الكلّ أراد انهيار برشلونة في فترةٍ ما. قوة الفريق الكاتالوني ما انفكت تتعاظم منذ منتصف الألفية الجديدة، فذهب الى حصد الالقاب المختلفة. وفي ظل تلك الهيمنة المطلقة التي فرضها «البلاوغرانا» لمواسم عدة، كان من الصعب على اي احد توجيه ضربة له، ان كان على ارضية الميدان او في المكاتب الادارية. إذ بنى قوة استثنائية استمدها من رغبة كل لاعبٍ نجمٍ في العالم بالانضمام اليه، وهذا ما ثبت في حالاتٍ عدة لعل ابرزها انتقال الفرنسي تييري هنري والسويدي زلاتان ابراهيموفيتش وغيرهما الى «كامب نو»...
لكن اليوم يبدو الوضع مختلفاً، ويبدو «البرسا» متاحاً لإغراقه، فالمشاكل الادارية لم تترك مجالاً للكاتالونيين للاحتراس مما يمكن ان يواجهوه من تحديات تضرب مسيرتهم، وهو الامر الذي يمكن ربطه ايضاً بالمستطيل الاخضر، فالوضع الفني لم يعد كما كان في ظل تضييق المنافسين المحليين والاوروبيين للهوة مع الفريق الكاتالوني الذي بات مثله مثل اي فريقٍ قوي آخر.
وهنا الكلام لا يأتي في سياق القول ان برشلونة هو ضحية مؤامرة، لانه بالتأكيد وقع في اخطاء مميتة دفعت الاتحاد الدولي لكرة القدم الى انزال عقوبة مؤلمة بحقه. لكن من دون شك لا يمكن ان تأتي هذه العقوبة بلا أي وشاية من بعض النافذين الذين يهمهم اضعاف «البرسا»، وهو امر ذهبت صحيفة «إل موندو ديبورتيفو» الى تناوله متهمة نائب الرئيس الثالث في ريال مدريد بدرو لوبيز الذي يشغل منصباً في لجنة لوائح اللاعبين في «الفيفا» بالتورط بما أقرّه الأخير.
ضربة لصورة
برشلونة في ما يخصّ مساهماته الانمائية والانسانية


وهذه النقطة لا يمكن استبعادها ابداً، وخصوصاً ان «لا ماسيا» التي كانت في صلب انشاء برشلونة لفريقٍ رهيب، مثلت عقدة لنادي العاصمة، وتحديداً عندما ذهب جمهوره الى التعبير عن استيائه لعدم قدرة اكاديمية ريال مدريد المسمّاة «لا فابريكا» على مجاراة تلك الخاصة بنظيرتها الكاتالونية لناحية تقديم لاعبين من ابناء النادي (حتى لو كانوا اجانب) يشعرون المشجعين بارتباط وثيق مع الفريق، ويفتخرون ان نجاحاتهم لا تفرزها فقط الاموال الطائلة التي تصرف في التعاقدات عادة.
مصدرٌ مقيم في برشلونة وقريب مما يحصل في القضية الاخيرة، قال لـ«الأخبار» ان الفرق الاسبانية المناوئة لبرشلونة تعرف تماماً ان «هناك اكثر من ميسي في «لا ماسيا» ما يعدّ خطراً كبيراً عليها، وخصوصاً ان كشَافي برشلونة يبرعون باختيارهم المواهب المناسبة، عبر جولات مكوكية حول العالم، والدليل ان ابرز اللاعبين المشكلة حالياً هم من كوريا الجنوبية ونيجيريا والكاميرون، ما يعني ان «البرسا» كان يحضّر مفاجآت غير متوقعة وغير سارة لخصومه تكون انعكاساتها ابعد من مسألة حصد النتائج الطيّبة». وهنا يتساءل: «هل تعرفون ما معنى ارتداء لاعبٍ كوري لقميص برشلونة في «الليغا»؟ هل تعرفون ان برشلونة لن يترك فلساً واحداً لخصومه في اسواق الشرق الاقصى التي تغازلها كل الاندية الكبيرة، وذلك بسبب خطوة كهذه حيث بالتأكيد ستتعاظم شعبيته وتصل الى مستويات غير مسبوقة».
اذاً لا يمكن اسقاط نظرية المؤامرة في ما حصل، لكن في مكانٍ ما لا بدّ من الاشارة الى غباء إداريي النادي الكاتالوني وتلهيهم بمشاكلهم الخاصة، ضمن الصراع الذي عرفناه في اعوام بين تيارين داخل اللجنة الادارية. والتصويب هنا يأتي لناحية أن المشكلة بدأت عام 2009، اي في عهد الرئيس السابق جوان لابورتا من دون ان يتنبّه احد الى ضرورة معالجتها طوال خمسة اعوام، وخصوصاً مع استمرار الصراع بين ساندرو روسيل الذي استقال اخيراً اثر فضيحة صفقة انتقال البرازيلي نيمار، وبين الرئيس الحالي جوسيب ماريو بارتوميو الذي كان ينوي نسخ نجاحات لابورتا عبر استراتيجية وضعها لتعزيز صفوف الفريق في الصيف المقبل، وكان قد بدأها بتوقيع عقدين مبدئيين مع موهبتين مثيرتين للاهتمام، هما حارس المرمى الالماني مارك أندريه تير شتيغن والكرواتي ألن هاليلوفيتش.
فعلاً هي صدمة لبرشلونة، وخصوصاً في ما خصّ التهم الموجّهة اليه، وهو الذي سبق ان حاز على اشادات من «الفيفا» بسبب عمله في «لا ماسيا»، إذ يؤمّن للاعبين المميزين برنامجاً تعليمياً وصحياً قد لا يجدونه في مكانٍ آخر، وخصوصاً أولئك الآتين من الشوارع او البلدان الفقيرة. كذلك هي ضربة لصورته في ما يخصّ مساهماته في مشاريع انمائية – انسانية طوال الاعوام الماضية، كان اهمها حمله شعار مؤسسة «يونيسف» على قميصه.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem