على اللوحات الإعلانية المنتشرة في شوارع بيروت هذه الأيام، تزدان عارضة Blue Gold بالماء المنساب «المتشظي» من أذنيها وعنقها بدلاً من الذهب. تتصدّر اللوحة عبارة «الميّ ذهب، صوِّت لمشروع Blue Gold».
هذا في الشارع، أما على الشاشات، فظهر الممثل اللبناني جوزف بو نصّار في إعلان ترويجي (دقيقتان ــ متوافر على موقعنا) ترافقه رسوم غرافيكس، محاولاً إقناع المشاهدين بأهمية وصوابية هذا المشروع. في هذا الإعلان، تستخدم صورة العائلة النواتية لبث روح «الطمأنينة» تجاه ما سيدّره هذا المشروع من أمان وصحة! كغيره من الفيديوات الترويجية المتلاحقة، استخدم هذا الشريط لغة العين والإبهار لإقناع المشاهد. في أشهر معدودة، تحوّل «مشروع الذهب الأزرق» (الأخبار 14/12/2013 ــ 22/3/2014) إلى أخطبوط على الساحتين الإعلانية والإعلامية. في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت الانطلاقة مع «ملتقى التأثير المدني» الذي يطرح نفسها بديلاً من الدولة، لكن أكثر ما يثير الاستغراب، هو حضور الدولة ورعايتها الكاملة لهذه الاحتفالية. المشروع الذي يدّعي حماية واستثمار الثروة المائية اللبنانية عبر خطة خماسية، تديره في الحقيقة نخبة من رجال الأعمال أصحاب المصالح الذين استغلوا عجز الدولة عن إدارة قطاعها المائي ودخلوا من هذه الثغرة تحت غطاء «حماية» هذه الثروة والوعد بمستقبل آمن للأجيال المقبلة (الأخبار 4/4/2014)!
الأخطبوط الذي مدّ أيديه وأرجله عبر التسويق وأدخل الناس في مشروعه عبر حثّهم على التصويت على موقعه الإلكتروني، ما لبث أن تغلغل في وسائط الإعلام والتواصل. يكفيك أن تفتح أي فيديو على يوتيوب مهما كان موضوعه، حتى يظهر الشريط الترويجي المذكور.
ترويج مكثّف
للمشروع المشبوه
وصل إلى نشرات الطقس في القنوات المحلية
وأكثر، ذهب هذا التغلغل بعيداً ليحكم سيطرته على الجسم اللبناني بأكمله. دخل الترويج أروقة القنوات المحلية وبدأت تنهال الإعلانات وتعرض في أوقات الذروة، خصوصاً قبل نشرات الأخبار المسائية. اللافت هنا، عدم استثناء أي قناة من هذا «المدّ»، مهما كان لونها وتوجّهها وخطها السياسي. التوظيف الأبرز تمثّل في دخول الشريط إلى نشرات الطقس لربطها بالمياه، وبالتالي الترويج للمشروع ضمن هذا السياق.
بداية، كان الإعلان يظهر أسفل الشاشة في هذه الفقرات كصورة ثابتة تدعو إلى التصويت، قبل أن يتحوّل أخيراً إلى نص تسويقي واضح. أكثر الشاشات تبنّياً لـBlue Gold هي mtv. خصصت القناة له مرّة دقائق عدة في نشرة أحوالها الجوية. وقفت المذيعة بعد انتهاء عرضها لأحوال الطقس وقالت: «الميّ هي وحدة من كنوز لبنان اللي لازم نحافظ عليها. mtv تدعم مشروع Blue Gold. تبنّوا الخطة وإنشاء «المجلس الوطني للمياه» تتكونوا عم تسعوا لتحسين إدارة المياه وحمايتها». بعد تعداد الأرقام التي سيدّرها المشروع، ومئات الأمتار المكعبة التي سيوفّرها في السنوات المقبلة، دعت المذيعة إلى التصويت عبر الرسائل النصية والموقع الإلكتروني. إذاً، «تطوّعت» الأجهزة الإعلامية والاتصالية مجدداً لخدمة مشروع مشبوه من دون الالتفات إلى خطورته.

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab