توصلت أمس تحقيقات الأجهزة الأمنية إلى كشف معطيات جوهرية بشأن كشف هوية منفذي تفجيري السفارة الإيرانية في بئر حسن. وأدت التحقيقات أيضاً إلى معرفة المكان الذي استخدمه الانتحاريان قبل تنفيذهما الاعتداء.
وفي التفاصيل أن الانتحاريين قدما إلى بيروت قبل أيام من تنفيذ العملية. وفور وصولهما قصدا فندق شيراتون 4 points في منطقة فردان، وأقاما فيه لغاية تنفيذهما العملية الانتحارية أول من أمس.
وبحسب المعلومات الأولية، فإن مقارنة صور الانتحاريين كما ظهرا على كاميرات موجودة في محيط السفارة، مع معلومات محددة، ومع بعض الأدلة التي عُثِر عليها في مسرح الجريمة، أوصلت الأجهزة الأمنية إلى اكتشاف مكان إقامتهما في الفندق المذكور.
وعلى الأثر، توجهت قوة أمنية إلى الفندق وباشرت برفع البصمات من الغرف التي استخدمها الانتحاريان، حيث عثر على حاجيات لهما خلفّاها وراءهما. واستحصلت القوة من إدارة الفندق على صورتين لبطاقتيهما الشخصيتين اللتين استعملاها للتعريف عن نفسيهما خلال الحجز، فضلاً عن مصادرة كافة تسجيلات كاميرات المراقبة في الفندق.
وتبيّن أن إحدى بطاقتي الهوية التي استخدمها أحد الانتحاريين، والتي عُثِر عليها في مسرح الجريمة، تتضمن بيانات حقيقية لشخص لبناني. وهذه الهوية مزورة، لكونها تحمل الرسم الشمسي لغير صاحبها الحقيقي. وقد أوقفت الأجهزة الأمنية صاحب الهوية الحقيقية، لكن من دون وجود أي شبهة بحقه.
وتفيد المعلومات بأنه أمكن من خلال التحقيقات الوصول إلى خيوط تدل على الجهة التنفيذية المشغلة للانتحاريين في لبنان.
وفي معلومات أولية، رجحت الأجهزة الأمنية أن يكون الانتحاريان غير لبنانيين، وأنهما أبرزا بطاقات شخصية مزورة لعاملة الاستقبال في الفندق. لكن حتى ليل أمس، لم تكن جنسية أي منهما قد حُسِمَت.
وبالنسبة إلى ما ذُكِر على حساب تويتر الذي يحمل اسم الشيخ سراج الدين زريقات، المنتمي إلى كتائب عبد الله عزام، عن كون الانتحاريين لبنانيين، فقد شككت بصحته مصادر قريبة من «تنظيم القاعدة»، ومصادر أمنية رسمية، مؤكدة أن حساب تويتر ليس المكان المناسب لتبني عملية من هذا النوع. وتضيف المصادر أنه إذا أرادت «كتائب عبد الله عزام» تبني العملية، فإنها ستُصدر بياناً أو تسجيلاً على المواقع «الجهادية» المعروفة.
وبالنسبة إلى السيارة التي استخدمت في عملية التفجير، فقد باشرت استخبارات الجيش التحقيق مع الشاب الذي استأجرها من سائقها، ثم باعها لتاجر سيارات مسروقة في بلدة بريتال، يُدعى ع. إ. والأخير باعها لأشخاص من المعارضة السورية. والشاب الذي يجري التحقيق معه كان موقوفاً في سجن زحلة، بسبب ملاحقته في عدد من القضايا المماثلة، أي استئجار سيارات وبيعها لتاجر سيارات مسروقة.
من جهتها، عرضت قناتا «المنار» و«الميادين» أمس تسجيلاً مصوراً يظهر ما جرى في الشارع الذي تقع فيه السفارة الإيرانية، قبل التفجيرين وبينهما وبعد التفجير الثاني. وقالت القناة إن الانتحاري الأول «وضع يديه في جيبيه واستدار فجأة نحو البوابة الرئيسية للسفارة وفجر نفسه».
وأضافت أن «الانتحاري الثاني سلك الطريق بسيارة رباعية الدفع ومرّ بعكس السير (ظهرت السيارة في شريط الفيديو) وسلك بعدها الطريق الصحيح نحو السفارة، حيث فوجئ بشاحنة مياه متوقفة في منتصف الطريق، وقد وصل خلفه الدراج في قوى الأمن الداخلي الشهيد هيثم أيوب الذي كان يلاحقه؛ لأن الانتحاري صدم إحدى السيارات ولم يتوقف». ولفتت إلى أن «أيوب ترجل واتجه نحو الانتحاري قبل أن يُسرع مسؤول أمن السفارة الإيرانية رضوان فارس، شاهراً بندقيته باتجاه الانتحاري، مطلقاً الرصاص عليه، فأرجع الانتحاري السيارة إلى الوراء واقترب منه أيوب ليفتح الباب ففجر الانتحاري نفسه».
وأوضحت أن المدة الفاصلة بين الانفجارين كانت دقيقة و 38 ثانية.
وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قد اطلع من المدعي العام للتمييز بالوكالة القاضي سمير حمود، ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، على المعلومات المتوافرة عن حادثي التفجير، وشدد على تكثيف الجهود والتحريات والتحقيقات لكشف الفاعلين والمحرضين وتوقيفهم وإحالتهم على القضاء. وترأس سليمان اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء الذين قضوا في تفجيري السفارة الإيرانية، أدان بشدة هذا «العمل الإرهابي الذي طاول لبنان بأسره». وشدد «على الموقف الوطني الثابت بالعمل الدؤوب على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله». ونوه بـ«الموقف اللبناني الجامع برفض الإرهاب والإرهابيين والحرص على الوحدة والتفاهم».
واطلع من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية على المعلومات المتوافرة وعلى التدابير الميدانية والإجراءات الأمنية والاستعلامية التي تقوم بها لكشف المخططين والمنفذين لهذه الجريمة وسوقهم أمام القضاء المختص وللحفاظ على السلم الأهلي، وأمن مقارّ البعثات الديبلوماسية ومكاتبها ودور العبادة والمراكز التجارية، للحؤول دون تنفيذ المجرمين مخططاتهم لضرب الاستقرار العام في البلاد.