«لقد ذبحنا والدتك». بهذه العبارة ردّ صوت غريب على حسن، الشاب الثلاثيني الذي يقاتل مع الدفاع الوطني في ريف حماه. عند الساعة الرابعة من بعد ظهر أول أمس، انقطعت كل الاتصالات مع عائلته في معان الواقعة في الريف الشمالي الشرقي لمدينة حماه. كل المعلومات لديه، بحسب اتصاله الأخير، أن والدته وجده وجدته في عداد الشهداء. لا يمكنه تحديد عدد المفقودين ومصائرهم، ويقول: «لعلّهم هائمون على وجوههم في الأراضي المحيطة، أو لعلّهم رهائن مع الإرهابيين».
لا دقّة في الأخبار الواردة من هُناك، إلا أنه وصل إلى مريود المتاخمة للقرية مع رفاقه، حيث رأوا القرية تشتعل على بعد أكثر من 6 كلم من القرية، من خلال أعمدة دخان طويلة تتصاعد من منازل القرية ومنشآتها الحكومية التي يخرّبها المسلحون.
ببساطة، وبحجة قطع الإمدادات المتجهة من دمشق إلى شمال البلاد، نفذ مسلحون من «الجبهة الإسلامية» مجزرة طائفية في قرية معان الواقعة في الريف الشمالي الشرقي لمدينة حماه. الهجوم «المتوقع» بدأ من الجهة الغربية للقرية المجاورة لبلدات مورك وصوران وكوكب، الواقعة تحت سيطرة المسلحين. مصادر أهلية أكدت استشهاد ما يقارب 70 شخصاً، بينهم نساء وأطفال. وتذكر المصادر أن 1000 مسلح اجتاحوا القرية التي يبلغ عدد سكانها 5000، مزوّدين بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، تتقدّمهم دبابة وسيارات رباعية الدفع مزوّدة برشّاشات. المسلّحون تمكنوا من دخول القرية من المحور الشمالي الغربي، ثم سيطروا على الخزّان، قبل أن يواجههم من بقي في البلدة من عناصر اللجان الشعبية الذين أطالوا ساعات الاشتباكات، ريثما تمكن معظم المدنيين من الهرب باتجاه قرية مريود الموالية. الاشتباكات التي استمرت ساعات طويلة على مدخل القرية أدت إلى استشهاد 25 عنصراً من اللجان وحدها، حسب مصادر أهلية، فيما استشهد المدنيون الباقون في القرية ذبحاً بأيدي مسلّحين متشدّدين، ومعظمهم من آل خضور. ويوضح أحد المدنيين الذين هربوا خلال الاشتباكات الأخيرة أن مسلحين غير سوريين اقتادوا نساءً من القرية المنكوبة إلى ناحية مجهولة في غرب القرية. أحد النازحين الهاربين أكد أن المسلحين لا يزالون يجرون تمشيطاً للأراضي الواقعة شرق القرية بحثاً عن أهالي القرية الهاربين. «الدخان استمر في التصاعد من منازل القرية طوال ساعات، في حين خرج الأهالي على أصوات صراخ النساء والأطفال وصيحات التكبير»، يقول الرجل الخمسيني. ويستعرض صور بعض الشهداء من العجزة الذين لم يتمكنوا من الهرب سريعاً، فعاجلتهم سواطير المسلحين. لا يمكن حصر عدد الشهداء بدقة، بحسب الرجل، ولا إحصائية نهائية للمفقودين، في ظل اختطاف عدد من النساء والأطفال.
الهجوم كان متوقعاً على القرية التي تبعد عن مركز مدينة حماه أكثر من 20 كلم شمالاً، باعتبارها خط التماس الأول مع القرى الواقعة تحت سيطرة مسلحي المعارضة، وخط إمداد للقرى الموالية للسلطة، والمكوّنة من مريود والمبطن والفانات والزغبة. وقد تعرضت البلدة لعدة محاولات اجتياح، ما تسبب في حصول مجازر أدت إلى نزوح عدد كبير من سكانها إلى مصياف وطرطوس ومناطق أُخرى من الساحل السوري. وفي حين تواصل الكتائب المعارضة هجومها على قرية المبطن، فإن الجيش السوري بدأ عملية عسكرية على بلدة صوران، بعد بيان قيادة الجيش الذي ردّ على المجزرة بإعلان استشهاد 42 شخصاً. ويشير البيان إلى أن القوات المسلحة «متابعة تنفيذها لمهامها الدستورية في التصدي للتنظيمات الإرهابية». ويقدّر أحد العسكريين عدد قتلى المسلحين في صوران بالعشرات.
ونفى محافظ حماه غسان خلف أخباراً تحدثت عن ردّ عناصر من اللجان الشعبية في ريف حماه الشمالي على المجزرة المذكورة بمجزرة مماثلة في بلدة الجلمة شمالي المدينة، معتبراً الأمر مجرد محاولة للتغطية على جريمة الإرهابيين في معان.

يمكنكم متابعة مرح ماشي عبر تويتر | @marah_mashi