يطرح القرار السعودي بإدراج جماعة الإخوان المسلمين و8 تنظيمات أخرى، على قائمة «الجماعات الإرهابية»، كثيراً من علامات الاستفهام حول سياقه وتوقيته واستهدافاته، وإن كان يعكس بنحو لا لبس فيه طبيعة الصراع القائم حالياً في المنطقة التي يبدو أنها تعيش حالاً من المخاض المتعثر لإنتاج خريطة إقليمية جديدة.
صحيح أنه قرار مرتبط عضوياً بالصراع مع قطر، وقد بدا ذلك واضحاً، إن من حيث مضمونه أو من حيث توقيته، بعد يومين من قرار سحب السفراء من الدوحة. لكنه عملياً يعبر عن إطار أوسع بكثير، ليس أقله تلك المواجهة المحتدمة بين معسكرات أربعة: الأول سعودي سلفي، والثاني سلفي جهادي والثالث يضم جماعة «الإخوان» وحلفاءها، تتقدمهم قطر، والرابع معسكر المقاومة.
الجزء المتعلق بداعش والنصرة والقاعدة وأخواتها في القرار السعودي يبدو مفهوماً ومبرراً. في النهاية، هو يقع ضمن سياق السياسات والمصالح الدولية والأميركية خاصة التي تعكس قلقاً من تنامي الحيز الجغرافي لتلك الجماعات في سوريا والعراق، وخطراً ارتدادياً على البيئة السعودية يحاكي ما دأبت إيران على التحذير منه منذ سنوات. لكن أهميته لا تكمن في أصل القرار، بل في توقيته: حظر تلك الجماعات قبل الحسم مع النظام السوري. لطالما كان تكتيك المحور المعادي لسوريا يقضي باستثمار السلفية الجهادية ضد دمشق إلى حين سقوط الرئيس بشار الأسد، على أن يجري التعامل مع تلك الجماعات في ما بعد. القرار السعودي، في هذا السياق، يعبّر عن إقرار ضمني بأن إسقاط النظام السوري ما عاد ممكناً، وبالتالي بات واجباً الانتقال إلى معالجة الأخطار الجانبية التي ترتبت على ضخ هذا الكمّ من الجهاديين إلى سوريا، حتى ولو أتى ذلك في مصلحة النظام المفترض أن المواجهة الأساسية معه.
الوضع يبدو مختلفاً مع الجزء المتعلق بجماعة «الإخوان المسلمين» التي يبدو أنها لا تزال تحظى بدعم ورعاية أميركا والمجتمع الدولي. على الأقل، هذا ما يظهر من خلال تطورات الحدث المصري، إلا إذا كان القرار السعودي مدخلاً لمرحلة جديدة لم تظهر معالمها بعد. لكن إن كانت الأمور على حالها، فإن القرار نفسه يكون سعودياً محضاً، ويكون مبرراً إن كان «الإخوان» لا يزالون يتربعون على عرش مصر ومشروعهم في المنطقة في حال تصاعد. أما وقد باتوا ملاحقين في أكثر من مكان في العالم العربي، فإن الحراك السعودي يبدو نافراً ويعكس شعوراً لدى حكام الرياض بأن هذه الجماعة تمثّل خطراً وجودياً عليهم، التهديد الأبرز على كينونتهم؛ لكون الجماعة تلك تغرف من الصحن السني نفسه، وبالتالي تصبح معركتا السعودية مع قطر والإخوان، تكاملية، تغذي الواحدة الأخرى.
وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت في بيان، ما وصفتها بـ«القائمة الأولى للأحزاب، والجماعات، والتيارات» التي تعتبر «منظمات إرهابية»، وهي تشمل «تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق، وداعش، وجبهة النصرة، وحزب الله السعودي، وجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثي». وأشار البيان إلى أنه يدخل في إطار المنظمات الإرهابية أيضاً «كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات، فكراً، أو قولاً، أو فعلاً، وكافة الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية وعُرفت بالإرهاب وممارسة العنف». وقالت الوزارة إنها «ستقوم بتحديث هذه القائمة بشكل دوري». وأكدت أنه «لن يكون هناك أي تساهل، أو تهاون مع أي شخص يرتكب أياً مما أشير إليه».
وحذرت الوزارة من أن «من يخالف ذلك بأي شكل من الأشكال منذ هذا التاريخ ستتم محاسبته على كافة تجاوزاته السابقة، واللاحقة لهذا البيان». وأشار البيان إلى أنه يمنح «كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت مهلة إضافية، مدتها خمسة عشر يوماً اعتباراً من صدور هذا البيان لمراجعة النفس والعودة عاجلاً إلى وطنهم». ويأتي إعلان هذه القائمة من قبل لجنة، صدر أمر ملكي بتشكيلها في 3 شباط الماضي، ونص على أن تقوم تلك بتحديد «التيارات أو الجماعات – وما في حكمها – الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة».
وقضى الأمر الملكي بمعاقبة من انتمى إلى تلك التيارات أو الجماعات، المصنفة منظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، وكل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت، بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة، وتغليظ عقوبة تلك الجرائم إذا كان مرتكبها «عسكرياً» لتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على ثلاثين سنة.
وكان الأمر الملكي قد قضى بتشكيل لجنة من وزارات الداخلية، الخارجية، الشؤون الإسلامية والأوقاف، الدعوة والإرشاد، العدل، فضلاً عن ديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة ـ تحدث دورياً ـ بالتيارات والجماعات المصنفة «كمنظمات إرهابية»، أو مؤيديها.
وفي السياق، قررت السلطات الموريتانية إغلاق جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم، المحسوبة على جماعة الإخوان، التي يرأسها العالم الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قبل أن تباشر حملة قوية لإغلاق فروع الجمعية على مستوى كافة المدن الموريتانية.
(الأخبار)



«الإخوان»: لا تنظيم لنا في السعودية

قال رضا فهمي، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة «ليس لها أي تنظيم بالمملكة العربية السعودية»، قبل أن يضيف: «لكن هناك من يؤمن بأفكار الجماعة المعتدلة شأن الكثيرين في الدول العربية». ورأى فهمي، الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشورى المصري المنحل، أن السعودية بهذا القرار «تسير على نفس توجه الإمارات التي حاكمت وطاردت من تظن أنهم ينتمون إلى الإخوان».
واتهم السعودية بـ«التدخل في الشأن المصري»، مرجعاً قرارها إلى «الخوف من نجاح أي حراك شعبي في مصر»، ورابطاً بين قرار يوم أمس وما وصفه بـ«الصراع» مع قطر، الذي أشعلته السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من الدوحة.
بدوره، وصف نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، زكي بني أرشيد، القرار السعودي بـ«المتسرع والانفعالي، لا يمثل طبيعة المنهج السعودي في التعامل مع الأحداث والمستجدات التي تشهدها الساحة العربية». وأضاف أن «تنظيم الجماعة ليس عدواً للأمة العربية، ولا يستهدف أي دولة عربية، بل هو تنظيم حضاري متطور، يهدف إلى النهوض بالأمة العربية، والرقي بالحريات والديموقراطية».