عقبة الناعم*استقال الفنان السوري جمال سليمان من «الائتلاف» المعارض، بعدما أمضى فترة قصيرة عضواً في هذا الائتلاف، وجاء في بداية طلب انسحابه منه ما يأتي:
السيد رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة
السيدات والسادة أعضاء الائتلاف
المرسل: عضو الائتلاف، جمال سليمان
تحية طيبة
لقد انضممت إلى الائتلاف على خلفية رغبتي في أن أكون سورياً مساهماً في خدمة القضية الوطنية السورية، وخدمة طموح الشعب السوري في بناء دولة الحرية والقانون، لكن متابعتي لما يجري خلال الفترة القصيرة منذ قبول عضويتي في الائتلاف، رسّخت لديّ القناعة بأن وجودي ضمن هذا الإطار المؤسساتي لن يكون مفيداً للائتلاف ولا لاقتناعاتي الشخصية. تليها خاتمة بروتوكولية ليست ذات أهمية على ما تقدم.

السيد جمال سليمان المحترم
لطالما كان الفنان في مجتمعنا السوري موضع اهتمام وتقدير بشكل أو بآخر من عامة الناس، ولا شكّ أن ذروة الشهرة في العقود الأخيرة كانت من نصيب «نجوم الدراما» لأسباب يطول شرحها هنا ولا مجال لذكرها. لا شك أن الأزمة السورية قد دفعت بالكثيرين من نجوم الدراما إلى اتخاذ مواقف سياسية تتناسب مع أشكال الانقسام السياسي الحاد الذي ظهر في المجتمع السوري، إلا أنّه، وللأمانة، فقد كان انضمامك إلى الائتلاف الوطني هو الحدث الأبرز بين مواقف الدراميين السوريين، وفي هذا أمر لك مطلق الحرية الشخصية فيه.
لكن أن يأتي انسحابك من الائتلاف بعد فترة قصيرة من دون معرفة الأسباب الحقيقية والكاملة على نحو واضح، بل وصارخ وجارح إذا لزم الأمر، فهذا هو الأمر الأشد غرابة. فالمفروض أنّ «روح الفنان» هي التي دفعتك إلى الانضواء تحت خيمة تنظيم له كل هذا الدعم الدولي. أقول روح الفنان لأنني أفترض أن تطلعك النبيل إلى بلد ومجتمع تسوده قيم الحرية والعدالة والديموقراطية هي ما حدا بك للعمل تحت خيمة الائتلاف وليس البحث عن مكاسب شخصية أو سياسية، أليس كذلك أم أنني مخطئ؟
أن تتوجه برسالة بروتوكولية إلى رئيس الائتلاف فهذا أيضاً أمر إجرائي لا بد منه للانسحاب، لكن العلاقة الأهم يا أستاذ هي بينك وبين جمهورك وأبناء بلدك أكثر منها بينك وبين رئيس الائتلاف. لذا، فإن ما تقدمت به لرئيس الائتلاف لإبلاغه بانسحابك ليس كافياً بالمطلق، أمام السوريين من أبناء هذا المجتمع الذي لا يزال يعاني الأمرين وهو رازح تحت وطأة أعمال العنف غير المسبوق بتاريخ البشرية.
لا تظن أنّ مبررات من قبيل «أن وجودي ضمن هذا الإطار المؤسساتي لن يكون مفيداً للائتلاف ولا لاقتناعاتي الشخصية» هي مبررات مقبولة ويمكن إقناع الناس بها. هذا أسلوب يمكن أن تقدمه بشكل موارب لتبرر عدم مشاركتك في عمل درامي عُرض عليك ورفضته لأسباب «شخصية» لا تريد التصريح والإفصاح عنها... أو أن تقدم أعذاراً أمام الناس لأسباب طلاقك من زوجتك مثلاً ولا تريد أن تفصح عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا القرار تجنباً للتجريح وحفظاً للاحترام المتبادل، أيضاً هذا حقك. في المثالين السابقين، هناك مساحة شخصية وخصوصية قد لا يحق لأحد سؤالك عنها. أما أن تتعامل مع استقالتك من الائتلاف على أنها تشبه أحد المثالين أعلاه، فهذه هي الطامة الكبرى لأنّ الموضوع في الحالة الأخيرة يهم الشأن العام والمصير العام لبلد برمته.
لذا أنت مطالب باستحقاق لا فكاك منه، وهو أن تعلن للرأي العام كامل الأسباب الحقيقية والفعلية التي أدت الى انسحابك من الائتلاف، مهما كانت هذه المعلومات سيئة أو حتى «خطيرة»، فأنت تقدمت كمهتم «بالشأن العام» وليكن بعلمك هي شعرة صغيرة أو هي من شعرة «معاوية» ستحوّلك من «مهتم» إلى «عابث» بالشأن العام.
* إعلامي سوري