بغداد | مجدداً، عاد دور الدعم المادي في إعاقة ديمومة النشاط الثقافي في البصرة إلى الواجهة بعدما أعلن «اتحاد الأدباء والكتّاب» في المحافظة العراقية تعليق نشاطه أخيراً، قبل أن يتراجع عن ذلك بعد أيّام، إثر وعود قطعها محافظ البصرة ماجد النصراوي، مؤكداً دعم الاتحاد وفعاليّاته، وفي مقدّمها إحياء ذكرى الشاعر الرائد بدر شاكر السياب (1926 ـــ 1964) الذي ستحتفي به العواصم العربيّة هذه السنة. القصة بدأت حين احتجّ الاتحاد على عدم إقرار موازنة شهريّة خاصّة لتنفيذ برنامجه الثقافيّ، وتجاهل الحكومة المحليّة في البصرة مطالباته المستمرّة بتوفير مبلغ لا يتجاوز 1500 دولار تقريباً، «للنهوض بواقع المحافظة ثقافيّاً وأدبيّاً وفكريّاً»، كما جاء في بيان الاتحاد.
لكن ما ضاعف من إلحاح المشكلة اليوم أنّ «الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب» كان قد أعلن عام 2014 عاماً للسيّاب، في مناسبة مرور نصف قرن على رحيل صاحب «حفار القبور». وقد أتى هذا الإعلان بعد توصية المؤتمر الـ 25 لـ«الاتحاد العام للأدباء والكُتَّاب العرب» (المنامة _ كانون الأول/ ديسمبر 2012)، «اتحاد كُتَّاب وأدباء الإمارات» بإقامة فعاليّات خاصة بهذه المناسبة في جميع الاتحادات الأعضاء، بالتعاون مع الأمانة العامة. واقترح المؤتمر أيضاً تعميم هذا التقليد، ليصبح كلّ عام مخصصاً لعَلم من أعلام الأدب العربيّ.
وفيما يعمل أهل البصرة اليوم على الاحتفاء بشاعر مدينتهم التي خلّدها في شعره، يسود قلق من صعوبة تهيئة المناسبة بالشكل الذي يليق بأهمّ شعراء الحداثة العربيّة، رغم لقاء وفد منهم بمحافظ البصرة ووعوده بتوفير الدعم لمهرجان السياب. وبسبب هذا التخوف، يتساءل بيان الاتحاد عن الأمد الذي تحظى به الثقافة والفنون بموازنة ثابتة سنويّاً يقرّها البرلمان العراقي، مطالباً بألا يبقى الموضوع رهناً باجتهادات المسؤولين. «منذ انبثاق الحكومة المحليّة في البصرة، ونحن في الهيئة الإداريّة لاتحاد الأدباء والكتّاب في البصرة نطرق أبوابها المشرعة على المقاولين والسماسرة والتجار، والموصدة في وجه الأدباء. كتب ومراسلات لم تلق بالاً ولا حتّى نظرة عابرة من قبل السيّد المحافظ» بحسب «اتحاد الأدباء والكتّاب» في البصرة.
المؤسف أنّ حالة الإحباط التي يعيشها أدباء البصرة، سببها غياب الدعم الثابت لفعاليّاتهم ونشاطاتهم. وتخشى مدينة السياب تحديداً من ألا تستطيع الاحتفاء بأبرز رموزها في عام 2014. عقب تحوّلها إلى متحف أواخر عام 2013، هل سنترك دار السياب في جيكور (جنوب شرق البصرة) من دون زيارة هذه السنة؟ أم نترك روح ساكنها وهي تغني بمفردها «جيكور ستولد لكنّي/ لن أخرج فيها من سجني/ في ليل الطين الممدود/ لن ينبض قلبي كاللحن/ في الأوتار/ لن يخفق فيه سوى الدود...».