حلقة خاصة – إلى نصري شمس الدين
يحكم "فاتك المتسلِّط" (أنطوان كرباج) أرض "جبال الصوّان" وأهلها بيدّ من حديد. بعد مقاومة شرسة قتَل "مدلج" (منصور الرحباني) فاعتقد أنه تخلّص من سلالة ثائرة. ظهرت "غربة" (فيروز)، إبنة "مدلج"، فدبّت روح الثورة في أهل "جبال الصوان" من جديد. يحاول رجال فاتك ترهيب الأهالي. يطلبون من المغنّي "عبدو الراوَنْدي" (نصري شمس الدين) كتابة قصيدة مديح بالحاكم الظالم في عيد النصر. يرفض الأخير. يعتقلونه. وفي يوم العيد، يحضرونه فيلقي موّالاً ثورياً مناهضاً لفاتك. يفقد الأخير صوابه بسبب عصيان الأهالي غير المتوقَّع، ويشعر بأن كرة الثلج التي ستطيح به كبرَت منذ عودة "غربة".
عُرضَت هذه المسرحية في بعلبك عام 1969. إنها الذروة التي كان قد بلغها الأخوين رحباني وفيروز في المسرح الغنائي الشعبي قبل هذا العمل وحافظوا عليها بعده. تطغى الكتابة الموسيقية الأوركسترالية على معظم الحوارات الملحّنة والموسيقى الصامتة والأغنيات التي تحتويها هذه المسرحية الجميلة. حتى الموّال الذي نسمعه اليوم تمهِّد له الوتريات (والأكورديون والبيانو). إنه موّال العصيان، يلقيه نصري شمس الدين ويليه ردّ فعل الأهالي والحاكم وجماعته ثم الموسيقى العسكرية التي تعلن الإنهاء القسري للاحتفال.
في مثل هذا اليوم رحل نصري شمس الدين، إحياءً لذكرى الصوت الجميل، والأهم لروح الرجل الطيب، نقدّم هذه الحلقة من "المكتبة الموسيقية"... حلقة مختصرة، تماماً كما كان نصري يعبِّر عن أحاسيسه في الأداء: لا مبالغات، لا ادعاء، لا إبهار مجّاني ولا مفاخرة.
الدنيا أذواق، كما يقال بالعامية. كثيرون يميلون إلى وديع الصافي، وهذا أكثر من طبيعي. نحن يا جماعة من "جماعة" نصري، ولا يهمّ إن كان هذا طبيعي أو أكثر من ذلك.