهذا هو الأساس».
وقال عون إنه «من الكفر بالوطن والمجتمع اللبناني أن لا يتم إقرار مشروع الغاز، ومشروع الغاز يسمح لنا باستخراج الغاز من البحر ومن البر، كما يسمح بتلقي الغاز من إنتاجنا». وعن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، أشار عون إلى أن «الحكومة المستقيلة تستطيع أن تجتمع وتعين قائداً للجيش، وكل فريق يعطل جلسة لتعيين قائد للجيش أتهمه بالمؤامرة، وإذا أراد الأفرقاء إشعال لبنان فلا يستطيع قائد الجيش إيقافهم».
واستغرب النائب سيمون أبي رميا «المقايضة الطائفية التي يقوم بها تيار المستقبل عبر الربط بين التمديد لقائد الجيش والتمديد للواء أشرف ريفي، مؤكداً أن هذا الأخير انتقل من قيادة قوى الأمن الداخلي إلى قيادة المحاور في طرابلس». وقال أبي رميا: «لن أسلّم أمني وحريتي ورأسي إلى قائد محور، وعودة ريفي إلى قيادة قوى الأمن الداخلي أصبحت من سابع المستحيلات».

قاسم: الأمر الواقع يعني تخريب البلد

من جهته، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «الجميع يعلم أن حكومة الأمر الواقع تعني تخريب البلد، لذا يجب أن تتشكل حكومة الوحدة الوطنية، ورئيس الحكومة المكلف مؤتمن ومسؤول ليشكل حكومة تمثل الشعب، بحسب الأوزان النيابية، هذا هو الشعب وهؤلاء هم ممثلوه».
وانتقد قاسم في الإفطار السنوي الذي دعت إليه جمعية التعليم الديني الإسلامي القائلين بتشكيل حكومة حيادية، سائلاً: «أين هم المحايدون وأين يسكنون؟ هل يسكنون في المريخ، أو في مجاهل أفريقيا، الكل مسيّس، ثم بعد ذلك من يستطيع أن ينهض بالبلد إذا لم يكن مسيساً وله جماعة تتعاون معه؟».
أضاف: «نحن إيجابيون منذ اللحظة الأولى التي سمينا فيها سلام، لكن جماعة 14 آذار يضعون العصي في الدواليب ويعطلون تأليف الحكومة، وقد عطلوا انعقاد جلسات المجلس النيابي، ويعيقون دور الجيش ويوجهون الاتهام له وكذلك القوى الأمنية. ينتظرون التطورات في سوريا، لقد انتظروها شهرين بعد شهرين بعد شهرين، وتبين أنها ليست لمصلحتهم ».
وقال قاسم إن 14 آذار تخيّر أخصامها: «اقبلونا كاعتدال، وإلا سنضع بوجهكم التكفيريين، وكأنها معادلة يملكونها ويتصرفون بها، التكفيريون ليسوا أداوت بأيديكم يا حزب المستقبل ويا جماعة 14 آذار، بل بالعكس، اليوم حزب المستقبل يعاني قلة الجاذبية، فتخرج العناصر منه إلى التكفيريين». وختم متوجهاً إلى فرنسا بالقول إن «عدم الإفراج عن جورج عبد الله هو موقف مخز، ومخالف لأبسط قواعد حقوق الإنسان، فلا تنظّروا علينا بأنكم من دعاة الحرية والديموقراطية وتتمسكون بمناضل كبير في سجونكم لأنكم تخافون كلمته، ولأنكم تنفذون أوامر أميركا في كيفية التصرف».

حزب الله عند شربل

وكان وزير الداخلية والبلديات مروان شربل قد استقبل في مكتبه في الوزارة، وفداً من حزب الله ضم وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسين الحاج حسن ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. وأبدى الوفد تقدير الحزب لشربل، شاكراً له زيارته للضاحية الجنوبية إثر تفجير بئر العبد، كما استنكر «الممارسات الخاطئة والمحدودة التي حصلت أثناء الزيارة من بعض الأشخاص الذين لا يمثلون أهل الضاحية».
وعلى المقلب الآخر، قالت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها الأسبوعي إن «الحياة الوطنية اللبنانية لن تستقيم طالما استمر حزب الله في مصادرة دور الدولة اللبنانية وفي حمله للسلاح، ولن يكون ممكناً التقدم على مسارات الحلول في الأزمات التي يواجهها الشعب اللبناني ما لم يسحب حزب الله ميليشياته من سوريا ».
ورأت الكتلة أن «السبيل الوحيد للخروج من المأزق الراهن يتمثل بتسهيل مهمة الرئيس المكلف تمام سلام من أجل تشكيل حكومة مسالمين لا حكومة مقاتلين»، مؤكدة أنها «لا تدعو إلى العزل، ولا سيما أن الدروس المستفادة من الماضي تؤكد أنه لا يستطيع أحد أن يقصي أحداً، رغم أن حزب الله والنظام السوري يحاولان ذلك مع تيار المستقبل منذ سنوات».
وذكّرت الكتلة «بمطالباتها المتكررة لمعالجة قضية تزايد أعداد النازحين السوريين والتي لم تستطع الحكومة حتى الآن مواجهتها بحلول ناجعة، كما أنها لم تعالج المشاكل الناجمة عنها».

قرصنة إسرائيلية

في سياق آخر، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قيام وحدة كوماندوس تابعة للبحرية الإسرائيلية بمداهمة سفينة في عرض البحر الأحمر واقتحامها، بحثاً عن أسلحة مرسلة إلى حزب الله.
ووفقا لموقع «واللا» الإلكتروني العبري، فإن الحادثة وقعت في كانون الأول الماضي، واستهدفت سفينة ترفع علم دولة عربية، كان يعتقد أنها تحمل أسلحة إلى حزب الله.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت أخيراً بنشر معلومات عن العملية التي وقعت في عرض البحر الأحمر، حيث فتشت قوة من البحرية الإسرائيلية السفينة، ويبدو أنها لم تعثر على أي أسلحة، وأنها اعتقلت فريق عمل السفينة، وهم يمنيون، واقتادتهم الى فلسطين المحتلة للتحقيق معهم، وبعد ذلك أفرجت عنهم.
وأشار الموقع الى حادثة أخرى مماثلة وقعت عام 2009، حينما استولت البحرية الإسرائيلية على سفينة أسلحة، كانت متجهة من إيران إلى سوريا، وحزب الله، ووجدت فيها أسلحة متطورة، منها صواريخ موجهة ضد السفن الحربية، بالإضافة إلى سفينة «كارين ايه» عام 2002، المتجهة الى غزة، والتي حمّلت إسرائيل في حينها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المسؤولية عنها.