الإجماع (اللفظي على الأقل) الذي حظي به الجيش في عيده امس، لم ينته على خير. فقبل منتصف ليل أمس، انطلق صاروخان من منطقة يُرجّح انها قريبة من ضهور عرمون، ليسقطا في مربع عسكري وامني عائد للجيش اللبناني، يضم مبنى قيادته وأهم قطعاته. أحد الصاروخين سقط قرب نادي الضباط في اليرزة (في حديقة منزل الإعلامية إلهام فريحة)، على مقربة من مبنى وزارة الدفاع. اما الثاني، فسقط في الريحانية ـــ بعبدا، غير بعيد عن مبنى قيادة أركان الجيش. وقال شهود عيان من محيط منطقة إطلاق الصواريخ انهم سمعوا أصوات إطلاق 3 صواريخ لا اثنين، ما دفع الجيش إلى تكثيف عمليات البحث في محيط وزارة الدفاع بحثاً عن صاروخ ثالث ربما لم ينفجر. المنطقة المستهدفة تشكل واحداً من أكثر المربعات الأمنية والعسكرية تحصيناً. فهي تضم مباني وزارة الدفاع وقيادة الجيش وقيادة الأركان وأهم الثكن العسكرية في لبنان، إضافة إلى عدد من السفارات ومنازل سفراء عرب وأجانب. كما أن موقع سقوط أحد الصاروخين قريب من طريق يؤدي إلى القصر الجمهوري في بعبدا.
وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي عسكري او سياسي على ما جرى، ربطت مصادر أمنية بين صاروخي الليلة الماضية، وسقوط صاروخ في منطقة الجمهور في حزيران الماضي بعد اصطدامه بكابل كهرباء، علماً بأنه أطلِق من خراج بلدة بلونة الكسروانية. وفيما قيل حينذاك إن الصاروخ كان موجهاً صوب الضاحية الجنوبية وأنه ضل طريقه وسقط في منطقة الجمهور، دفع صاروخا امس أمنيين كثراً إلى الاقتناع بأن صاروخ بلّونة كان أيضاً يستهدف الجيش، وتحديداً محيط وزارة الدفاع. وبحسب الأمنيين أنفسهم، فإن الجيش يقع في دائرة استهداف جهات تعمل بين لبنان وسوريا. وذكّرت المصادر بالتحقيقات التي أجريت مع مشتبه فيه جرى توقيفه في عرسال قبل أيام (يُدعى حسن ر.)، وأظهرت تورطه في جرائم قتل على خلفية طائفية في منطقة البقاع الشمالي، فضلاّ عن استهداف الجيش بعبوتين ناسفتين في الهرمل الشهر الماضي، إضافة إلى تفجير عبوات لاستهداف مواكب يُعتَقد انها عائدة لحزب الله في البقاع. وهذا الموقوف، مع غيره ممن جرى القبض عليهم وآخرين لا يزالون فارين، مرتبطون بمجموعات مسلحة تابعة للمعارضة السورية تنشط على طرفي الحدود في البقاع الشمالي. وفيما تؤكد مصادر أمنية من أكثر من جهاز أمني ضرورة انتظار التحقيقات لتحديد مطلقي الصواريخ، فإنها ترجّح أن يكونوا مرتطبين بمجموعات سورية معارضة ترى في لبنان مسرحاً لعملها، وفي الجيش اللبناني عدواً لها.
وكانت كلمة الرئيس ميشال سليمان في عيد الجيش في الفياضية حملت رسائل في اتجاهات مختلفة. إذ رأى أن «المطلوب في هذه الظروف الدقيقة حملة مع الجيش لا حملة عليه»، مشيراً الى انه «لا يجوز نقل الجيش من موقع الدفاع عن المواطن إلى موقع الدفاع عن نفسه خصوصا في حالات الغدر بضباطه وجنوده». وأكد أن مهمة الجيش «تستحيل إذا استمرت ازدواجية السلاح الشرعي وغير الشرعي».
