القاهرة | ثمة تركيبة سهلة ومعروفة لتحقيق أي عمل درامي نجاحاً جماهيرياً: قليل من الجرأة اللفظية وإن لم يكن لها توظيف أو ضرورة في السياق السردي للعمل، وتنويعات على ثيمات جنسية مختلفة وغير مطروقة، وقصة مبنية على النميمة المصوّرة. لا يمكن أن تفلت هذه التوليفة ذات المذاق الحريف من عين المشاهد.
تجتمع هذه الصفات ــ وأكثر ــ في مسلسل «حكاية حياة» الذي تقدمه الممثلة المثيرة للجدل غادة عبد الرازق في رمضان. منذ دقائقه الأولى، بدأ المسلسل في كسر تابوهات الطبقة العليا بدءاً من «السباب العلني» وملابس بطلاته المثيرة وصولاً إلى البيوت الاستفزازية، والسيارات الفارهة والملايين التي تلقى يمنةً ويسرة. باختصار، أعدّ صنّاع المسلسل العدة للإبهار في كل العناصر، إلا الدراما!
المسلسل «حديث الساعة» في مصر، ليس فقط بجرأة محتواه وخروجه عن قيود الرقابة الرمضانية، وهو الشيء الإيجابي الوحيد فيه، لكن بسبب المشكلات التي نافست هذه الجرأة. الخلاف بين بطلة العمل غادة عبد الرازق ومخرجه محمد سامي وصلت إلى حد التشابك بالأيدي وأروقة المحاكم (الأخبار 27/6/2013).
يروي المسلسل حكاية حياة التي اتُّهمت بقتل والدتها، ودخلت على إثر هذه القضية إلى مصح نفسي قضت فيه سنوات، بعدما عاشت في «عفن أخلاقي» كبير، فأمها (وفاء سالم) تخون والدها، وزوجها (خالد سليم) وأختها (روجينا) يرتبطان بعلاقة سريّة هي على علم بها ولا تتخذ ردة فعل تجاهها، ولا نعلم لماذا! أما أخوها العابث المستهتر (أحمد زاهر)، فيقترن بفتاة عابثة مثله (نجلاء بدر). ولأن حياة طيبة ومقهورة ومظلومة، فلا بد من أن يكرهها الجميع، حتى أطباء المصحّ يكرهونها لأسباب غير مفهومة. محاولة خائبة لاستدرار عطف المشاهد وإكساب الشخصية ملائكية غير منطقية. في المصح، تتعرّف حياة إلى الطبيب الطيب هشام توفيق (طارق لطفي) الذي يحبّها ويحاول مساعدتها في الخروج من المصح الذي تملكه الدكتورة سلوى (نهلة سلامة) ومساعدها سليط اللسان (سناء شافع). يساعدها الطبيب في الخروج من المصح بصورة قانونية، لتحاول استعادة ابنها الذي سرقته أختها مع ما سرقت. ولإضافة إثارة جديدة على الحكاية، لا يعرف الولد أنّ حياة هي أمه، فيحاول أن يغازلها، كنوع من الهوس بالنساء في الثلاثين والأربعين، كمغازلة خفيفة لمسألة زنا المحارم.
سيناريو أيمن سلامة جاء متأثراً في بنيته بالمسلسلات التركية. امتلأ العمل بالكثير من الصراخ، خصوصاً روجينا التي لا تهدأ في كل جملها الحوارية، مما يثير أعصاب المشاهد مع كمية من السباب لا وظيفة درامية لها. ديكورات المسلسل بدت مستفزة ذات ألوان وتكوينات شديد الغرابة، ما أفقدها واقعيتها حتى بالنسبة إلى طبقة الأغنياء التي يفترض أن ينتمي إليها الأبطال.
لعلّ أعذب ما في المسلسل وأجمل ما يلقاه المشاهد يومياً هو أغنية الشارة (مشاعر) للفنانة شيرين (كلمات أحمد مرزوق ألحان محمد رحيم وتوزيع أحمد إبراهيم) التي جاءت بسيطة في كلماتها، ورقيقة بدرجة لا تناسب الأجواء العامة لمسلسل الصراخ هذا.
يذكر هنا أنّ مجموعة شهيرة على فايسبوك تسمى «ليلة الفيلم الهابط» اعتبرت هذا العمل من «أنجح» المسلسلات هبوطاً هذا العام ولا ينافسه في هبوطه سوى مسلسل «مزاج الخير». «حكاية حياة» ناجح في قنص مجموعة كبيرة من المشاهدين تريد التفرّج على عرض يومي للأزياء والسيارات مع دور مهم للغاية في كسر جمود الرقابة، ولعلّ هذا ما سيُذكر للمسلسل بعد سنوات عدة.