كان عضو بلدية ذوق مصبح، نبيه الحكيم، يقود سيارته الرباعية الدفع وهو في حالة السكر الظاهر. مرّ قرب محل تجاري يملكه أحد أبناء المنطقة المذكورة، فحصل إشكال بينه وبين مهند حايك (21 عاماً - سوري الجنسية). الأخير كان على متن دراجة نارية، يعمل في المحل التجاري المذكور، ولم يسبق أن حصل شجار بينهما. تطور الأمر إلى تضارب بالأيدي، ما أدّى إلى إصابة الحكيم بجرح في يده اليسرى، فقصد المستشفى وعولج ثم خرج سريعاً.
لم تنته القصة. هنا تبدأ. أحضر عضو البلدية نحو 50 شخصاً «من مناصريه» وتوجّه بهم إلى مكان الشاب السوري. أخذ معه أيضاً دورية من شرطة البلدية، كما جاء شقيق رئيس البلدية جاك مرعب على متن سيارة «فان» لمزيد من الدعم. كل هؤلاء جاؤوا من أجل الاقتصاص من شاب واحد. ربما لأنه «غريب» عن هذه البلاد، وليس له أنصار، وربما لأنه «مجرّد سوري»؟ ربما كان هذا كافياً لكل هذا الحشد ضده! ربما وربما، لكن الأكيد هو أنها فرصة «دسمة» لعرض العضلات. نحن أمام عضو بلدية، يستفيد من دوريات البلدية وشرطتها، وكل إمكاناتها، في إشكال شخصي حصل معه عرضاً.
كل هذه التفاصيل، وما سيليها، مدّونة في محضر رسمي لدى قوى الأمن الداخلي. هجم شقيق رئيس البلدية على دراجة الشاب، أحرقها، ثم شهر سلاحاً حربياً من نوع «كلاشنيكوف». هنا تدخّل مدير المحل الذي يعمل فيه الشاب السوري للاستفسار عن هذه كل هذه العراضة. جاءه الجواب على الفور... أشبعوه ضرباً. توجهوا بعدها إلى دراجة عامل سوري آخر، اسمه عبد الله الجعلوط، يعمل في المحل نفسه، واحتجزوها لديهم قبل أن يأخذوها إلى مقر البلدية. هنا تدخل صاحب المحل، قاصداً البلدية، ليسأل عن سبب حجز الدراجة، أو بمعنى آخر «سرقتها». هناك أيضاً جاءه الجواب ضرباً مبرحاً، ولكن هذه المرة على يد شرطيين من حرس البلدية، أحدهما اسمه زياد زغيب.
أين قوى الأمن الداخلي من مسلسل «البلطجة» هذا؟ ربما هذا من أكثر الأسئلة سماجة، خاصة حينما يذكر مصدر أمني أن القوى الأمنية لم تحضر، وكأن ليس لديها علم بكل ما حصل. أكثر من ذلك، تظهر هزالة صورة القوى الأمنية عندما يقصد «السكران» الأول، عضو البلدية، مركز فصيلة ذوق مصبح في قوى الأمن الداخلي وهو في «حالة السكر الظاهر». جاء ومعه عدد كبير من الشبّان، وكذلك رئيس البلدية والمختار، وراح يصرخ ويشتم رجال الأمن هناك. بقي على هذه الحالة أكثر من 5 دقائق، قبل أن يتهجّم على الدركيين، ثم يرمي جهاز «الفاكس» على الأرض، ويعبث بالسجلات الرسمية ويبعثرها على الأرض أيضاً. بعد ذلك، بحسب المحضر الأمني الرسمي، خرج عضو البلدية المخمور ومعه كل الحشد دون أن يعترض طريقه أحد! اكتفى الدرك بتدوين ما حصل، وكأنهم غير معنيين بفرض الأمن.
حصل كل هذا بعلم القضاء المختص. عناصر مفرزة الدرك استنجدوا بالقضاء، فأعطوه علماً، وربما لا يعلمون أن القضاء جزء من حالة «الضعف العام». لم يفعل القضاء شيئاً. لقد حُلّت القضية «حبيّاً». صاحب المحل، المضروب، وكذلك المدير، يقال إنهما لم يدّعيا على من ضربهم لأن الجميع «ولاد منطقة واحدة». حسناً، ماذا عن الشاب السوري؟ لقد تبخّر من المحضر تماماً. كأن ليس له وجود أصلاً. انتهت القصّة.

يمكنكم متابعة محمد نزال عبر تويتر | @Nazzal_Mohammad