الجنون الذي يصيب منطقتنا منذ انطلاق ما يُسمى بالربيع العربي تسبب بتراجع منطقتنا من مرحلة ما قبل الاستعمار الى مرحلة الاستحمار السافر، خصوصاً بعد أن أخذت رِجل السيد كيري على المنطقة فزارها أكثر من 11 مرة في أقل من عام. يشرف «المستر كيري» وهو يحمل خططاً وألاعيب تهدف لتصفية ما تبقى من بقايا القضية الفلسطينية، اي كتل المخيمات، وخصوصاً في دول الطوق. هكذا، تضاربت الأنباء وطبعاً قصص الحجات صباحاً بعد إتمام المهمة اليومية من النميمة، حول نية ترحيل الفلسطينيين من مخيمات لبنان وسورية إلى الأردن وكندا واستراليا، ما اقلق التيارات السياسية الأردنية من توريط الأردن بالمخطط الصهيوني، كما خاف بعضهم على الهوية الأردنية من الضياع في معمعة اللاجئين الفلسطينيين المتوقع قدومهم وتوطينهم. الورقة الفلسطينية محروقة، «الحرسة» تم الزج بها في الأزمة السورية وخصوصاً بعد دخول كتائب إبن تيمية و»إبن أبصر مين» إلى المخيم باعتباره بوابة نقل «الثورة» إلى دمشق بعد فشلهم من كافة المحاور.
بل وذهب الأمر بهؤلاء «المجاهدين» بعد التنكيل بأهل المخيم وتهجير الكثر منهم إلى السطو على الأغذية ومنع دخول المساعدات التموينية لاستدرار العطف الكوكبي، وإطلاق مجاميع المتسولين من أبطال الNGO’s وخصوصاً من الفلسطينيين في أوروبا والعالم العربي، الموالين «للثورة»، للمطالبة برفع الحصار عن المخيم، دون ذكر اللصوص الذين يبيعون ربطات الخبز بأسعار خيالية للسكان الجائعين. هذا الالحاح الإعلامي الغريب على أزمة اليرموك لم يكن ناشطاً في حين حوصرت مخيمات درعا والنيرب والرمل وحمص! لكن اليرموك له الضوء الأكبر من إعلامٍ تفوح منه روائح تشبه رائحة مخطط كيري ورجله التي تعرقت في رحلاتها المكوكية للمنطقة.
طرح الكثيرون موضوع إنقاذ الفلسطينيين في اليرموك من خلال نقلهم إلى مناطق آمنة .. «ايه مرحبا مناطق آمنة» في كل سورية!! الطرح المشبوه يسعى لنقلهم إلى الأردن ومنحهم الجنسية الأردنية وإلى كندا وأستراليا مما يشكل حلاً للأزمة التي يعاني منها لاجئو اليرموك تمهيداً لحل مشاكل عين الحلوة وشاتيلا ..الخ. «حق العودة» الذي يطالب به اللاجئون هو حق العودة لمدنهم وقراهم في فلسطين، لكن هذا الحق بدأ يتحول لحق العودة إلى المخيم! الضامن الوحيد لحق العودة إلى فلسطين، هل مر عليكم فُصام أخطر في تاريخ القضية الفلسطينية وموضوع اللاجئين؟
السلطة الفلسطينية تطالب بشطب المستوطنات من أراضي الضفة الغربية، الكيان الصهيوني من جهته يطالب الأطراف الفلسطينية بالإعتراف بيهودية الدولة كشرط للقبول بالحل النهائي على أساس إن دولة «إسرائيل» تابعة ل «داعش» ولم يكن أحد يعرف!
هذا غيض من فيض مما تسبب به الربيع العربي وانعكس هجرة أخرى على لاجئين أصبحوا لاجئين للمرة الثالثة وكأن التاريخ يريد أن يمر كل جيل فلسطيني بتجربة التشرد.
عجبي!ً