وتطرق إلى قرار تمديد خدمة قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان سائلاً: «كيف يمكن تأدية الجيش مهامه إذا حصل تردد او تأخير في تحديد القيادة والأمرة ومحضها الثقة اللازمة، أو إذا استمرّ الفراغ الحكومي بعرقلة التأليف، والفراغ التشريعي بالمقاطعة والتعطيل؟ لذلك عمدنا الى تأمين استمرارية القيادة وفقا للمادة 55 من قانون الدفاع في انتظار قيام المجلس النيابي ومجلس الوزراء بدورهما». واعتبر أن «انخراط بعض اللبنانيين في القتال الخارجي يشكل تناقضا مع العقد الاجتماعي الذي تجلى بإعلان بعبدا»، وأنه «أصبح ملحّاً درس الاستراتيجيّة الوطنيّة للدفاع وإقرارها في ضوء تطوّرات المنطقة، والتعديل الطارئ على الوظيفة الأساسيّة لسلاح المقاومة الذي تخطّى الحدود اللبنانيّة. واستناداً إلى التصوّر الذي وضعته في هذا الصدد (...) وانطلاقا من تمييزنا الواضح والدقيق والمستمر بين المقاومة والإرهاب، ولتحصين مقدراتنا على المقاومة والدفاع حصرا عن لبنان فقد حان الوقت لتكون الدولة بجيشها وقيادته السياسية العليا الناظمة الأساسية والمقررة لاستعمال هذه المقدرات».
من جهته، أكد العماد قهوجي خلال زيارته قصر بعبدا على رأس وفد من القيادة لتهنئة سليمان بعيد الجيش «ان المؤسسة العسكرية لن تدّخر جهداً أو تضحية لدرء الأخطار المحدقة بالوطن».
وفي حين لم تصدر تعليقات من قوى 8 آذار على كلمة سليمان، أثنت قوى 14 آذار على مواقف الرئيس ووصفتها بـ«التاريخية». كما رحب البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بالكلمة وأعلن «اننا في امسّ الحاجة اليها ليتضامن الشعب ويحترم الجيش وكل القوى المسلحة الشرعية».
وفيما لوحظ غياب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي كان وصف قرار التمديد لقهوجي بأنه غير شرعي، تابع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل الهجوم الذي بدأه عون على التمديد والممددين، واعلن في مؤتمر صحافي «اننا نعيش في زمن الرداءة التي يحاول البعض فرضها علينا والمسيحيون يقبلون بها، منهم عن دراية ومنهم عن غير دراية». وانتقد «فرض صفة الحكم على رئيس الجمهورية للقول انه يجب الا يكون قويا شعبيا ليتمكن من ان يحكم بين اللبنانيين»، داعيا الى تعديل دستوري ليكون انتخاب الرئيس بنصاب عادي.
بدوره، نوه قائد قوات «اليونيفيل» العاملة في لبنان الجنرال باولو سييرا بكلمة سليمان، مقدّراً «ما حملته من رسائل». وعن الخشية من أي اعتداء على «اليونيفيل» بعد القرار الأوروبي بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب، قال: «لا نخشى أي اعتداء، والقرار الأوروبي لا علاقة له باليونيفيل، إذ صحيح أن هناك جنوداً أوروبيين في قوات الطوارئ لكنهم لا يمثلون الاتحاد الأوروبي».
ويتوجه سليمان الاحد المقبل الى ايران للمشاركة في تسلم الرئيس حسن روحاني السلطة. ويتوقع ان يجري على هامشها اتصالات مع كبار المسؤولين الدوليين المشاركين في الحفل.
على خط آخر، يطل كل من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري اليوم عبر الشاشة، الأول لمناسبة يوم القدس. والثاني خلال افطار مركزي لتيار المستقبل في البيال وسلسلة افطارات في المناطق.